الرئيسية / الرباعي المضاعف في القرآن الكريم: حصحص نموذجا.

عدد المشاهدات 13

عدد التحميلات 1

عنوان المقال : الرباعي المضاعف في القرآن الكريم: حصحص نموذجا.

الكاتب(ة) : د. فاطمة بوسلامـــــــــــــــة

الرباعي المضاعف في القرآن الكريم: حصحص نموذجا
ذ. عزيز الخطيب
مؤسسة دار الحديث الحسنية

أدّى إلى البحث في هذا الموضوع أمران، الأول: ما رأيته عند أبي بكر ابنِ دريدٍ (ت321ﮬ) في (جمهرته) أنّ العرب قالوا: «تَقّ تَقّاً، ثمّ أميت هذا الفعل، ورُدَّ إلى بناء جعفر في الرباعي فقالوا: تَقْتَقَ، وقالوا: تَتَقْتَقَ الرجل من الجبل إذا انحدر يهوي حتى يوافي الأرض على غير طريق… واستعمل رَفّ الطائر رفّا ثم أميت وقيل رَفْرَف إذا بسط جناحيه، وأميت شعَّ يشع وقيل شَعْشع…»().
أما الأمر الثاني فهو ما ذهب إليه أبو القاسم العكبري (456ﮬ) في شرح اللّمع لأبي الفتح ابن جني (392ﮬ)؛ وذلك في ما قاله ضمن حديثه عن: (المضاعف من الأفعال والأسماء) مما يمكن اعتباره تابعاً للكلام السابق وتطوراً له من أن (كُبْكِبُوا) أصلها: كُبِّبُوا، و(كفكف) من كفف وهكذا…، مستخلصاً أنّ «هذا المضاعف قد يجيء في معنى نظيره من ذوات الثلاثة كثيراً»(()).
ومعنى هذا أنّ أصلَ الرباعيِّ المضاعف() ثلاثيٌّ، وأنه بذلك يحافظ على المعنى الأصلي في الثلاثي. فهل كل رباعيّ مضاعف له أصل ثلاثي؟ وأنه يطّرد كثيراً في استعمال العرب؟ ثم بمَ تُنعت حروفه الساقطة أثناء الحكم عليها، أمِنْ ذوات الزيادة هي أم من ذوات الأصول؟
ثم ما حصيلة الفرق بين المعنيين في مثل كبب مقابل كبكب، وما المعنى الزائد مقابل زيادة المبنى؟ فاختلاف المباني دليل على اختلاف المعاني كما هو معروف.
إن هذين الأمرين كانا دافعين إلى التفكير في جمع الأفعال التي وردت على وزن (فعلل)() المضاعف في القرآن الكريم، والتفكّر في صيغها المختلفة، وبيان معانيها المتجلية في سلك نظامها، خاصة عندما رأيت أحدهم قد انتبه إلى عدم اكتراث القدماء لهذا الموضوع إلا لماما، يقول عنه الدكتور محيي الدين الدرويش: «هذا باب من أبواب البلاغة، قلَّ مَن يتفطَّن له. وقد ألمع إليه الزمخشري في (كشافه) وابن الأثير في (مثله السائر) وابن جني في (خصائصه). ولكن إلماعهم لا يعدو لغة النظر التي لا تنقع الغلة، ولا تشفي من الأوام»().
ولما هممتُ بتحرير ما تحصّل بين يديّ في هذا الموضوع وجدت بدر الدين الزركشي (794ﮬ) وهو يتحدث في القسم الخامس عشر الذي عنونه بـــــ(الزيادة في بنية الكلمة) واعياً بهذا القانون اللغوي؛ حيث كان يبدو مقتنعاً بأنه يسري أكثر على كلام القرآن؛ لأن الأمثلة الواردة عنده كانت كلها قرآنية، يقول: «واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أعلى منه؛ فلا بد أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولاً؛ لأنّ الألفاظ أدلة على المعاني؛ فإذا زيدت في الألفاظ وجب زيادة المعاني ضرورة»()، ومن الأمثلة التي استقاها (كبكبوا)()، فكان كلامه تقوية للثقة في بحث الموضوع، كما كان أيضاً موحياً بأن تُسكّ عبارة العنوان هكذا (الأوزان العليا في القرآن الكريم…) لولا أني افترضت معترضاً يعترض عليّ بسؤال مشروع، هو: وهل في القرآن أوزان سفلى أو دنيا؟!، فعدلت عن ذلك العنوان إلى هذا الذي يشهد عليه النص.
أما المنهج المتّبع في استقصاء هذا الموضوع فهو:
1- عرض أهم الآراء المجلّية لأوضاع صيغة (فعلل)؛ وذلك بتوضيح رأي كل من البصريين والكوفيين خاصة.
2- حصر صيغة (فعلل/ حصحص) في القرآن الكريم وعرضها: بذكر أسباب نزول الآية أو السورة التي تنتمي إليها المفردة قيد الدرس؛ ثم أمِنَ المدني هي أم من المكّي، ومناسبة الآية الكريمة المتضمنة لهذه المادة لما قبلها وما بعدها، ومحاولة ربط كل ذلك أو بعضه بما يساعد على زيادة اكتشاف معنى المادة المدروسة بعد النظر فيها لغة، ثم النظر في سياقها القرآني: اللغوي والدلالي …
أولا – عرض آراء العلماء في صيغة (فعلل) المضاعف:
عندما يُعرّف الصرفيّون الرباعي المضاعف بـــ«الفعل الذي فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد، وعينه ولامه الثانية من جنس واحد أيضا، نحو: زلزل ووسوس»()، فإنه يتبادر إلى الذهن سؤال: كيف يكون المعنى مع هذا التكرار الصوتي لهذه المفردات وأمثالها؟ هذا مع العلم بأن الزركشي ينصّ على أن من فوائد علم التصريف: «حصول المعاني المختلفة المتشعبة عن معنى واحد»().
في بناء (فعلل) رأيان مشهوران: رأي البصريين ورأي الكوفيين.
– أما رأي البصريين() فمفاده أن جميع حروف (فعلل) أصول، ولا فرق عندهم بين ما يُفهِم المعنى عند سقوط ثالثه وما لا يُفهم، وقد عبّر عن موقفهم ابن جني قائلاً: «فأما إذا كان معك أصلان ومعهما حرفان مِثلان فعلى أضرب‏:‏ منها أن يكون هناك تكرير على تساوي حال الحرفين،‏ فإذا كانا كذلك كانت الكلمة كلها أصولاً، وذلك نحو قلقلَ، وصعصع ، وقرقر‏. فالكلمة إذاً لذلك رباعية‏‏»().
