الرئيسية / تحقيق النصوص على نسخة فريدة “تفسير الموطأ لأبي عبد الملك مروان بن علي البوني (ت قبل 440ھ) نموذجا”

عدد المشاهدات 13

عدد التحميلات 1

عنوان المقال : تحقيق النصوص على نسخة فريدة “تفسير الموطأ لأبي عبد الملك مروان بن علي البوني (ت قبل 440ھ) نموذجا”

الكاتب(ة) : عبد الرحيم بوحديد

 

مؤسسة دار الحديث الحسنية

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن أمتنا أمة عريقة تستمد عراقتها من ارتباط حاضرها بماضيها، ومن استمرار المنهل الذي ارتشف منه أسلافنا وأنتجوا من خلاله حضارة طبقت الآفاق.

وإذا كانت أشخاص أولئك العلماء الذين أثْروا الفكر والمعرفة قد غابت بموتهم، فإن صلتنا بهم لم تنقطع، إذ إنهم قد تركوا نتاجا علميا ضخما تمثل في كتبهم ومؤلفاتهم التي خلفوها وحفظ الكثير منها.

ورغم الجهود التي بذلت في طباعة كثير منها في الآونة الأخيرة خصوصا المؤلفات ذات الأهمية الكبرى في فنونها، فإن عددا كبيرا منها لا يزال حبيس المكتبات والخزائن ينتظر من يفك أسره.

لكن المعضلة التي تواجه الباحثين هي أن أكثر هذه المخطوطات ليست هي الأصول التي كتبها مؤلفوها بأيديهم، وإنما نسخها غيرهم.

لذلك فإن المحقق المحظوظ هو الذي يظفر بعدد من النسخ التي صححت على أصل المصنف أو فرع مصحح على ذلك الأصل. فإن هذا يمَكِّنه من المقارنة والتصحيح وإكمال النقص ليخرج بنص أقرب ما يكون لنص المؤلف.

لكن واقع المخطوطات لا يساعد دوما على الوصول لهذا المبتغى، فهناك كثير من النصوص لم يصلنا منها سوى نسخة فريدة.

ولا يزال الجدل قائما حول جواز إخراج نص ليس له سوى نسخة وحيدة، خصوصا إذا كانت مليئة بالأخطاء.

لكن جمهرة المحققين الكبار في هذا العصر يرون أن المحقق المؤهل إذا استنفد الجهد في البحث عن نسخ أخرى ولم يعد بطائل، فليس أمامه خيار سوى تصحيح النسخة التي وقف عليها بقدر المستطاع، فما حيلة المضطر إلا ركوبها.

وواقع إخراج النصوص يشهد بأن كثيرا من الكتب طبعت على نسخة وحيدة.

لكن هذا الأمر لا يخلو من مصاعب ومزالق، خصوصا بالنسبة لمخطوط مليء بالأخطاء والتحريفات، أو أصابه من عوامل التلف ما ذهب بكثير من جمله وكلماته.

وفي هذا البحث المتواضع، سأذكر بعض ما عانيته من صعوبات خلال رحلتي مع تفسير الموطأ لأبي عبد الملك مروان بن علي البوني المتوفى قبل 440ھ، وبعض سبل التغلب عليها في حدود المستطاع.

وقد قسمت محاور هذا البحث على النمط الآتي:

المبحث الأول: أهمية الكتاب وتصحيح نسبة الكتاب.

المطلب الأول: تصحيح نسبة الكتاب.

المطلب الثاني: أهمية الكتاب.

المبحث الثاني: كيف تصحح النسخة الفريدة؟

المطلب الأول: معرفة مدى جودة النسخة أو رداءتها.

المطلب الثاني: أهمية معرفة اللغة العربية في التصحيح.

المطلب الثالث: أهمية الرجوع إلى مصادر الكتاب، والمصادر التي نقلت عنه.

  • تصويب الأخطاء في أسماء الأعلام.
  • تصحيح كلمات وعبارات.
  • استدراك السقط.
  • إتمام الطمس أو الخرم.
  • فوائد أخرى:
      1. تصحيح أخطاء الكتب الأخرى بعد المقارنة.
      2. معرفة مناجم الكتب ومواردها.
  • ابن حبيب وابن وهب.
  • ابن بطال والبوني.

المطلب الرابع: التنبه للهوامش والألحاق.

المطلب الخامس: التنبه لما أشار الناسخ إلى حذفه.

المطلب السادس: متابعة سياق الكلام واستحضار السابق واللاحق منه.

خاتمة.

 

المبحث الأول : أهمية الكتاب وتصحيح نسبته

المطلب الأول: تصحيح نسبة الكتاب

تعتبر هذه الخطوة هي الخطوة الأهم في تحقيق المخطوط، ويكون ذلك بأمور منها:

  • وجود اسم المؤلف في طرة الكتاب.
  • نسبة الكتاب للمؤلف من المترجمين له.
  • النظر في شيوخ المؤلف إن كان الكتاب مسندا، أو نقل عن أحدهم بالسماع والمشافهة.
  • مقارنة النصوص المنقولة عن المؤلف بما ورد في المخطوط.
  • معرفة أسلوب المؤلف ونفسه في مؤلفاته، وهذا مما يستأنس به في الإثبات وليس بكاف وحده.
  • إحالته في الكتاب على كتبه الأخرى.

وهذه الوسائل لا يتأتى أكثرها بالنسبة لمخطوطتنا هذه، فالكتاب مبتور الأول والآخر، والمصنف لم يذكر أسانيد لنفسه ولا صرح بسماع من شيوخه، ولم يُحِل على شيء من كتبه، وليس لدينا مؤلفات له يمكن من خلالها معرفة أسلوبه.

