تنظّم مؤسسة دار الحديث الحسنية ندوة دولية في موضوع : توثيق السنة النبوية خلال القرنين الأول والثاني الهجريين: الوسائل والإشكالات والاتجاهات والآثار

تنظّم مؤسسة دار الحديث الحسنية ندوة دولية في موضوع :

توثيق السنة النبوية خلال القرنين الأول والثاني الهجريين: الوسائل والإشكالات والاتجاهات والآثار

بتاريخ 27 -28 أكتوبر 2026

ديباجة

ديباجة الندوة:

تعدّ السُّنّة النبوية الشريفة بأقوالها وأفعالها وتقريراتها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي عند المسلمين، إذ هي المُبيّنة لكتاب الله جلّ وعلا، من خلال  توضيح مُبهمه، وتفصيل مُجمله، وتخصيص عُمومه، وتقييد مُطلقه، وسوى ذلك ممّا اختصت به السنة مِن مفردات سلطة البيان، وبدونها يمتنع ويتعذّر الفهم السليم لكثير من أحكام الكتاب المبين. 

وهذه الحقيقة السّاطعة أطبق عليها المسلمون كافة، من زمن الصحابة إلى يوم الناس هذا؛ فمثلت السنة عندهم منذ البعثة النبوية البيان العلمي والعملي للخطاب القرآني، وتناقلها أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم باعتبارها تشريعاً، وأجوبة شافية لأسئلتهم التشريعية الفقهية والعلمية، النابعة من الخطاب القرآني.  

ولمّا كانت السنة النبوية المنيفة بهذه المكانة والمنزلة من الدين؛ في جزئياته وكلّياته، فقد اعتقد المسلمون بأن الله جلّ وعلا تكفل بحفظها كما حفظ كتابه المبين؛ لأن ذلك من مُستغرَقِ عمومِ قوله تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾[1]،  وقوله تعالى: ﴿إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرآنه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه﴾[2] كما اعتُني بتوثيق موضوعاتها ومجموعاتها منذ زمن النبوة وعصر الصحابة، ثم تطوّر الأمر بعد ذلك، خاصة في القرنين الأول والثاني، سواء من جهة الجمع أو النَّسخ  أو الكتابة أو التدوين أو التصنيف. ويشهد لهذا مَن تتبّع بمزيدِ تأمّل ورَوية كُتب أئمة الحديث والتاريخ والتراجم والأخبار، وسيقف لا محالة على نصوص وإشارات قطعية دالة على التوثيق المبكر للسنّة المصطفوية. 

وقد قيَّض الله جلّ وعزّ للعناية بالسنة جيوشاً جرّارة من ذوي الهمم العالية والعزائم الجبّارة، لا يدخلون تحت العَد أو الحصر، أفنوا أعمارهم؛ رحلةً في طلبها، وتدويناً لمتونها، وضبطاً لألفاظها، ونخلاً لأسانيدها، وسبراً لرُواتها، وتوجيهاً لمشكلها، حتى صارت السنة المطهرة وعلومها من مفاخر هذه الأمة. 

وعلى مهيع الصحابة في الاعتبار التشريعي للسنة، سار جيل التابعين ومن بعدهم. لكن هذا الإجماع لم يمنع من بروز اتجاه نظري لم يكن قويا؛ يرى اختصاص القرآن بالتشريع دون غيره، ويمكن أن نرصد أدلته ومُراجعتها فيما ألفه الإمام الشافعي إبّان النصف الثاني من القرن الثاني، وبخاصة في كتابه “جماع العلم”، وكان من أهم الأدلة التي استندوا إليها في رفض حجية السنة مسألة المصداقية في النقل وتوثيقها، إذ لم تحظ بما حظي به القرآن. 

ولقد رافق هذا النقاش النظري تطورٌ لافت في مواجهة التحديات المتلاحقة في ضبط مفهوم السنة، وما يضمن موثوقية نقلها والتعبير عنها، من الناحية العلمية النظرية، إلا أن هذا النقاش النظري، المتعلق بالمفهوم، ووسائل التوثيق الآمن، كان مصاحبا لواقع يتداول فيه العلماء مصطلح السنة باعتبارها بيانا نبويا، وواقعا تشريعيا، فلم تكن في يوم ما قطيعة بين الواقع التشريعي، ومناقشة حجية الأحاديث، باعتبارها أخبارا توثق الموروث النبوي. 