– وأما رأي الكوفيين فالصالح للسقوط بدل من تضعيف العين، فأصل (لملم) عندهم: لمم، فاستثقلوا توالي ثلاثة أمثال متواليات، فأُبدل من أحدها حرف يُماثل الفاء.
فوزن (لَمْلَم) عند البصريين (فعلل)، ومذهب الكوفيين أن الأصل (لَمّم) بالتّضعيف، فأبدل من ثاني المضعّفين لاما؛ كراهة التضعيف، فوزنه عندهم في الأصل (فَعّل)().
وجمع ابن جني الرأيين معا عند شرحه للفظة (حَثْحَثُوا) في قول تأبّط شراً():
كأنما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُهُ     أو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبّاقِ
ليردّ على مَن يرى أنّ (حثحث) في بيت تأبط شرا أصله (حثّثوا) بتضعيف الثاء الأولى كما يقول الكوفيون في مثل هذه الكلمة؛ قال: «إنه أراد: حَثّثُوا، فأبدل من الثاء الوسطى حاء، فمردود عندنا، وإنما ذهب إلى هذا البغداديون()، وأبو بكر (ابن السرّاج) معهم أيضا،… قال(): وإنّما حَثْحَث أصل رباعي، وحَثَّثَ أصل ثلاثي، وليس واحد منهما من لفظ صاحبه، إلا أن حثحث من مضاعف الأربعة، وحَثَّث من مضاعف الثلاثة، فلما تضارعا بالتضعيف الذي فيهما اشتبه على بعض الناس أمرهما، وهذا هو حقيقة مذهبنا»().
وقد أوضح الشاطبي ميلَ ابن مالك إلى موقف الكوفيين خلال بيانه أن الحروف الساقطة على ثلاثة أقسام، منها أن يكون من المضاعف نحو: صَلَّ وصَلْصَل وعجّ وعجْعج وزلز وزَلزل، فيمكن أن يقال فيه بمذهب من رأى أنّ الساقطَ من المضاعفين زائدٌ، ويدل عليه قاعدة الناظم في الزيادة، وهي سقوط الحرف في بعض تصاريف الكلمة، وهذا مذهب الكوفيين، ومذهب البصريين خلاف ذلك؛ إذ يرون أن لا زيادة أصلا().
فالكلمة إن تضمّنت حرفاً  – أو أكثر – ولزِمها في كل تصاريفها، بحيث لا ينفكّ عنها، كان ذلك حرفاً أصلياً في بنائها. وإذا تضَمّنته ولم يَلزمْها، بل يحضرها في بعض تصاريفها ويفارقها في بعض التصاريف كان ذلك حرفاً زائداً على الكلمة بعد أن استقلت بدلالتها على معناها.
وتأتي الزيادة في العربية مقابل التجرّد المؤديان معاً إلى الاختلاف، واختلاف المباني يومئ إلى اختلاف المعاني، وإنّ البحث في اختلاف المباني – بالتجرّد أو بالزيادة – في القرآن الكريم لمن جليل الأبحاث وأشدها صلة بالإعجاز اللغوي، ومن ثمّ كان علم الصرف عموما من احتياجات المفسّر التي لا غنى له عنها، وهو إحدى الركائز الأساسية للتفسير اللغوي والإيقاعي، وقد أكد هذا عدد كبير من القدماء أمثال الزركشي الذي يقول: «وفائدة التصريف: حصول المعاني المختلفة المتشعبة عن معنى واحد، فالعلم به أهم من معرفة النحو في تعرُّف اللغة؛ لأن التّصريف نظر في ذات الكلمة، والنحو نظر في عوارضها وهو من العلوم التي يحتاج إليها المفسر»().
وإذا كان اختلاف المباني إما أن يكون باختلاف الحركات()، أو أن يكون بالتجرّد()، أو أن يكون بالزيادة، والزيادة إما أن تكون بحروف (سألتمونيها)()، أو تكون بالتضعيف، وإلا فإن الحرف من الأصول، فهذه ثلاثة أنواع استخرجها العلماء من كلام العرب بالاستقراء، «وهي أنّ الزوائد من الحروف إما أن تكون زوائد بالتّضعيف… وإما أن تكون زوائدَ لغير التضعيف، وقد استقرأ العلماء الزيادة على هذا النحو فوجدوها لا تخرجُ عن حروف “سألتمونيها”»().
ونترك -الآن- البحث في اختلاف المباني بالحركات وكذا الاختلاف بالتجرّد لا نلتفت إليهما، إلى اختلافها بالزيادة، كما نترك البحث في الزيادة بحروف (سألتمونيها) إلى البحث في الزيادة من جنس الحروف الأصول، وهو ما يدخل في جنس المكرر أو المضاعف، مع مراعاة – متى أمكننا ذلك – دقائق الفروق الدلالية الجارية بين اختلاف الحركات في هذا المضاعف.
وليس هذا المتروك بأقل خطراً ولا بأقل عظمة من هذا المذكور، بل إنهما سيّان في ذلك، وإنّ النظم والسياق يطلبان أحدَهما في موضع لا يصلح فيه طلب الآخر، وبالعكس.
ثمّ لاشك أنّ أصل بنية الكلمة في العربية من الثلاثي؛ إذ هو السهل المتداول والكثير المتناول والخفيف المستساغ، وقد وظف القرآن الكريم كل أوزان الثلاثي العشرة «وهي موجودة في القرآن وتختلف كثرةً وقلّة»()، بينما قلّت صيغ الرباعي والخماسي لثقلها، يقول أبو الفتح: «ذوات الأربعة مستثقلة غير متمكنة تمكن الثلاثي… ثم لاشك فيما بعد في ثقل الخماسي وقوة الكلفة به»().
والقرآن الكريم عندما يوظف هذه الصيغ غير الثلاثية فإنه يوظفها بحسب ما يتطلبه كل موقف؛ فتكون الكلمة الموظفة في أي موضع من مواضع القرآن متخيرة؛ لا يدقق المعنى ولا يقرّبه، ولا يصوّره ولا يجليه لفظٌ آخر غيرُه وإن ظنّه البعضُ مرادفا له، وقد عبر أحدهم عن هذا المعنى قائلا: «ولكن بعض الألفاظ في القرآن تستقل بنفسها في تصوير المعنى، وهذا يعد من الخصائص الجليلة التي انفرد بها الأسلوب القرآني حتى سما إلى ذروة البلاغة والإعجاز»()، وحقا إن كثيرا من الكلمات في القرآن الكريم تصور المعنى أحسن تصوير، أو تقوم بدور كبير في ذلك من مثل: (اثّاقلتهم)، (ضيزى)، (يصطرخون)، (اصطبر)… لكن انفراد القرآن الكريم بها لا أسلم به؛ ولننظر في كلمة (يقضقض) في بيت البحتري كيف تصور المعنى المراد حتى لتكاد تستقل بتصوير المعنى، وحتى ليكاد الذي يأتي بعدها يكون حشوا معها:
يُقَضقِضُ عُصلاً في أَسِرَّتِها الرّدى        كقَضْقَضَةِ المقْرُورِ أرعدَهُ البَرْدُ()
فيكون تكرار المقطع الصوتي وتوازنه: (قض+ قض) مناسباً لترداد صوت أنياب الذئب عند احتكاكها وتوازنه، وهذه الصورة الصوتية تضارع صورةَ أسنان تَتَقضْقضُ من شدّة برد صاحبها.