لذلك ظل هذا الكتاب مجهول النسبة، سوى ما ظنه أحد القائمين على خزانة القرويين، فكتَبَ على طرة الكتاب: «لعله للإمام الداوديّ».

لكني حينما بدأت الفحص للتأكد من صحة هذه النسبة لم أجد ما يدل عليها، ثم تصفحت كتاب الأموال للإمام الداودي لعلي أجد تقاربا في الأسلوب، فألفيت، عكس ذلك، تباينا في الأسلوب واختلافا في عرض المسائل، إضافة إلى أن الداودي في كتاب الأموال يكثر من ذكر اسمه عند كل تعليق يورده، فيقول: «قال أحمد»، الأمر الذي لا ذكر له في شرح الموطأ.

ومما زاد شكي في نسبة الكتاب إلى الداودي أني قارنت بين النقول التي نسبت إليه في بعض شروح الموطأ كالمنتقى للباجي، وشرح الزرقاني، فلم أجد أثرا لتلك النقول في الشرح الذي بين أيدينا.

لذلك صار لزاما عليّ البحث عن مؤلِّف آخر غير الداودي، ثم اهتديت بعد لأْيٍ إلى إثبات صحة نسبة الكتاب لأبي عبد الملك البوني، ووجدت نقولا كثيرة مطابقة لما في هذه النسخة عن عدد من المصنفات كالمنتقى للباجي والمسالك لابن العربي والمشارق للقاضي عياض وشرح الموطأ للزرقاني ومواهب الجليل للحطاب وغيرها، وقد بينت ذلك بالتفصيل في الدراسة التي وضعتها بين يدي تحقيق الكتاب.

المطلب الثاني: أهمية الكتاب

من جملة المزايا التي تدل على أهمية كتاب ما:

  • ثناء العلماء عليه.
  • إمامة مؤلفه وعلو كعبه في العلم الذي صنف فيه.
  • كثرة الفوائد التي تضمنها الكتاب.
  • وفرة النقول عن كتب مهمة مفقودة.
  • استدراك المؤلف وتعقبه لمن سبقه بحجة وعلم.

وهذه المزايا كلها وغيرها موجودة في شرح الإمام أبي عبد الملك للموطأ. وقد فصلت ذلك في قسم الدراسة من تحقيق الكتاب.

المبحث الثاني: كيف تصحح النسخة الفريدة؟

المطلب الأول: معرفة مدى جودة النسخة أو رداءتها

من مظاهر جودة النسخة:

  • أن تكون بخط المصنف أو بخط عالم من العلماء.
  • أن يكون عليها حواش وتعليقات لبعض العلماء.
  • ما يكون في واجهتها أو خاتمتها من سماعات لعلماء مشهورين.
  • كون النسخة مقابلة على الأصل المنقول منه يدل على ذلك الدارات المنقوطة خلال نصوصه وما يثبته الناسخ من ألحاق أو ما يشير إلى حذفه من كلمات أو عبارات.
  • ذكر الناسخ للفروق بين نسخته وما وقف عليه من نسخ أخرى للكتاب فيكون ذلك دليلا على وجود نسخ أخرى للكتاب لم تصلنا.
  • عناية الناسخ بضبط الكلمات بالحروف أو الحركات.
  • اتباع الناسخ لنظام التعقيبة وهي أن يكتب في آخر كل ورقة الكلمة المكتوبة في أول الورقة التي تليها.

والنسخة التي بين أيدينا فيها بعض هذه المزايا فهي مقابلة بدليل وجود الدارات المنقوطة، وفيها ألحاق عليها كلمة «صح»، وفيها تصحيحات وحذف لكلمات أو عبارات كتبها الناسخ خطأ، وهي أيضا مشكولة أواخر الكلمات في الغالب مع شكل أوائلها أو أثنائها عند الحاجة وجعل علامة تشديد الحرف المشدد.

وهذا يفيد في الوثاقة بها، ويساعد في كتابة ما فيها على وجهه الصحيح وقد يساعد في استدراك ما فيه طمس أو خرم.

ومن أمثلة استفادتي من تشكيل بعض الكلمات في ذلك:

قول المصنف: «وفي هذا أن الاستنجاء [بالماء أفضل من الاستنجاء] بالأحجار، وكل ذلك جائز»([1]).

فما بين معقوفين طمس في الأصل لا يظهر منه إلا الأحرف الثلاثة الأخيرة مع شكل الأخيرة بالكسرة، فأضفت ما بين معقوفين بناء على ذلك مع السياق.

مثال آخر: «وقال مالك في المبسوط في الذي [يقدم من] سفرٍ ثم يمكث أياما، ثم يموت، أنه لا كفارة عليه. واحتج بحديث عائشة هذا»([2]).

فما بين معقوفين طمس يظهر منه جزء من النون الأخيرة، أتممته اعتمادا على السياق مع شكل آخر كلمة: «سفرٍ».

المطلب الثاني: أهمية اللغة العربية في التصحيح

ومن أمثلة ذلك:

1) «إذ لا تَخْلو الطرق من أرواث الإبل وأبوالها، فسُمِح في ذلك للضرورة»([3]).

في الأصل: «تخل» بدون واو، والأصل وجودها لأن «لا» نافية وليست ناهية.

2) «قال ابن القاسم([4]): القلس شيء يخرج من الحلق([5]) ربما /[5] كان ماء، وربما كان طعاما، فإذا أصابه ذلك في الصلاة فإن كان ماء فلْيَتمادَى([6]) ولا شيء عليه في صلاته»([7]).

هكذا في الأصل: فليتمادى والأفصح حذف الألف، لكني لم أصححها لأن لها وجها في اللغة العربية.