ولقد حافظ التقليد في التأليف الأصولي على تقرير حجية السنة، وبحث مصداقية نقلها في صورة أخبار، واستمر هذا الأمر إلى ما قبل قرنين من الزمن، حيث برز إشكال مصداقية التوثيق، من خلال اعتبار الأولوية للوثائق المكتوبة، وإدخال الشك فيما سواها، وحتى المكتوبة منها لم تسلم من غوائل الطعن وبثّ الشُّبه، والزعم باختلاقها في فترات محددة، فرُفِضت بذلك معظم مدونات السنة المعتمدة. 

ويؤرخ لهذا بما تلى نجاح المدرسة الغربية في تناول الكتب المقدسة عند غير المسلمين، وبحث التوثيق المبكر لها، وافتراض الشك في موثوقيتها، وبرزت نظريات متعددة بخصوص الحديث النبوي المصنف، وأخرجت لنا المطابع العديد من البحوث والدراسات ذات المداخل المتعددة والمناهج المتنوعة التي تنصر هذا الاتجاه أو ذاك، بخصوص مصداقية نقل السنن النبوية وعدمها. 

وتعدد إشكالات البحوث والدراسات، في الجامعة ومراكز البحث الغربية، وتنوع اعتبارا للخلفيات، فلا تكاد يخفت إشكال حتى يظهر آخر. وعلاقة بالسنة فإن الجميع ينطلق من أن المصادر التي توثق السنة لا يمكن الاستناد إليها لكونها دونت بعد قرن من زمن النبوة، وعليه فلابد من تأريخ يعتمد مصادر من خارج هذه المنظومة. لكنها نظرية لم تصمد لدى أصحابها، بله غيرهم، فتكاثرت النظريات والنظريات المناقضة! مما يلح ببحث هذه الإشكالات وتقويمها، وكذا المناهج التي اعتمدت في تقريرها.    

كما برزت اتجاهات أعادت النظر في مفهوم السنة، ورتبت عليه آثارا، تمت بموجبها مراجعة كثير من الأحكام الفقهية والعلمية العقدية، والعادات الاجتماعية والسلوكية التي استقرت بها المجتمعات الإسلامية، وأعادت إلى الواجهة نظريات اختفت بما تحقق من إحكام للتقعيد الأصولي، وأهمها حصر السنن في الأحاديث وحدها، وتعطيل أو تبخيس الجهد المتراكم للدرس الفقهي المذهبي.  

وإذا كانت بعض المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية قد أبدعت مناهج في الدراسة، كالبحث فيما وراء الأسانيد، والدراسات المقارنة، وتقويم المناهج الغربية والاستعرابية، فإن باب البحث في السنة يبقى مفتوحا على مصراعيه للوصول إلى تحقيق تراكم معرفي، يساعد في الكشف عن القوي من المناهج واعتماده، لكي يتحقق اليقين بوثوقية السنة.   

وفي ظل اهتمام مؤسسة دار الحديث الحسنية بالموضوع تدريسا وتحقيقا وبحثا، تنعقد هذه الندوة للبحث والنظر في توثيق السنة وحجيتها خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، والتتبع العلمي الدقيق لنصوص وآثار هذه الفترة التأسيسية؛ بالجمع، والتوثيق، والنقد، والتوجيه، وتفصيل القول في الوسائل المعتمدة والاتجاهات المتَّبعة، والآثار التاريخية، مع تحرير مواضع الإشكال بين المدرسة الإسلامية الأصيلة ومدارس النقد المعاصرة، سيما في موضوع مصداقية المصادر الإسلامية. 

أهداف الندوة: 

تبرز أهداف الندوة في ضوء دراسة القضايا الآتية: 

  • تطوير مناهج بحث أصيلة من المادة العلمية المتعلقة بالدراسات الإسنادية، من خلال بحث ما وراء الأسانيد، طلبا لليقين بالتوثيق والحجية، وتحديثا لأساليب العرض والمناقشة. 
  • استنهاض الهمم لإبداع مناهج تحليل وعرض جهود الأمة في توثيق السنة خلال القرنين الهجريين الأولين، وتأصيل حجيتها تاريخيا.  
  • إبداع مناهج تثبت مصداقية المصادر الإسلامية لتأريخ السنة، لدحض نظرية التشكيك فيها، وإبعادها بدعوى تأخر تدوينها.   
  • كشف اتجاهات البحث المعاصرة وآفاقها في حجية السنة واستثمارها وتوثيقها 
  • مراجعة أصول الآراء المعاصرة حول توثيق السنة النبوية وحجيتها، وتتبعها في تطورها 
  • نقد الدراسات والمناهج المعاصرة التي تناولت موضوع حجية السنة وتوثيقها.
  •  توجيه هِمم الباحثين إلى تعميق البحث والدراسة لهذه الفترة المؤسسة، لتطوير اتجاه “فقه الحديث الجماعي النسقي” عوض فقه الحديث القائم على الرأي الفردي . 