وليس هذا يعني أن مثل هذه الكلمات عند الشعراء أو عند غيرهم تماثل ألفاظ القرآن في دقة التعبير وجودة الوصف، أبدا، ولكن خفتها على اللسان، ونظمها مع ما قبلها ومع ما بعدها، ومناسبتها للسياق وتحقيقها الدقيق للمعنى المراد، كل ذلك يتفوق على أجود ما عندهم.
وإذا قرر القدماء من أمثال ابن جني في قوله السابق إن الرباعي وغيره ثقيل؛ فإن هذا الثقل قد يحصل على المستوى الصرفي والصوتي، أي عند النطق بالكلمة؛ (وذلك – مثلا- من جهة طول الكلمة أو من جهة تركيب حروفها، أو من جهة حركاتها…)، وقد يحصل على المستوى الدلالي، أي عند تبيان حاصل المعنى من اللفظ، وقد يحصل باجتماع أكثر من مستوى من هذه المستويات.
لا شك أن التعديل الذي تسمح به العربية للتخفيف من ثقل بعض الكلمات قد وضع له القدامى قوانين وضوابط بعد استقرائهم للهجات العربية وكلام العرب الفصحاء، وتطور ألفاظهم، وقد سبق الذكر أن اختلاف النحويين في صيغة الرباعي المضاعف كانت بين اعتباره من مزيد الثلاثي وبين اعتباره بناء مرتجلا وكل حروفه أصول، «فإن فُهم المعنى بسقوط أحدهما فهو زائد نحو: كفكفت الشيء بمعنى كففته، كان في الأصل كفَّفت بثلاث فاءات، الأولى عين، والثانية زائدة، والثالثة لام، فاستثقل توالي الأمثال فَرُدَّ إلى باب (سمْسَم) بزيادة مثل الفاء بدل مثل العين تخفيفاً… وكلا التخفيفين مطرد في أقيسة الكوفيين.
والبصريون فيهما مع السماع، ويرون أنّ (كفكف) وأمثاله بناء مرتجل رباعي كل حروفه أصول وليس من مادة الثلاثي في شيء وهذا تكلف، والمختار فيه ما قاله الكوفيون»().
بناءً على هذا يكون أصل (كفكف) ثلاثيا من (كفف) وزِيد فيه بالتضعيف فأصبح كفّف بثلاثة فاءات متوالية؛ الأولى عين الفعل، والثانية مزيدة، والثالثة لام الفعل، لكنهم استثقلوا ذلك خاصة عند اتصال الفعل بالضمائر، فعدلت العربية الصيغة الثقيلة (كفّفت = كفْفَفْت) إلى صيغة خفيفة (كفكفت) بإبدال الفاء الثانية كافاً، «واعلم أنه لا يكاد يجيء في الكلام ثلاثةُ أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة؛ لصعوبة ذلك على ألسنتهم؛ وأصعبُها حروف الحلق»()، وليس غريبا هذا الإجراء ولا من باب التعسف على اللغة؛ فـــ «العرب تقلِّبُ حروفَ المُضاعَفِ إلى الياء»()، «وتقصّيتُ من القصّة… أرادوا حرفاً أَخَفَّ عليهم منها وأَجْلَدَ… وكلُّ هذا التّضعيف فيه عربيٌّ كثيرٌ جيّد»()، فقد «خفّفُوا هذا النوع بإبدال أحد الأمثال ياء نحو: تَظَنَّيْت؛ لأنه من الظن»()، وإذا جاز إبدال حرف من جنس حروف كلمة بحرف من غير جنس حروف تلك الكلمة فإبداله بحرف من جنس حروفها أولى وأحرى، لأنه يحقق ما يحققه الأول وزيادة؛ فهو يحقق التكرار الحسن والإيقاع الجميل مضافا إلى الخفة المشتركة مع الأول، وذلك هو اختيار القرآن الكريم.
ثانيا –  صيغة (حصحص) في القرآن الكريم:
ولننظر الآن في صيغة (فعلل/حصحص) في القرآن الكريم؛ ثم ندرسها دراسة تحاول تلمُّس مسلك بداية الطريق إلى فهم معاني القرآن الجزئية والكلية، فلا شك أن البحث فيها يعتبر من جملة بحوث العلوم اللفظية التي هي «أول ما يُحتاج أن يُشتغل به من علوم القرآن»()، وصيغ ألفاظ القرآن الكريم جملة «هي لبُّ كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، وإليها مفزع حُذَّاق الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم، وما عداها وعدا الألفاظ المتفرعات عنها والمشتقات منها هو بالإضافة إليها كالقشور والنوى بالإضافة إلى أطايِب الثمرة، وكالحثالة والتبن بالإضافة إلى لبوب الحنطة»()، وكلام القرآن الكريم معدنُ كلّ كلام وجوهرُه، تسمو حروفه كما تسمو كلماته، وتسمو كلماته كما تسمو جمله وآياته، وتسمو هاتان كما تسمو فِقرُه وسوره، بل يسمو كله على كلام الإنس والجن، فمن أيِّ جهة أتته دراسةُ دارسٍ وجدتْ مجالا خصباً، ومرتعاً عذباً؛ لا إرهاق فيه لخاطر، ولا إعنات لرويّة؛ هو:
كَالـبَدرِ مـن حـيثُ الْـتَفَتَّ رَأَيـــتــــَهُ           يُــــــهْدي إلـــــــــــــــى عَيْنَيْكَ نُوراً ثَاقـبـــــا
كالشّمسِ في كبِدِ السّماءِ وضَوْؤُها            يَـغْشَى الــــــــــــــــبلادَ مَشَارِقاً ومغارِبا()
بل هو أعظم مما يصفون!
« حَصْحَصَ »
وردت هذه المادة اللغوية في القرآن العظيم مرة واحدة بصيغة الفعل الماضي المبنـي للمعلوم في قوله تعالى من سورة يوسف: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾().