3) «والاستحسان أن يقرأ في الأوليين بأم القرآن وسورة في كل ركعة، وفي الآخرتين بأم القرآن فقط».([8])

في الأصل: «الأولتين»، وهو تصحيف؛ إذ لا يصح تثنية «الأولى» على «الأولتين»، وإنما يقال في تثنيتها «الأوليان» أو«الأوليين» حسب موقعها من الإعراب.

قال ابن مالك في ألفيته النحوية:

آخِرَ مَقْصُورٍ تُثَنّي اجْعَلْهُ يَا      إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مُرْتَقِيَا

 

 

المطلب الثالث: الرجوع إلى مصادر الكتاب، والمصادر التي نقلت عنه

نظرا لعدم وجود نسخة ثانية للمقابلة والتصحيح، فإنه يتعين على المحقق بذل جهد مضاعف لتصحيح النص واستدراك سقطه، وإتمام ما وقع فيه من خرم أو طمس.

وأقوى الوسائل في ذلك الاستعانة بالمصادر التي نقل عنها صاحب الكتاب المحقق أو اقتبس منها، أو المصادر التي نقلت عنه أو اقتبست منه، أو بمظان المادة نفسها عامة، فإن تلك النقول تعتبر بمثابة نسخ أخرى تمكن من ترميم النقص الحاصل في النسخة الفريدة وزيادة الوثاقة بمضمونها.

وقد استطعت بحمد الله من خلال هذه الوسيلة سد كثير من الثغرات الحاصلة في مخطوطتنا، فمن ذلك:

أ) تصويب الأخطاء والتصحيفات في أسماء الأعلام

1- نقل المصنف في ما جاء في بول الصبي([9])، حديث أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء، فنضحه، ولم يغسله([10]).

في الأصل: أم قيس بنت ملحان. والتصويب من الموطأ.

2- أورد المصنف في «القراءة في الصبح»([11]) حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد [الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء] عمر بن الخطاب الصبح، فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج، قراءة بطيئة. فقلت: والله إذا، لقد كان يقوم حين يطلع الفجر. قال: أجل([12]).

ثم قال: «قال مسلم: هذا الحديث مما وهم مالك في إسناده، خالف أصحاب هشام فيه، روى أبو أسامةَ عن هشام بن عروة [قال] أخبرني عبد الله بن عامر، ولم يذكر: «عن أبيه»، وكذلك روى وكيع وحاتم عن هشام. اھ

فهذا النص في التمييز لمسلم([13])، وقد ذكر المؤلف كلامه مختصرا، وقد سقط من الأصل: (أبو) قبل (أسامة)، والتصويب من التمييز. وهو: حماد بن أسامة القرشي. وما بين معقوفين طمس أتممته من التمييز أيضا.

3- في [باب] ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا، نقل المصنف عن ابن حبيب([14]) قوله: «وقد كان رجل([15]) آخر يقال له ذو اليدين قتل يوم بدر، وكان اسمه عمير بن عبد عمرو، من خزاعة»([16]). اھ

في الأصل: عويمر، والمثبت وهو «عمير» من تفسير غريب الموطأ، وهو المذكور في كتب التراجم([17]).

4- نقل في [باب] وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقال بشر الزهراني([18]): سألت مالكا عن رجل سماه، فقال: هل رأيته في كتابي؟، فعلمنا أنه لم يدخل في كتابه إلا ثقة.([19]) اھ

في الأصل ابن بشر الزهراني، والتصويب من كتب التراجم. وهو بشر بن عمر ابن الحكم الزَّهراني الأزدي أبو محمد البصري([20]).

5- قال البوني: «وأكثر العلماء على المنع من بيع الطعام قبل قبضه، إلا عثمانَ البَتِّي فإنه ذكر عنه الجوهري في كتاب إجماع العلماء([21]) أنه قال: لا بأس ببيع السَّلم قبل قبضه. وهذا قول مرغوب عنه لا يؤثر في الإجماع، والله أعلم». اھ([22])

في الأصل: عثمان الليتي. وهو تحريف. والصواب ما أثبته كما في نوادر الفقهاء للجوهري، وهو: عثمان بن مسلم البتي أبو عمرو البصري. وكان يبيع البتوت -وهي نوع من الأكسية-، فقيل: البتي([23]).

 

ب) تصحيح كلمات وعبارات

ومن أمثلة ذلك:

  • ذكر في [باب] ما جاء في السواك([24])، حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال: لولا أن نشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء([25]).اھ

وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف مخالف لما في الموطأ، ولفظ الموطأ: «لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء».

  • ذكر المصنف [باب] القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر فيه الإمام بالقراءة([26]).

وفي الأصل «الصلاة» بدل «القراءة» في الموضع الأول، وما أثبته من الموطأ، وقد ذكرها أثناء الشرح على الصواب.

  • قال في أثناء شرح حديث [باب] ما جاء في التمتع: «وسئل مالك في كتاب
    ابن المواز عن قول ابن عمر هذا، فقال مالك: ما يعجبني هذا، إفراد الحج من الميقات أحب إلي، صرورة كان أو غير صرورة، وقول عمر أعجب إليَّ: «افصلوا بين حجكم وعمرتكم، واجعلوا عمرتكم في غير أشهر حجكم»([27]).

هذا النص نقله الزرقاني عن مالك في شرح الموطأ([28]). في الأصل «ضرورة» بدل «صرورة» في الموضعين، والمثبت من شرح الزرقاني. والصرورة بالفتح هو الذي لم يحج. وهو يقع على الذكر والأنثى، والجمع والمفرد بلفظ واحد([29]).

