الرئيسية / تفرد الثقة وأثره في صحة الحديث: تأصيل وتطبيق.

عدد المشاهدات 13

عدد التحميلات 1

عنوان المقال : تفرد الثقة وأثره في صحة الحديث: تأصيل وتطبيق.

الكاتب(ة) : د. عبد الهادي الخمليشي

تفرد الثقة وأثره في صحة الحديث : تأصيل وتطبيق

الدكتور عبد الهادي الخمليشي
دار الحديث الحسنية  ، الرباط
أستاذ أصول الفقه

قال الربيع بن خثيم:

  “إن للحديث نورا كنور النهار فيعرف به، وللكذب ظلمة كظلمة الليل ينكره

مقدمــة:

  الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وآله وصحبِه ومن والاه؛
أما بعــــد؛ فإن علومَ السُّنَّة من أجَلِّ علوم الإسلام، قيَّض الله لحفظها ورثَة النُّبوة، وعُدُولَ الأمَّة، فنفوا عنها تحريفَ الغالين، وتأويلَ الجاهلين، وانتحالَ المبطلين، وَهَبوا أنفسهم لهذا العلم الجليل، فاختلط بلحمهم ودمهم، فأصبحوا جزءا منه، لا يُذكرون إلا معه، فكان لهم لسان صدق في الآخرين، وما من شكٍ في أنَّهم قد أتقنوا قواعدَه، وخَبَروا مضايقَه، وحفظوا تفاصيلَه، واستوعبوا طرقَه، فميَّزوا بين الضَّعيف والصَّحيح بمجرَّد سماعهم للحديث، حتى ظنَّ النَّاسُ علمَهم كهانةً!!؟
  وأنت تقرأ كتب العلل والرجال والتخريج لا تكاد عينُك تخطئ هذه الأسماء: مالك بن أنس، شُعبة بن الحجاج، يحي القطَّان، عبد الرَّحمن ابن مهدي، أحمد بن حنبل، يحيى بن مَعين، علي ابن المديني، أبو عبد الله البخاري، مسلم بن الحجَّاج، أبو داود السِّجستاني، أبو عيسى التِّرمذي، أبو بكر النَّسَائي، أبو زُرْعَةَ الرَّازي، أبو حاتم الرَّازي، أبو بكر ابن خُزَيْمَةَ، أبو عبد الرحمن بن أبي حاتم، ابن عَدِي، ابن حِبَّان، أبو الحسين الدَّارقُطْني، وأضرابهم.
وما كان لهم أن يتبوءوا تلك المثابة؛ إلا بمنهجهم القويم، المنبثق عن استقراء تام لأحاديث الراوي، ومعارضة بعضها ببعض، والحكم على الرواة بناء على ذلك، مع التمييز بين الأحاديث التي رووها على الجادة وما أخطأ فيه الرواة، وكفى برهانا على ذلك عمل الإمام ابن عدي في كتابه الحافل »الكامل في ضعفاء الرجال«، فتجده يتتبع أحاديث الراوي كلَّها، ويسند لك ما وقع له في حديثه من الخطأ، ويختم بقوله: “وسائر أحاديثه مستقيمة”.
  ولصفاء منهجهم ووضوحه ولإخلاصهم لله في طلبه، اتحدت أحكامهم، بل واتحد ما ينقدح في نفوسهم، وإنك لتجد في نَفْسِ واحد منهم من الحديث ما عند سائرهم، فهذا أبو زرعة قال له رجل: “ما الحجة في تعليلكم الحديث؟”، قال: “الحجة أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته، ثم تقصد ابن وَارَةَ -يعني: محمد بن مسلم بن وارة- وتسأله عنه، ولا تخبره بأنك قد سألتني عنه، فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم فيعلله، ثم تميز كلام كل منا على ذلك الحديث؛ فإن وجدت بيننا خلافا في علته فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم”، ففعل الرجل، فاتفقت كلمتهم عليه!!، فقال: “أشهد أن هذا العلم إلهام”!!.
  حتى دعا الحافظ ابن حجر، رحمه الله إلى تقليدهم في أحكامهم، والتسليم لهم حيث قال:
  “… يتبين لك عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه”.
  لكن؛

  إِذَا تَمَّ أَمْرٌ بَدَا نَقْصُهُ           تَرَقَّبْ زَوَالاً إِذَا قِيلَ تَمْ

  فمع القرن الخامس بدأت الضبابية تعلو وضوح هذا المنهج، وبدأت معالمه تَدْرُس وتمحى شيئا فشيئا، حتى قال الإمام الذهبي رحمه الله: “فعلى علم الحديث وعلمائه لِيَبْكِ من كان بَاكِيا”.