سورة يوسف التي تحتضن المادة مكية() نزلت بعد سورة هود، وقبل سورة الحجر(). وهي السورة الثالثة والخمسون في ترتيب نزول السور على قول الجمهور. وهي بعد سورة هود، وقبل سورة الرعد في ترتيب المصحف، ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل ما ذكرت قصة يوسف عليه السلام من الإطناب، فقد ذكر الله تعالى قصة يوسف كلها في سورة واحدة، ولم يوجز فيها، ولا كرّرها كما فعل في غيرها من القصص. وعدد آيها مائة وإحدى عشرة آية اتفاقا().
وحاصل هذه القصة فرج بعد شدة، وبيان لحسن عاقبة الصبر؛ فإنه تعالى امتحن يوسف عليه السلام بالجب، والبيع، وامرأة العزيز، وفقد الأب والإخوة، والسجن، وشمول الضر وقلة ذات اليد، وبعد طول صبره وإخلاصه لله خلّصه تعالى من كيد من كاده، واكتنفه بالعصمة، وشمله بالرعاية والحفظ، وبرّأه عند الملك والنسوة حينما أنابت امرأة العزيز ورجعت إلى الحق بأن شهدت ليوسف بالبراءة مما يشينه، وندمها على اتهامها له، وكذلك كانت شهادة النسوة في حقه عليه السلام.
– (حصحص) في اللغة :
تعرّض علماء اللغة للمعنى اللغوي لمادة (حصحص)، وكان منهم شبه اتّفاق على حصر دلالاتها في مجموعة من المعاني التي تفيدها، فمما جاء عندهم:
أ – قول الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175ﮬ): «الحصحصةُ: الحركةُ في الشيء حتّى يستقرَّ فيه ويَسْتمْكِنَ منه، وتحاصّا القومُ تَحَاصّاً: يعني الاقتسامَ من الحِصّة. والحصحصةُ: بيانُ الحقِّ بعد كِتمانه، وحصحص الحقُّ، ولا يقال: حُصْحِصَ الحقُّ. والحُصاصُ: سرعة العدو في شدّة»().
ب – قول إسماعيل بن حماد الجوهري (ت393ﮬ): «[حصص]: رجلٌ أَحَصُّ بيِّنُ الحَصَصِ، أي قليل شعر الرأسِ… وحَصْحَصَ الشّيءُ: بَانَ وظَهَرَ، يُقالُ: الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ. والحَصْحَصَةُ: تحريكُ الشيء في الشيء حتى يستمكن ويستقرَّ فيه»().
ج – قولُ أحمد بن فارس (ت395ﮬ) عنها: «(حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكُّنُه، والثالث ذَهابُ الشيء وقلّتُه… والحُصاصُ والحَصُّ: العَدْوُ»().
د – وقول محمود بن عمر الزمخشري (ت538ﮬ): «حصص: أخذَ حصّتَه… وأخذوا حِصَصَهُم، وأحْصَصْتُ القومَ: أعطيتُهم حصصهم… وانْحَصَّ شعرُه، وانْحَصَّ ريشُ الطائرِ»().
وقوله كذلك: «الحصْحصةُ: تحريكُ الشيءِ، أو تحرّكه حتى يستقرّ ويتمكّن»().
ﮬ – وقول محمد بن مكرم؛ ابن منظور (ت711ﮬ): وحصحص من حصص؛ وهي في اللغة تأتي بمعان، منها: شدة العَدْو في سرعة، ويوم أحصُّ: شديدُ البرد لا سحاب فيه. والحصحصةُ: الحركةُ في شيء حتّى يَستقرّ فيه ويستمكِن منه ويثبت. والحَصْحَصةُ: التحريك والتّقليبُ للشيء والترديدُ. والحصحصةُ: بيانُ الحقِّ بعد كِتمانه، والحصحصةُ: المبالغة، وحصحص الحقُّ: ظهر وبرز().
فيلحظ فيما ذهبوا إليه أن من جملة المعاني التي قدموها لها:
– ما يوضح معناها من جهة دلالتها اللغوية، وتضامّها مع مدلولها خاصة (الظهور، والإزالة، والنصيب، والعدو…).
– ما يوضح معناها من جهة الزيادة في حروفها وصيغتها الصرفية إيذاناً بوجود (معنى: المبالغة، والترديد، والشدة، والتمكّن…)، وقد برز التوضيحان معا في كل كلام من كلام هؤلاء جميعاً.
فتكون (حصحص) ذات الأصل (حصص)، بمعنى:
٭ الإزالة والإظهار، إظهار الحق والصدع به، والتفريق بينه وبين الباطل؛ أي مأخوذ من الحصَّة.
٭ الشدّة والسرعة والحركة المفضية إلى الاستقرار والتمكّن والتثبّت.
٭ التّرديد والتّكرار والإعادة، والمبالغة.
وإذا أجملناها كلَّها، قلنا: تأتي مادة (حصحص) مضمّنة معنيين أساسين:
٭٭ البيان القوي الساطع بإزالة ما يحجبه.
٭٭ القوة المفضية إلى التمكّن؛ فالقوّة آلة التمكن وسببها.
وصيغة (فعلل) ترد متعدية غالباً، لكن قد ترد لازمة مثل: (حصحصَ الحقُّ)()، فهذا معناها في اللغة، فكيف هي في معناها في القرآن الكريم؟
– (حصحص) في القرآن الكريم:
بعض معاني (حصحص) اللغوية هو ما استقرّ عليه المفسرون عندما فسّروا هذه المفردة ضمن سياق الآية التي وردت فيها مُعضِّدِين تفاسيرَهم بأصول اللغة والشعر وأقوال السابقين وغير ذلك :
أ- يقول عبدالله بن عباس (ت68ﮬ) ومجاهد بن جبر (ت103ﮬ) وقتادة بن دِعَامة (ت118ﮬ) بأن «معنى (حصحص الحقّ) تبيّن»().
ب- ويقول أبو زكريا الفراء (ت207ﮬ): «﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾: ضاق الكذب وتبيّن الحق»().
ج- ويقول أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنى (ت210ﮬ): «﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾: أي الساعةَ وضح الحقُّ وتبيّن»().
د- ويقول ابن جرير الطبري (310ﮬ) عارضاً رأيه وخاتِماً به آراء الأئمة المفسرين من الصحابة والتابعين في هذه المادة: «وأصل حَصحص: «حصَّ»، ولكن قيل: «حصحص»، كما قيل:  (فَكُبْكِبُوا)()، في«كبوا»، وقيل: «كفكف» في«كف»، و«ذرذر» في «ذرّ»، وأصل «الحص»: استئصال الشيء، يقال منه: «حَصَّ شعره»، إذا استأصله جزًّا. وإنما أريد في هذا الموضع بقوله: (حصحص الحق)، ذهب الباطل والكذب فانقطع، وتبين الحق فظهر»().