ج) استدراك السقط

ومن أمثلة ذلك:

  • ذكر في [باب] صلاة المسافر ما لم يجمع مكثا، حديث مالك عن [نافع أن] ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة، إلا أن يصليها مع الإمام، فيصليها بصلاته([30]).اھ

في الأصل: «مالك عن ابن عمر أنه» وما بين معقوفين لعله سقط للمصنف أو الناسخ استدركته من الموطأ.

  • وذكر في [باب] العمل في جامع الصلاة، حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه [عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسا] أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاصي: أأصلي في عطن الإبل؟ فقال عبد الله: لا، ولكن صل في مراح الغنم([31]).اھ

وما بين معقوفين سقط من الأصل، استدركته من الموطأ.

  • وذكر في [باب] صيام يوم عرفة([32])، حديث أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: [هو صائم. وقال بعضهم:]([33]) ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره بعرفة، فشرب([34]).اھ

وما بين المعقوفين سقط استدركته من الموطأ.

  • وذكر في جامع الطلاق([35])، عند حديث ثابت الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب .. الحديث([36]).

قال: «قال علي بن المديني: كنت عند زيد بن أسلم، ومالك يسأله عن هذا الحديث عن الكلمة بعد الكلمة ويستلطفه. اھ

قلت: في ثبوت هذه القصة نظر؛ فإن علي بن المديني لم يدرك زيد بن أسلم، فإن عليا ولد سنة إحدى وستين ومائة، وزيد بن أسلم توفي سنة ست وثلاثين ومائة([37]). وقد ذكر ابن عبد البر في الانتقاء نحو هذه القصة لكنْ لها تعلق بحديث آخر. فقال: وقال الدولابي حدثنا اسمعيل بن اسحاق القاضي قال نا علي بن المديني قال نا سفيان بن عيينة قال سمعت مالك بن أنس يسأل زيد بن أسلم عن حديث عمر أنه حمل على فرس في سبيل الله، فجعل يرفق به ويسأله عن الكلمة بعد الكلمة والشيء بعد الشيء. اھ ([38]) فلعله سقط للمصنف أو الناسخ ذِكر سفيان بن عيينة.

  • ونقل في [باب] بيع الذهب بالورق عينا وتبرا، قول ابن حبيب([39]): «ولا أقول ما قالوا، ولا تسمى القلادة سقاية، بل إنما كانت كأسا من [ذهب أو ورق أتي بها في بعض المغنم، كسقاية يوسف عليه السلام التي جعلها في رحل أخيه، إنما كانت كأسا من] ورِق كبيرة يُشرَب بها ويُكال بها». اھ ([40])

وبين معقوفين سقط لعله بسبب انتقال النظر استدركته من غريب ابن حبيب.

د) إتمام الطمس أو الخرم

ومن أمثلة ذلك:

  • ذكر في [باب] النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها، قول ابن حبيب([41]): «سمي ذلك المال([42]) الخمسين [لبلوغ ثمنه] خمسين ألفا كما سمِّي «الفيوم» لخراجه كل يوم ألف دينار». اھ ([43])

وما بين معقوفين طمس يظهر منه الحرف الأخير أتممته من غريب ابن حبيب.

  • وقال في [باب] ما جاء في الصيام في السفر، وروي أن أنسا قال: نحن الصحابة يروي بعضنا عن بعض، وليس فينا من [يكذب]. اھ ([44])

وما بين معقوفين طمس في الأصل أتممته من شرح ابن بطال، فقد ذكره بنحو لفظ المؤلف([45]).

  • ذكر في حجامة الصائم([46]): حديث هِشَامٍ عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم، ثم لا يفطر. [قال: وما رأيته] احتجم إلا [وهو صائم]([47]). اھ

وما بين معقوفين طمس أتممته من الموطأ.

  • نقل في كِتَاب الْمُسَاقَاةِ، قول إسماعيل: قال مالك: كتب أمير المؤمنين أن يقسم الكُتيبةُ مع صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يقسمونها في الأغنياء والفقراء. فقيل لمالك: أ[فَتَرى] ذلك للأغنياء؟ قال: لا. ولكن أرى أن تفرقوها على الفقراء. اھ([48])

وقول مالك هذا نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار([49])، وما بين معقوفين طمس أتممته منهما.

 

 

ھ) بعض الفوائد الأخرى من الرجوع إلى المصادر

وإضافة إلى هذه الأهداف الضرورية من الرجوع للمصادر، فهناك أهداف أخرى مهمة، منها:

  • تصحيح أخطاء الكتب الأخرى بعد المقارنة

ومن أمثلة ذلك:

  • قال المصنف في [باب] النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها، عند شرح حديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن رجلا من الأنصار كان يصلي في [حائط] له بالقف-واد من أودية المدينة- في زمان الثمر، والنخل قد ذللت، فهي مطوقة بثمرها، فنظر إليها، .. الحديث([50]).

قال: قوله: «والنخل [قد ذللت] فهي مطوقة»، تذليلها أنها إذا طابت ودنا جَذَاذُها تُفْتل عَراجينُها بما فيها من قِنْوانِها لِيَذبُل [الثمر من ذلك] فيصير تمرا، فإذا فتلت العراجين تَعَطَّفت وتَذَلَّلَتْ قنوانُها بالتمر حول جرائدِ النخلِ مستديرةً بها، فذلك تطويقُها، وذلك أيضا مأخوذ من طوق القميص الدائر حول القميص. اھ([51])

فهذا الشرح مقتبس من تفسير غريب الموطأ لابن حبيب([52])، ولفظة «تَعَطَّفت» وردت في تفسير غريب الموطأ بلفظ: «تقطعت» ولعله تصحيف، والصواب ما هنا، وفي شرح الزرقاني: «انعطفت».