أهمية الندوة: 

تبرز أهمية الندوة من خلال الإجابة عن الإشكالات الآتية: 

  • ما هو مفهوم السنة في القرن الأول؛ قرن الصحابة والتابعين؟ وماهي مظاهره؟ 
  • هل يمكن الحديث عن مصدر نظري مرجعي مستقل خلال القرنين الأولين الهجريين؟ أم أن السنة مصدر عملي واقعي منذ اللحظة الأولى لصدورها؟ 
  •  كيف تطور الاستدلال على مصداقية نقل السنة خلال القرنين الهجريين الأولين؟ وماهي جهود المحدثين والأصوليين في مواجهة تحديات التوثيق؟ 
  • ماهي المناهج الكفيلة بتطوير البحث في توثيق السنة المبكر وإثبات حجيتها؟
  • ماهي أبرز إشكالات الدراسات المعاصرة الغربية والاستعرابية المتعلقة بالتوثيق المبكر؟ 
  • ماهي أهم النظريات والاتجاهات والمناهج التي تناولت موضوع التأريخ للسنة النبوية في الجامعات والمراكز الأكاديمية الغربية؟ 
  •  ماهي أبرز الجهود التي ناقشت هذه النظريات والمناهج؟ 
  • هل تطور البحث في موضوع التوثيق المبكر للسنة أم هو اجترار لنظريات قديمة بصياغة معاصرة؟ 

محاور الندوة: 

المحور الأول: مفهوم السنة خلال القرنين الأول، والثاني، ومظاهره، وآثاره. 

المحور الثاني: ما وراء الأسانيد ومناهج تطوير البحث في توثيق السنة المبكر، وتأريخ               حجيتها.

المحور الثالث: تقويم المناهج والدراسات الاستشراقية والاستعرابية المعاصرة للسنة النبوية. 

المحور الرابع: أصول الآراء والإشكالات حول التوثيق المبكر للسنة في الجامعات ومراكز البحث الغربية.

المحور الخامس: اتجاهات البحث في التوثيق المبكر للسنة وحجيتها في الجامعات الإسلامية: الوصف والتقويم.

المحور السادس: اتجاه فقه الحديث في دفع الشبه عن السنة النبوية. 

شروط المشاركة وضوابطها: 

يرجى من السادة الباحثين والباحثات مراعاة الضوابط الآتية: 

– إنجاز البحث وفق مقتضيات الأعراف الأكاديمية. 

– أن يكون البحث ذا صلة بأحد المحاور المقترحة. 

– أن يقدم الباحث بإشكالية البحث، ومنهج الدراسة 

– ألا يكون البحث مستلاً من بحث سابق أو جزءاً منه. 

– الالتزام بقواعد البحث من جهة تقسيم الموضوع إلى مباحث ومطالب وغيرها، مع تقرير ما خلص إليه العمل من استنتاجات، بمنهج تركيبي. 

– كتابة الآيات بالرسم المصحفي، وتخريج الأحاديث تبعا لما يقتضيه المنهج العلمي في ذلك. 

– الالتزام بالتوثيق في الاقتباس مع ضبط الإحالات. 

– ألا يقل البحث عن 20 صفحة، ولا يزيد عن 25 صفحة A4، بما فيها الملاحق ولائحة المصادر. 

– تذييل البحث بما يناسب من توصيات.

– أن يرسل البحث بصيغتي (Word وPDF)، نوع الخط (Traditional Arabic)، حجم (16) للمتن، و(14) للحواشي، إلى البريد الالكتروني: nadwatsounna@edhh.ac.ma  

تواريخ مهمة: 

– آخر أجل لتوصل المؤسسة باستمارة الباحثين الراغبين في المشاركة في الندوة: 31/09/2025.

– يرجى أن يتضمن ملخص البحث ما بين 250 إلى 300 كلمة، توضح فكرة البحث وعناصره الأساسية. 

– تاريخ الإعلان عن الملخصات المقبولة: 31/10/2025.

– آخر أجل لاستلام البحوث المحررة: .31/ 01/2026.

– تاريخ الإعلان عن المشاركات المقبولة على صفحة موقع المؤسسة: 01/03/ 2026.

– تاريخ التوصل بالبحوث المعدلة: 01 /04/ 2026.

– تاريخ انعقاد الندوة: 28-27/10/2026. 

للتواصل:

– د. بوشتى الزفزوفي:  661547326  (212+)

د. طارق طاطمي:  673714876  (212+)

دة. حنان بنشقرون:  661840761 (212+)

************************************************************


[1] سورة الحجر: الآية 9.

[2] سورة القيامة: الآيات 17- 19.                            

برنامج الندوة

المداخلات