ﮬ – ويقول أبو إسحاق الزجاج: (ت311ﮬ): «﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ أي: برز وتبيّن، واشتقاقه في اللغة من الحصّة، أي: بانت حِصّةُ الحق وجهتُه من جهة الباطل»().
و- ويقول الراغب الأصفهاني: (ت425ﮬ): «﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾، أي: وضح، وذلك بانكشاف ما يغمره، وحَصَّ وحَصْحصَ نحو: كفّ وكفكف، وكبّ وكبكب»().
ز- ويقول الزمخشري (ت538ﮬ): «﴿حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ أي: ثبت واستقرّ»().
ح- ويقول القرطبي (ت671ﮬ): «﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ أي تبيّن وظهر؛ وأصله حَصَصَ، فقيل: حَصْحَصَ؛ كما قال: كُبكِبوا في كببوا، وكفكف في كفف» وقد عزا قوله هذا إلى الزجاجي وغيره().
ثم أضاف (فمعنى حصحص الحق) أي انقطع عن الباطل بظهوره وثباته، مستشهدا بقول الشاعر:
أَلاَ مُبْلِغٌ عنـــــــــــــــــــــِّي خِداشاً فإنّهُ        كذوبٌ إذا ما حَصْحَصَ الحقُّ ظالمُ()
وهذا المعنى مجمع عليه عند كثير من المفسرين().
فيلحظ -عموماً- فيما ذهبوا إليه أنهم:
– لا يبتعدون في شرحهم لهذه المادة عن معناها اللغوي (إلا بما يراعيه السياق كما سيأتي قريبا جدا)؛ وهو اختيار معنى الظهور والجلاء اختيارا أساسيّاً، وهو المعبر عنه عندهم بـــــ (التبيّن والوضوح والبروز – كما عند ابن عباس ومجاهد وقتادة، ثم الراغب مثلا).
– يراعون الأصل اللغوي للمادة، وهو المعبر عنه عند كل من الطبري بقوله: «وأصل حَصحص: «حصَّ»، ولكن قيل: «حصحص» قايساً اشتقاقهم (فكبكبوا) من (كبّوا)…»، وعند الراغب بقوله: «وحَصَّ وحَصْحصَ نحو: كفّ وكفكف، وكبّ وكبكب».
ومعنى هذا أن المفسرين لغويون كذلك، يراعون المعنى اللغوي إلى جانب المعنى القرآني، بل راعوه واعتمدوه، غير أنهم لا يقدمونه وحده بمعزل عن المعاني الأُخَر التي ترد للمادة المعروضة أمامهم في استقراء كلام العرب.
أما الذي يراعيه السياق في مادة (حصحص) عند هؤلاء المفسرين فهو:
– ربط مفهوم المادة في سياقها القرآني بمفهومها في أصلها اللغوي، والوعي به، وهذا بيّن كما نرى عند الطبري مثلا في قوله: «وأصل “الحص”: استئصال الشيء، يقال منه: “حَصَّ شعره”، إذا استأصله جزًّا. وإنما أريد في هذا الموضع بقوله: (حصحص الحق)، ذهب الباطل والكذب فانقطع، وتبين الحق فظهر».
– تقديم مفهوم مادة (حصحص) مع مسندها (الحق) مع رعيهم مضاده (الباطل) واستحضارهم له؛ أي توضيح المفهوم باعتماد ضده، ونجد هذا عند كل من الفراء في قوله: «ضاق الكذب / وتبيّن الحق»، والطبري في قوله: «ذهب الباطل والكذب فانقطع، / وتبين الحق فظهر»، والزجاج بقوله: «بانت حِصّةُ الحق وجهتُه / من جهة الباطل».
ومن هنا صحّ منهج البحث في القرآن الكريم – عند بعضهم – بالبدء بالمعنى اللغوي للمادة مسحوبة عن سياقها القرآني ثم البحث في معناها القرآني وقد عادت إليه، ومقارنة بين المفهومين واستخلاص الدلالات، ثم رعي ضميماتها من الألفاظ؛ قبلها وبعدها، وإبراز معناها بإبدال ضميمة بضدها…().
ثمّ لننظر الآن في الصيغة الصرفية لـ(حصحص/فعلل) مستهدفين الصوت ودلالاته كاشفين – بعون الله تعالى- حصة الإيقاع في خدمة المعنى ومؤازرته للمعنى اللغوي في هذه المادة وانتظامه في سلكه، والقصد هنا معاني أصوات الحروف؛ وهو «ما يستطيع أن يحتمله صوت الحرف – لا الحرف نفسه – من المعاني النفسية… وليست المعاني النفسية – أو العواطف أو الإحساس – هي كل ما يستطيع أن يحتمله صوت الحرف، بل هو يستطيع أن يحتمل أيضاً صوراً عقلية معبرة عن الطبيعة وما فيها من المادة، وما يتصل بذلك من أحداثها أو حركاتها أو أصواتها أو أضوائها أو غير ذلك»().
إنّ من بين ما تسلكه العربية في احتواء المعنى المراد وإسعاف طالبه، إمدادُه بحرف -أو أكثر- دخيل على أصل الكلمة المعبر بها، مناسب لها، أو بإبداله وقلبه إلى قريبه صوتاً، أو إدغامه مع شقيقه أو مع قريبه، أو بتكراره هو في بنية كلمته المحتوية له، وكيفية انتظام ذلك وتشاكله مع ما قبله ومع ما بعده، كل ذلك في وجازة شديدة كثيفة، والإيجاز مطلب من بين أعظم المطالب التي بها يتفاضل جهابذة الفصاحة، ويتفوق بعضهم على بعض، وكل ذلك طرَف من معنى النظم عندهم الذي فاقت به عربية القرآن وتفوق أقوى لغات العالم عبر التاريخ.
ولنعد بعد هذا إلى مسلك العربية الذي أنبأتُ به من قبلُ للاحتجاج له فيما نحن بصدده من أمر (حصحص)، لننظر فيها مردّدين النطق بها ومكرّرين، ولنــرَ هل تمجّ الآذان سماعها، أم هل تقوى الأنفس دفع انسيابها إليها؟ ثم لننظر بعد ذلك إلى الذي حدث للمعنى الأصلي بحدوث طارئَين أصابا الكلمةَ فتمكّنا: طارئَ التضعيف؛ (حصّص = حصْصَص)، وقد استثقلوا تكرار توالي ثلاثة حروف، وطارئَ إبدال المكرر الثاني الزائد من تلك الحروف وإلحاقه بحرف من جنس الحرف الأول؛ وقد كسّروا التوالي القبيح للمتشابهات إلى المشاكلة الصوتية الحسنة، فتلبسُ بذلك الكلمةُ لبوساً حسناً: صورةَ رسمٍ وإيقاع صوتٍ.