  • ذكر في [باب] جامِع سُبحة الضحى، عند حديث مالك عن إسحق عن أنس أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا فلأصللكم. قال أنس: فقمت إلى حصير [لنا]، قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء.. الحديث([53]).

ثم نقل عن ابن حبيب([54]) قوله: «إنما نضحه لِيُبْسِه، لينبسط إذا ابتلَّ من غير نجس كان علمه به، ولتطيب بذلك نفسه، واليتيم هو ضُمَيرة جد حسين بن عبد الله ابن ضميرة». اھ ([55])

في غريب ابن حبيب: «ليلبسه» بدل «ليبسه». وهو تحريف فليصحح من هنا.

  • وقال في النهي عن البكاء على الميت «عند حديث جابر بن عتيك… وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْع شهيد»([56]).

ثم قال: وقوله: «والمرأة تموت ببجمع» يريد تموت حاملا، أو تموت من حملها. والجمع
-بضم الجيم-: الجنين. وقيل: هي التي تموت بكرا. اھ([57])

قلت: نقل ابن العربي في المسالك([58]) الجملة الأخيرة عن المصنف على أنها من مقوله، والواقع أنه حكاها بصيغة التمريض. ثم قال ابن العربي معقبا: وهذا وهم لم يقله أحد، ثم قال: والأشهر أنها التي تموت حاملا أو تموت من حملها». وهذا الذي شهره هو الذي جزم به المصنف بعينه.

  • معرفة مناجم الكتب ومواردها

أما ما يتعلق بموارد تفسير الموطأ للبوني فلن أتطرق إليه اكتفاء بالإحالة على ما أوردته بتوسع في قسم الدراسة، وكذلك لن أتطرق للكتب التي اقتبست منه أو نقلت منه استغناء بالإحالة السالفة. وسأكتفي في هذه الإلماحة بالإشارة إلى ما لم أورده هناك.

فمن ذلك:

اقتباس ابن حبيب من ابن وهب

عُرف ابن حبيب في كتابه تفسير غريب القرآن باعتماده الكبير فيما يتعلق بتفسير الغريب على غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام كما بين ذلك العلامة عبد الرحمن العثيمين في مقدمة تحقيقه للكتاب([59])، ولمسته لمس اليد أثناء تحقيق تفسير البوني.

لكني أشير إلى مواضع أخرى اقتبس فيها عن عالم آخر لعل هذا يفتح الباب لمزيد من التنقيب عن مناجم الكتاب وموارده.

فقد وجدت ابن حبيب اقتبس بعض المواضع عن ابن وهب. ومن أمثلة ذلك:

  • نقل المصنف في [باب] قصر الصلاة في السفر، عن ابن وهب قوله: وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غابت له الشمس بسرف وصلى المغرب بمكة، وبينهما سبعة([60]) أميال، قال ابن وهب: ما أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا لطلب الماء([61]).

والعبارة نفسها قالها ابن حبيب في تفسير غريب الموطأ([62]) سوى أن عنده «تسعة» بدل «سبعة».

  • ونقل المصنف في [باب] القضاء فِي اللُّقَطة، عند حديث زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة، .. وفيه: قَالَ: فَضَالَّة الإبل يا رسول الله؟ قال: «ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها»([63]).

نقل عن ابن وهب قوله: يعني بالحذاء أخفافها. يقول: إنها تقوى على السير وقطع البلاد. اھـ([64])

وهي نفسها عبارة ابن حبيب في تفسير غريب الموطأ([65])، فلعله اقتبسها من ابن وهب.

علاقة شرح ابن بطال للبخاري بتفسير البوني

لقد وجدت تطابقا بين عبارة ابن بطال والبوني في كثير من المواضع، مما يطرح بقوة احتمال كون ابن بطال نقل من شرح أبي عبد الملك، وإن كان احتمال كونهما تواردا على الاقتباس من مصدر آخر واردا أيضا.

ومن أمثلة ذلك:

  • في [باب] ما جاء في البول قائما وغيره، عند حديث بول الأعرابي في المسجد([66]).

قال البوني: وحديث الأعرابي يرد حديث القلتين؛ لأن الدلو أقل من القلتين، وقد طهر الموضع. اھ ([67])

وهذه العبارة نفسها عند ابن بطال في شرح البخاري([68]).

  • في [باب] ما جاء في الخيل والمسابقة([69]) والنفقة في الغزو، عند حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أُضْمِرَت من الحفياء.. الحديث([70]).

قال البوني: الإضمار أن يدخل الفرس في بيت ويُجَلَّلَ عليه بِجُلٍّ ليكثر عرقه، وينقص من علفه ليضمر لحمه فيكون أقوى للجري. وفيه تجويع البهائم على وجه الصلاح عند الحاجة إلى ذلك. اھ ([71])

فنحو ذاك التفسير، وهذه الفائدة بعينها في شرح ابن بطال([72]).

  • في [باب] القضاء في عمارة الموات، ذكر حديث عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضا ميتة، فهي له، وليس لعرق ظالم حق»([73]).

قال البوني: قال ابن حبيب: «فالحكم فيه أن يكون صاحب الأرض مخيرا على الظالم إن شاء حبس ذلك في أرضه بقيمته مقلوعا، وإن شاء نزعه الظالم من أرضه»([74]).

قال غيره: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس لعرْقٍ ظالم حق» يريد: ليس له حق كحق من بنى أو غرس بشبهة، فإذا غرس أو بنى بشبهة فله حق، إن شاء رب الأرض أن يدفع إليه قيمة ما بنى أو غرس قائما فعل، وإن أبى قيل للذي غرس وبنى: ادفع إليه قيمة أرضه براحاً، وإن أبى كانا شريكين، هذا بقيمة أرضه براحاً، وهذا بقيمة ما بنى وغرس قائما.