إذا ضُعّف مثل حصصَ فإن العرب تستكره توالي ثلاث متشابهات، خاصة عند إضافتها إلى الضمائر، فكان من هذه اللغة أن بدلت الصاد الثاني المزيد بمثل حرف الكلمة الأول وهو الحاء، فتشاكلت الكلمة بعد هذا الإجراء التعديلي صوتا وصورة: (حصحص)، ولن يكون هذا التعديل كلفاً ونشازاً مادام المعنى يطلبه في سياقه ويجلبه.
إن معاني الكلمة بذلك التعديل تفيد: الزيادة، والطواعية، والشدة، والقوة، والتكرار، والتأكيد، والتحدّي، ويتبيّن ذلك في ﴿وحَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ بمعنى: «ظهر وتبيّن من جميع وجوهه»(). وبمعنى: «وضح وبان، وفيه زيادة تضعيف مثل كبّوا وكبكبوا»().
– وتحريك الحق بالبحث عنه واقتفاء أثره في الآية: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يتمثل في :
    •  دعوةِ الملك/العزيز النسوة للإشهاد.
    •  تبرئة امرأة العزيز ليوسف، «فبرّأته»().
    •  وثوقها من إقبال العزيز عليها بالتقرير، «قالت: لم يبق إلاّ أن يُقبِل عليَّ بالتقرير فأقرّت، فذلك قوله: ﴿حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾»().
    •  مناسبة الإسناد: إسناد الفعل إلى الفاعل؛ إلى الحق؛ والحق في القرآن ارتبط سياقيا بمعان عظيمة().
– واستقرارُ الحقّ وقوتُه وتمكُّنه يتمثل في :
    •  إقرار امرأة العزيز بالحق بعد وثوقها من إقبال العزيز عليها بالتقرير، «قالت: لم يبق إلاّ أن يُقبِل عليَّ بالتقرير فأقرّت، فذلك قوله: ﴿حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾»().
    •  ثبوت الحق بقول النسوة ﴿مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾، واعترافهن بنزاهة يوسف عليه السلام.
    •  ثبوت الحق بتقديم اسم الزمان للدلالة على الاختصاص، أي الآن وقع الحق لا قبله، فالقصر قصر تعيين().
    •  تقديم المسند إليه (أَنَا) على المسند الفعلي (رَاوَدْتُهُ) في جملة (أَنَا رَاوَدْتُهُ) وذلك للقصر، وإبطال أن يكون النسوة راودنه؛ «فهذا إقرار منها على نفسها، وشهادة لغيرها بالبراءة»().
    •  زيادة تأكيد صدقه بــــــــ(إن) و(اللام) في قولها ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾().
وقد تجسّد تمكّن الحق أيضاً في انكسار نفسية امرأة العزيز، وتقرّبها إلى يوسف عليه السلام، وتقديم نفسها فداء له، وذلك في قوله تعالى على لسانها(): ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾()، وهذا السلوك في التقرّب إلى المحبوب متوطّن في أساليب الشعراء كقول كثير عزة():
يَـــــــــــــــــــوَدُّ بِأنْ يُمْسِي سَقِيماً لَعَلّها           إذا سمعتْ عنهُ بِشَكْوَى تُراسِلُه
ويَرْتاحُ للمعروفِ في طلَبِ العُلا           لِتُحـــْمَدَ يوماً عند ليلــــى شـــمائلـــــُه
ولا شك أن عبارة (الآن حصحص الحقّ) تجسد صراع الحق مع الباطل، فهي تفيد أن الباطل هو الذي كان قبل الإقرار بظهور الحق، وتفاعلُ الصراع المستفاد بالمؤشرات اللغوية السابقة انتهى بغَلَبةِ الحقّ، وقَذْفه على الباطل على لسان امرأة العزيز، ومتى ما تحصحص الحق أو ظهر أو وقع أو جيء به أو قُذف به أو حُكم به أو حُقّ … إلا وغاب الباطل في أي مشهد تنازعا فيه، وإن أقصى ما يكون بينهما من تقارب هو أن يُلبس بالباطل ويُكتم من لدن أهل الكتاب كما أخبر القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾().
كما تجسّد في نفسيتها بقوله تعالى على لسانها: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾لتضيف هذا الإقرار الضمني منها إلى إقرارها السابق الصريح، فتلتمس لنفسها العزاء في نقل وضعها الخاص إلى وضع عام؛ هو أن النفس، أيةَ نفس، من شأنها الأمر بالسوء، وذلك دفعاً لملامة الناس لها, وقد عبّر عن هذا النقل دلالياً شبه الاتصال الكامل بين جملة النفي: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ التي تثير في نفس المتلقي سؤالاً يتردد في نفسه، هو: (ولماذا لا تبرّئين نفسك؟) وجملة الجواب المؤكّد: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾.
ولم ترد مرادفات من الأفعال المسندة إلى (الحق باعتباره فاعلا) – أو ما نحسبه مرادفاً- لحصحص في القرآن إلاّ (تبيّن) بالتضعيف في قوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾()، وكأن المبالغة في (تبيّن) التي يؤديها التضعيف فيها توازيها المبالغة في (حصحص) التي يؤديها التكرار بالتضعيف فيها، والله تعالى أعلم بمراد كلامه.
لعل هذه المزايا وغيرها التي انصبغت بها لفظة (حصحص) في كتاب الله تعالى، هي المزايا التي أحسّ بها ابن أبي الإصبع المصري ومن تبعه من البلاغيين عندما أجملوا قولهم في اعتبار (حصحص) في قوله: (الآن حصحص الحق) من الفرائد التي لا نظير لها، والشذر() الذي يفصل بين اللؤلؤ والذهب في العقد، والجوهرة النفيسة، وإن لم يعللوا() حسنها وفرادتها في نظم كلامه تعالى.
وأيضاً، لعل (حصحص) وما أظهرته من حسن في مكانها هنا منتظمة في سلك كلامِ ما قبلها وما بعدها هو الذي جعل جعفر بن شمس الخلافة يعقد في كتاب (الآداب) بابا في ألفاظ من القرآن، جارية مجرى المثل؛ هو البديعي المسمى بإرسال المثل، وأورد من ذلك قولَه تعالى: ﴿الآن حَصْحَصَ الحَقُّ﴾()، وذلك لما كان الحقُّ مطلبَ الجميع في كل زمان ومكان، وأنه مهما تستّر وخفيَ فإنه يظهر لأصحاب العدل والإنصاف ويتحصحص متى توفرت الأسباب لذلك، فلما كان الأمر هكذا، كان أخذُ كلامِ القرآن مثلاً مما يجوز تَفشِّيه بين الناس().