وقال ابن حبيب: لا خيار للذي بنى أو غرس إذا أبى رب الأرض أن يدفع إليه قيمة ما بنى أو غرس أن يخرج رب الأرض من أرضه، ولكنه إذا أبى رب الأرض من دفع قيمة ما بنى، أشرك بين الغارس وبين صاحب الأرض، هذا بقيمة أرضه وهذا بقيمة غراسه أو بنيانه، هكذا أخبرني ابن الماجشون عن مالك والمغيرة». اھ([75])

ثم وجدت هذه النقول نفسها بقضها وقضيضها في شرح ابن بطال([76])، سوى اختلافات يسيرة ذكرتها في هامش التحقيق.

وهناك أمثلة أخرى اكتفيت منها بما ذكرت اختصارا.

الـمطلب الرابع: التنبه للهوامش والألحاق

ومن أمثلتها:

  • قال المصنف عند حديث الصنَابِحِيّ في فضل الوضوء([77]): قال: وقوله: «نافلةً» يريد أن خطاياه كلها قد خرجت في الوضوء، وكان مشيه وصلاته زيادة في الدرجات، والنافلة: الزيادة، [يريد] أن الصلاة تكون نافلة. اھ ([78])

ما بين معقوفين إلحاق بإشارة بسهم إلى كلمة «يريد» السابقة. وفي المسالك: لأن الصلاة ..

  • في جامع الجنائز، عند حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عَجْبَ الذَّنَبِ، منه خلق، وفيه يركب»([79]).

قال: وقوله: «كل ابن آدم تأكله الأرض» قد يمكن أن يكون خرج [مخرج] العموم وأريد به الخصوص، لأنه روي في الشهداء أن الأرض لا تأكلهم. وكذلك روي في العلماء، (فيحتمل أن يريد: [لا] تأكل الأرض [الشهداء] والعلماء)، وإنما تأكل الجنس الذي أطلقت عليه…اھ([80])

وما تحته خط هامش ملحق، أتممت ما طمس منه اعتمادا على السياق.

  • قال المصنف في باب الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد: فأما من يجد فيستحسن أن يكون عليه ثوبان، يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: «من لم يجد ثوبين فليصل في ثوب واحد ملتحفا به»، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «أوَلِكـلّكم ثوبان؟»([81]). اھ

وما تحته خط لحق في الهامش.

 

 

المطلب الخامس: التنبه لما أشار الناسخ إلى حذفه

ومن ذلك:

  • قال المصنف: الحَرَّةُ حجارةٌ سودٌ بموضعٍ /[ص40] يبعد من المسجد، فأراد: لأَنْ يُصليَ أحدكم (بظهر الحرة، خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة) بذلك الموضع، خير له من أن يفعل ما ذكر. اھ ([82])

ما تحته خط أشار الناسخ لحذفه بجعله بين هلالين، لذا حذفته من النص المحقق.

  • «قد يمكن [أنه خرج مخرج] أن يكون خرج العموم وأريد به الخصوص»([83]).

ما بين معقوفين أشار الناسخ إلى حذفه من الأصل بجعله بين قوسين، لكنه نسي أن يضيف مخرج في الموضع الثاني، فلذلك جعلت نص عبارته: «قد يمكن أن يكون خرج مخرج العموم وأريد به الخصوص». وهي عبارة تكررت للمصنف في مواضع.

  • «إنما قال ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمر من أحرم بالحج، ولم يكن معه هدي أن يفسخ الحج في عمرته، [كما أمرها هي وغيرها]، ويطوف ويسعى، ويحل الحل كله»([84]).

ما بين معقوفين، أشار الناسخ إلى حذفه بجعله بين قوسين، كتبها أولا بسبب انتقال النظر، وموضعها فيما بعد.

  • «[وقد اختلف قول مالك في ذلك] فيه جواز إيقاع الأمة في خيارها الثلاث في كلمة، لقولها: «ففارقته ثلاثا». وقد اختلف قول مالك في ذلك»([85]).

ما بين معقوفين أشار الناسخ إلى حذفه بجعله بين قوسين، كتبها أولا بسبب انتقال النظر، وقد كتبها في موضعها بعد.

المطلب السادس: متابعة سياق الكلام واستحضار السابق واللاحق منه

ومن أمثلة ذلك:

  • قال المصنف في [باب] عَقْل الشِّجَاجِ: «قال بعض العلماء: وأيضا فإنه لا يصح لابن المسيب سماع أحد من أهل بدر إلا عن [سعد بن أبي] وقاص. وقيل: إنه سمع من عمر ولم يصح. قيل مات عمر وهو ابن ثلاث سنين، وقيل ابن ثمان.» اھ([86])

فما بين معقوفين طمس أتممته من كلام سابق للمصنف([87])، فقد ذكر نحو هذا النقل.

  • قال في [باب] ما جاء في التأمين خلف الإمام: «ويحتمل قوله (إذا أمّن الإمام فأمّنوا)، يريد إذا دعا؛ لأنه جائز أن تسمِّيَ الداعيَ مؤَمِّنا، والمُؤَمِّنَ داعياً، والإمامُ داعٍ؛ لأن [أم] القرآن كلَّها دعاءٌ، فأمر من خلف الإمام أن يؤَمِّنَ على دعائه إذا سمع قراءته، فيشركهم. اھ([88])

الكلمة التي بين معقوفين ليست في الأصل، يبدو أنها سقطت منه، لأن السياق يقتضيها.

  • قال عند حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم .. ». الحديث([89])

في هذا الــ[ــحديث] عقوبة من ترك الجماعة بغير عذر.

وفيه أن العقوبة في الأموال جائزة، لقوله: «لقد هممت»، وما كان [لِيَهِمَّ بشيء لا] يراه صوابا. اھ([90])

ما بين معقوفين طمس أتممته اعتمادا على السياق.

 

 

 

 

خاتمة

لقد أسفرت هذه الرحلة المتواضعة مع النسخة الفريدة في صورة «تفسير الموطأ» لأبي عبد الملك البوني عن نتائج جديرة بالاهتمام والتأمل، منها:

  • أنه لا غنى عن إخراج النص على نسخة فريدة بعد استفراغ الوسع في التنقيب عن غيرها، إذا كانت تكتسي أهمية ذات بال في فنها.
  • مدى أهمية الإعادة والإبداء وتقليب النظر ومزيد التحري حينما تكون النسخة مجهولة النسب، أو منسوبة لغير مؤلفها.
  • لزوم الاستعانة بالمصادر الناقلة أو المنقول عنها تصريحا أو اقتباسا لاستدراك أو ترميم أو إصلاح ما اعترى النسخة الفريدة من سقط أو طمس أو تصحيف.
  • أنه كلما كان المحقق أوسع حوصلة في العلوم -خصوصا العلم الذي هو موضوع النص المطلوب تحقيقه، إضافة إلى الإلمام بالقدر الكافي من علوم اللغة العربية- كلما تمكن من سد كثير من جوانب الخلل والنقص في النص.
  • ضرورة الاهتمام بالحواشي والطرر وإثبات ما صح كونه لحقا في موضعه من النص المحقق، واستحسان إدراج ما ليس كذلك مما فيه فائدة في الهامش.
  • مراعاة سياق الكلام والتمرس والمران على أسلوب المؤلف سبيل مهم للتصحيح والاستدراك.

 

  • لزوم التنبه لما أشير إلى زيادته، حتى لا يضاف للنص ما ليس منه، وذلك له علامات ورموز مذكورة في كتب مصطلح الحديث وغيرها.
  • مدى الجناية التي يقترفها من تصدى لتحقيق نص على نسخة فريدة وليس مؤهلا لذلك، فإنه يخرج نصا ممسوخا مشوها.

وختاما، فهذا جهد المقل القليل البضاعة، عليه غرمه ولقارئه غنمه، أسأل الله أن ينفع به وأن يجعله خاصا لوجهه، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلوات ربي وسلامه على أفضل خلقه وخاتم رسله سيدنا محمد وآله وصحبه.

 

 

 

 

 

 

المصادر والمراجع

  • التاريخ الكبير، لأبي عبد الله محمد إسماعيل البخاري (ت256ھ)، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، د.ت.
  • تفسير الموطأ، لأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي القرطبي الأندلسي (ت413ھ)، تحقيق: د. عامر حسن صبري، الناشر: وزارة الأوقاف بقطر، بدون تاريخ.
  • تفسير الموطأ، لأبي عبد الملك مروان بن علي البوني (ت قبل 440ھ)، دراسة وتحقيق: عبد الرحيم أيت بوحديد، قيد الطباعة.
  • تفسير غريب الموطأ، عبد الملك بن حبيب السلمي الأندلسي (ت238ھ)، تحقيق: د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، الناشر: مكتبة العبيكان الرياض، السعودية، ط1، 1421ھـ/2001م.
  • تقريب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852ھ)، تحقيق: أبو الأشبال صغير أحمد شاغف الباكستاني، الناشر: دار العاصمة الرياض، السعودية، ط1، 1416ھ.
  • التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي (ت463ھ)، الناشر: وزارة الأوقاف بالمغرب، الطبعة: طبعت أجزاؤه في فترات مختلفة.
  • التمييز، لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261ھ)، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، الناشـر: مكتبة الكوثر، السعودية، ط3، 1410ھ/1990م.
  • تهذيب التهذيب، للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852ھ)، تحقيق: إبراهيم الزيبق، عادل مرشد، الناشر: مؤسسة الرسالة: بيروت، لبنان، ط1، 1416ھ/1996م.
  • تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (ت742ھ)، تحقيق: بشار عواد معروف، الناشر: مؤسسة الرسالة: بيروت، لبنان، ط1، 1413ھ/1992م.
  • الثقات، لمحمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت354ھ)، مراقبة: د محمد عبد المعيد خان، الناشر: مطبعة دار المعارف العثمانية بحيدر آباد، 1393ھ/1973م.
  • الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الحنظلي الرازي (ت327ھ)، تحقيق: محمد بن تاويت الطنجي، تقديم: محمد زاهد بن الحسن الكوثري، الناشــر: مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد، تصوير: دار الكتب العلمية، ط1، 1371ھـ/1952م.
  • شرح الزرقاني على الموطأ، وبهامشه: سنن أبي داود، لمحمد بن عبد الباقي الزرقاني (ت1122ھ)، الناشر: المطبعة الخيرية، د. ت.
  • شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، لمحمد بن عبد الباقي الزرقاني (ت1122ھ)، عناية: نجيب الماجدي وأحمد عوض أبي الشباب، الناشر: المكتبة العصرية، ط1، 422ھ/2002م.