ومما زاد من حُسن هذه المادة إضافة إلى صوت الحرف وتكراره خفةُ حركاتِ الكلمة: خفة الفتحة ثم السكون ثم الفتحة مرتين، وكذلك بناء الماضي؛ «فإنّ الفتحةَ أخفُّ الحركات عندهم وكذلك الفعل الماضي»()، وهذه حقيقة لغوية «اتّفق عليها علماءُ اللغة قديما وحديثاً، وهي أنّ الضّمة أقوى الحركات وأثقلُها، ثم تليها الكسرة، ثم تليها الفتحةُ، وهي أخفُّ الحركات»()، وهي تفسِّرُ كثيراً من الظواهر اللغوية في الأبنية والتأليف().
والانتقال من السكون إلى الفتح أخف من الانتقال من السكون إلى الكسر أو الضم، وتوالي حركتين خفيفتين أخف، «ومن أوصاف الكلمة أن تكون مبنية من حركات خفيفةٍ، ليخف النطقُ بها…، ولهذا إذا توالى حركتان خفيفتان في كلمة واحدةٍ لم تستثقل، وبخلاف ذلك الحركات الثقيلة، فإنه إذا توالى منها حركتان في كلمة واحدة استُثقِلتْ».
ما تخلص إليه هذه الدراسة في النهاية هو محاولة سد فراغ لغوي قيل إن القدماء لم يوفّوه حقّه من البحث والتقصّي، وتسليط الضوء على دلالات بعض صيغ القرآن الكريم التي وصفوها في غير القرآن بالثقل متخذين المعيار الكمي سندا لهم، وكان حقا لهم أن يخلصوا إلى ذلك باعتبار الاستقراء والملاحظة المعتمدتَين عندهم، لكنّهم لاحظوا إلى جانب ذلك، التعديلَ الذي تجريه العربية، وفسّروا ما ورد من تلك الصيغ في القرآن على ضوء ذلك التعديل.
كما تمّ تسليط الضوء على تلك الإجراءات التعديلية المستندة على الذوق الفطري في الإيقاع والتكرار، والاختلاف الحاصل في ذلك بين البصريين والكوفيين، ومشايعة ابن مالك لرأي الكوفة.
وقد آمن الزركشي وغيره بأن «اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أعلى منه؛ فلا بد أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولاً»، فكان البحث في (حصحص) من جملة بحوث العلوم اللفظية التي هي «أول ما يُحتاج أن يُشتغل به من علوم القرآن».
وعند البحث والتقصي -بقدر الفهم والجهد- تبيّن أنّ المعنى الإجمالي لصيغ (فعلل) المضاعف يتوزع على دلالات المبالغة والتكرار في الحركة والقوة والترديد والزيادة؛ مفردة أو مجتمعة، ثم هي في كلٍّ لا تخرج -غالباً- عن صورة سمعية أو صورة بصرية، ثم إن تلك المعاني غالباً ما تكون حكاية للصوت، وكأن هذا التضعيف الثنائي يأذن بالمبالغة المتحصلة من ضمّ الثنائي إلى مثله، وبشيء من حكاية لصوت ما.
وبعد ذلك حاولَت الدراسة حصر موارد هذه الصيغ في القرآن الكريم مكتفية منها – هنا – بعرض (حصحص) فقط، فرأتْ أن القرآن الكريم عندما يوظف (حصحص) فإنه يوظفها بحسب ما يتطلبه الموقف؛ فكانت متخيرة دقيقة، جامعة مانعة لنقل صورة المعنى ودلالة الحدث معاً.
وقد وردت (حصحص) في القرآن العظيم مرة واحدة في سورة يوسف، وكان بعض معانيها اللغوية هو ما استقرّ عليه المفسرون عندما فسّروا هذه المفردة ضمن سياق الآية التي وردت فيها، فكانوا: لا يبتعدون في شرحهم لها عن معناها اللغوي؛ وهو الظهور والبيان إلى جانب المعنى القرآني، وربطهم مفهوم المادة في سياقها القرآني بمفهومها في أصلها اللغوي، ووعيهم بذلك الربط، وتقديم بيان معنى (حصحص الحق) مقابل (اختفاء الباطل) مما يصحح منهجهم في البحث في قضايا قرآنية.
أما لحظهم ما يراعيه السياق في مادة (حصحص) فقد تبين في تضافر مؤشرات لغوية عديدة ساندت المادة في ذاتها من أجل التعبير عن المراد: مفردات (الحق، الآن، أنا، ما علمنا عليه من سوء) وروابط دلالية (الإسناد، الاختصاص بتقديم اسم الزمان، القصر بتقديم المسند إليه (أَنَا) في (أَنَا رَاوَدْتُهُ)، التأكيد بــــــ (إن) و(اللام) في (وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
إنّ القول (الآن حصحص الحقّ) يجسد صراع الحق مع الباطل، وأنه متى ما توفّرت مؤشرات للصدع بالحق فإن مآل الباطل الدحض والزهق.
استشعر القدماء جمالية مادة (حصحص) ومزاياها؛ فعرفوا واستنبطوا معاني المبالغة بالتضعيف والتكرار، وأحسّوا بالخفّة السلسة من تركّب حروفها وترتيب حركاتها، فكان منهم من وصفها عقب ذلك بالفريدة التي لا نظير لها كابن أبي الإصبع المصري، وكان منهم من خَرَّجها ضمن أمثال قرآنية مرسلة كما نقله السيوطي في إتقانه.
إنها تشترك في بيان محصلة القصة بأن حاصلها فرَج بعد شدّة، وبيان لحسن عاقبة الصبر.  
والحمد لله رب العالمين
    •  الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (ت911ﮬ)، تح/ أحمد بن علي، دار الحديث – القاهرة (1427ﮬ – 2006م).
    •  أساس البلاغة للزمخشري (ت538ﮬ)، ط/2، دار الكتب والوثائق القومية، مطبعة دار الكتب – مصر (1972م).
    •  إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين الدرويش، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع ودار ابن كثير، دمشق –  بيروت، ط/9 (1424 ﮬ – 2003م).
    •  الأمالي لأبي علي القالي (ت356ﮬ)، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان.