 

  • شرح صحيح البخاري، لابن بطال أبي الحسين علي بن خلف بن عبد الملك البكري القرطبي (ت449ھ)، تحقيق: أبي تميم ياسر بن إبراهيم، الناشـر: مكتبة الرشد، الرياض، ط2، 1423ھ/2003م.
  • لمسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك، للقاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري (ت543ھ)، تحقيق: محمد بن الحسين السُّليماني وعائشة بنت الحسين السُّليماني، الناشـر: دار الغرب الإسلامي، ط1، 1428ھ/2007م.
  • المحكم والمحيط الأعظم، لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة المُرسي (ت458ھ)، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، الناشـر: دار الكتب العلمية بيروت، ط1، 1421ھ/2000م.
  • مشارق الأنوار، للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي السبتي المالكي (ت544ھ)، الناشـر: المكتبة العتيقة بتونس، ودار التراث بالقاهرة، د.ت.
  • مشكلات موطأ مالك بن أنس، لعبد الله بن السيد البطليوسي (ت521ھ)، تحقيق: طه بن علي بوسريح التونسي، الناشر: دار ابن حزم، بيروت، لبنان، ط1، 1420ھ/1999م.
  • معرفة الألقاب، لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت507ھ)، تحقيق: عدنان حمود أبي زيد، الناشــر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر، ط1، 1422ھ/2001م.
  • الموطأ، للإمام مالك رواية أبي مصعب الزهري (ت242ھ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، محمود خليل، الناشـر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1418ھ/1998م.
  • الموطأ، للإمام مالك رواية يحيى بن يحيى الليثي (ت244ھ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، الناشــر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2، 1417ھ/1997م. وهذه هي الطبعة التي اعتمدتها عند الإطلاق، وإن أحلت إلى غيرها بينت ذلك.
  • نوادر الفقهاء، لمحمد بن الحسن التميمي الجوهري (ت حوالي 350ھ)، تحقيق: د. محمد فضل المراد، الناشـر: دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت، ط1، 1414

([1]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني، بتحقيقي، 2/35.

([2]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/433.

([3]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/23.

([4]) نقله عنه القنازعي في تفسير الموطأ 1/131.

([5]) زاد القنازعي: مثل القيء.

([6]) الأولى حذف الألف؛ لأن الفعل مجزوم.

([7]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/24.

([8])المصدر السابق، 2/132.

([9]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/109.

([10]) الموطأ (ح165).

([11]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/139.

([12]) الموطأ (ح219).

([13]) التمييز لمسلم (105) (106).

([14]) في تفسير غريب الموطأ (1/226ـ227).

([15]) كلمة ليست في تفسير غريب الموطأ.

([16]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/158.

([17]) ينظر مثلا: معرفة الألقاب لابن طاهر المقدسي (ترجمة318).

([18]) رواه عنه ابن أبي حاتم بسنده في مقدمة الجرح والتعديل 1/24.

([19]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/260.

([20]) ينظر: التاريخ الكبير 2/80. الجرح والتعديل 2/361. الثقات لابن حبان 8/141. تهذيب الكمال 27/112. تقريب التهذيب (698).

([21]) نوادر الفقهاء للجوهري، ص231.

([22]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/250-251.

([23]) ينظر: التاريخ الكبير: 6/224، والجرح والتعديل: 6/145، وتهذيب التهذيب 3/79، وتقريب التهذيب: ص 386.

([24]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/115.

([25]) الموطأ (ح171).

([26]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/144.

([27]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/479.

([28]) شرح الموطأ للزرقاني 2/344.

([29]) مشكلات موطأ مالك ص147.

([30]) الموطأ (ح401).

([31]) الموطأ (ح469).

([32]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/503.

([33]) ما بين المعقوفين سقط استدركته من الموطأ.

([34]) الموطأ (ح1099).

([35]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/209.

([36]) الموطأ (ح1719).

([37]) ينظر: تهذيب الكمال 21/32. تهذيب التهذيب 1/658.

([38]) الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة M، ص46.

([39]) في تفسير غريب الموطأ 1/381.

([40]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/247.

([41]) في تفسير غريب الموطأ 1/229-230.

([42]) في غريب ابن حبيب: الحائط.

([43]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/165.

([44]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/415.

([45]) شرح صحيح البخاري لابن بطال 4/91.

([46]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/423.

([47]) الموطأ (ح820).

([48]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/369.

([49]) التمهيد 6/446. والاستذكار 21/198-199.

([50]) الموطأ (ح262) وما بين معقوفين طمس أتممته من الموطأ.

([51]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/164-165

([52]) تفسير غريب الموطأ لابن حبيب 1/229. وقد نقله الزرقاني عن البوني في شرح الموطأ 1/290.

([53]) الموطأ (ح419).

([54]) في تفسير غريب الموطأ 1/242.

([55]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/248.

([56]) الموطأ (ح629) .

([57]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/64.

([58]) المسالك في شرح موطأ مالك 3/574.

([59]) مقدمة تفسير غريب الموطأ 1/156-158.

([60]) في غريب ابن حبيب: تسعة.

([61]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/235.

([62]) تفسير غريب الموطأ 1/242.

([63]) الموطأ (ح2204).

([64]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/346.

([65]) تفسير غريب الموطأ 2/45.

([66]) الموطأ (ح166).

([67]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/110.

([68]) شرح البخاري 1/328.

([69]) في الموطأ زيادة: «بَيْنَهَا».

([70]) الموطأ (ح1342).

([71]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/38.

([72]) شرح البخاري لابن بطال 5/71.

([73]) الموطأ (ح2166)، مرسلا.

([74]) تفسير غريب الموطأ 2/15.

([75]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/312.

([76]) شرح البخاري لابن بطال 6/477.

([77]) الموطأ (ح66).

([78]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/38.

([79]) الموطأ (ح642).

([80]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/75.

([81]) المصدر السابق، 2/224.

([82]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/179.

([83]) المصدر السابق، 3/75.

([84]) المصدر السابق، 2/524.

([85]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 3/184.

([86]) المصدر السابق 3/446.

([87]) المصدر السابق، 3/380.

([88]) المصدر السابق، 2/150.

([89]) الموطأ (ح343).

([90]) تفسير الموطأ لأبي عبد الملك البوني 2/206-207.