    •  إيجاز البيان عن معاني القرآن لمحمود بن أبي الحسن النيسابوري (ت بعد 553ﮬ)، دراسة وتحقيق: حنيف بن حسن القاسمي، ط/1، دار الغرب الإسلامي – بيروت (1995م).
    •  إيجاز التعريف في علم التصريف لابن مالك (ت672ﮬ)، تح/محمد عثمان، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ط/1 (1430ﮬ – 2009م).
    •  البرهان في تناسب سور القرآن لابن الزبير الغرناطي (708ﮬ)، تح/ سعيد بن جمعة الفلاّح، ط/2، (محرم 1428ﮬ)، دار ابن الجوزي – المملكة العربية السعودية.
    •  البرهان في علوم القرآن للزركشي (ت794ﮬ)، تح/محمد أبو الفضل إبراهيم، ط/2، دار المعرفة، بيروت – لبنان.
    •  بلاغة الكلمة في التعبير القرآني لفاضل صالح السامرائي، ط/1، دار الفجر، بغداد – العراق.
    •  تحرير التحبير لابن أبي الإصبع المصري (ت 654ﮬ)، تح/حفني محمد شرف، الجمهورية العربية المتحدة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي.
    •  التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس.
    •  تفسير الطبري؛ (جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310ﮬ)، حقّقه وخرج أحاديثه محمود محمد شاكر، دار المعارف بمصر (1969م).
    •  تفسير القرآن لسلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت660ﮬ)، تح/ عبد الله بن إبراهيم الوهيبي، ط/1 (1416 – 1996) المملكة العربية السعودية.
    •  تنبيه الطلبة على معاني الألفية لسعيد الكَرَّاميّ السّملالي السوسي (ت882ﮬ)، تح/ خالد بن سُعود العُصَيمي، دار التدمرية – الرياض، ط/1 (1429ﮬ – 2008م).
    •  الجامع لأحكام القرآن لمحمد بن أحمد الأنصاري القرطبي(ت671ﮬ)، دار إحياء التراث العربي  بيروت– لبنان، ط/2 ( 1952م).
    •  جمهرة اللغة لأبي بكر ابن دريد ت 321ﮬ)، طبعة جديدة بالأوفست، مؤسسة الحلبي وشركاه، القاهرة، (د.ت).
    •  جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر، جمعها وقرأها وقدّم لها عادل سليمان جمال، نشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط/2: طبعة منقحة ومزيدة، (2003ﮬ).
    •  الخصائص لابن جني (392ﮬ)، تح/ محمد علي النجار، دار الكتاب العربي – بيروت، ط/2 (1371ﮬ – 1952م).
    •  جواهر البيان في تناسب سور القرآن لعبدالله الغماري الحسني (بعد 1385ﮬ)، مكتبة القاهرة، ط/3 (1427ﮬ – 2006م).
    •   ديوان أبي الطيب المتنبي (ت 354ﮬ)، تح/عبدالرحمن البرقوقي، ط/2، مطبعة الاستقامة بالقاهرة (1357ﮬ – 1938م).
    •  ديوان البحتري (ت 284ﮬ)، تح/ يحيى شامي، دار الفكر العربي، بيروت – لبنان، ط/1 (2005م).
    •  سر صناعة الإعراب لابن جني (ت 392ﮬ)، تح/حسن هنداوي، ط/2، دار القلم، دمشق – سوريا (1413ﮬ – 1993م).
    •  شرح اللّمع لابن برهان العكبري (ت 456ﮬ)، تح/ فائز فارس، ط/1 (1405ﮬ – 1984م)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت.
    •  الصحاح؛ تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري، إسماعيل بن حماد (تﮬ)، تح/أحمد عبدالغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان، ط/3 (1404ﮬ – 1984م).
    •  الفعل زمانه وأبنيته لابراهيم السامرائي، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان، ط/2 (1400ﮬ – 1980م).
    •  الكتاب لسيبويه (180ﮬ)، تح/ محمد عبد السلام هارون، دار الجيل – بيروت، ط/1 (د.ت).
    •  كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (175ﮬ)، تح/مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، دار الرشيد للنشر (1980م).
    •  الكشاف للزمخشري (538ﮬ)، تح/ عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوّض، مكتبة العبيكان، الرياض، ط/1 (1418ﮬ – 1998م).
    •  لسان العرب لابن منظور (711ﮬ)، دار الحديث، القاهرة (1423ﮬ – 2003م).
    •  مثلثات قطرب (ت206ﮬ)، تح/رضا السويسي، الدار العربية للكتاب، ليبيا – تونس.
    •  مجاز القرآن لأبي عبيدة (ت 211ﮬ)، عارضه بأصوله وعلق عليه فؤاد سيزكين، الناشر: محمد سامي أمين الخانجي، ط/1، (1381ﮬ ـ 1962م)
    •  المزهر في علوم اللغة وأنواعها لجلال الدين السيوطي (ت911ﮬ)، تح/فؤاد علي منصور، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط/1 (1998م).
    •  مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني (ت425ﮬ)، تح/ صفوان عدنان داوودي، دار القلم – دمشق/ بيروت، ط/3 (1463ﮬ – 2002م).
    •  المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية لأبي إسحق الشاطبي (790ﮬ)، تح/جماعة من الباحثين، جامعة أم القرى – مكة المكرمة، ط/1 (1428ﮬ – 2007م).
    •  معاني القرآن للفراء (ت207ﮬ)، تح/أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار، دار الكتب المصرية، ط/3 (1422ﮬ – 2001م)، أو مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، ط/3 (1422ﮬ – 2002م).
    •  معاني القرآن لأبي جعفر النحاس (338ﮬ)، تح/يحيى مراد، دار الحديث القاهرة، (1425ﮬ ـ 2004م).
    •  معاني القرآن وإعرابه للزجاج (311ﮬ)، تح/عبد الجليل شلبي، دار الحديث القاهرة، (1424ﮬ ـ 2004م).
    •  معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (ت 395ﮬ)، تح/ عبدالسلام محمد هارون، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط/2 (1389ﮬ – 1969م).
    •  الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز لأبي عبد الله الحسين الدّامَغاني (ت 478ﮬ)، تح/ محمد حسن أبو العزم الزّفيتي، القاهرة (1416ﮬ – 1996م).
المجلات والدوريات :
    •  طرق العرض في القرآن، الأهداف والخصائص الأسلوبية لعيسى باطاهر، الرسالة 178، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، الحولية الثانية والعشرون (1422/ 1423ﮬ – 2001/2002م.
    •  نظرات في أبنية القرآن الكريم لمحمد عبد الخالق عضيمة، مجلة كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية، ع/8، 1398ﮬ – 1978م.