لأنه تكلم في الفن غير أهله، فانحرف الدرس المصطلحي عن مساره الذي كان من الواجب أن يسير فيه، والذي رسمه المتقدمون من المحدثين، فتجد نفسك وأنت تقرأ كتابا في مصطلح الحديث غارقا في الفرضيات والمقدمات والنتائج والدعاوى والإيرادات، والتنكيت والاعتراض، والجنس والفصل والخاصة، فيضيع الدارس بين مصطلحات غريبة عن روح الحديث، ويزداد غربة عندما يحاول تطبيق ما درسه من قواعد.

  وهذا من أعظم الأسباب التي توقع في الحيرة التي تعتري الواقف على تناقض النتائج بين أحكام المتقدمين والمتأخرين.

  وإنك لتجد الحديث يحكم مالك، أو ابن معين، بنكارته، ثم تجد المتأخرين مجمعين على تصحيحه.

  وهذا يحتاج منا إلى مراجعة هذا الفن، ومحاولة تخليصه مما أدخل فيه مما ليس منه، وإسهاما مني في ذلك، سأحاول درس مسألة واحدة من مسائله الكثيرة، وهي تفرد الراوي الثقة بالحديث، لما لها من الخطر، فالحكم بصدق المُخبَر به مبني على الثقة في عدالة المخبِرِ وضبطه، والعكس صحيح، ولما كان الحكم بما يغلب على الظن؛ لا من جهة القطع؛ فإنه قد يَهِمُ الضابط، ويصدق الكذوب؛ لذلك انتحى العلماء عمليَّةَ الاعتبارِ حتَّى يستخرجوا المتابعات والشواهد، لما لها من أهمية في ترجيح أحد الطرفين، باعتبارها قرائن يستعان بها على الحكم.

  إلا أنه حينما يتفرد الراوي برواية حديث دون أن يشاركه أو يخالفه أحد، فحينئذ تكون المعضلة التي شغلت علماء الحديث، وترددت فيها أقوالهم، وكان عليها مدار قواعد السنة.

ومَبعثُ الإشكال هو: لماذا تفَرَّدَ الرَّاوي برواية حديث دون غيره من أقرانه، مع العلم أنهم شاركوه في الأخذ عن الشخ عينِه، فهل تفرُّدُ الرَّاوي بالحديث علةٌ قادحة؟ أم يجب التفرقة بين الراوي الثقة وغيره؟ أم يجب اعتبار الموافقة والمخالفة؟ وهل يؤثر التفرد في الراوي نفسه؟ ومتى يزول التفرد؟ أسئلة عويصة، يحتاج الجواب عنها إلى دراسة معمقة، تجمع بين التأصيل والتطبيق، فلنشرع فيما قصدنا إليه مستمدين من الله سبحانه المدد والتوفيق.

  أولا – مفهوم التفرد:

  التَّفَرُّدُ في اللغة من مادة: «ف ر د»، والفرد هو: ما لا نظير له، يقال: تَفَرَّدَ وفَرَدَ بالأَمر يَفْرُد، وانْفَرَدَ، إذا لم يشاركه فيه غيره.

  ويقال: اسْتَفْرَدْتُ الشيءَ إِذا أَخذتَه فَرْداً لا ثانـي له، ولا مِثْلَ.

  والتَّفَرُّدُ في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى، إذ يطلقونه على ما رواه راو لم يشاركه فيه غيره..
  فالتَّفَرُّدُ صفةٌ متعلقةٌ بالراوي، والحديث الذي تَفَرَّدَ بروايتِه أحدُ روَّاتِهِ يطلقون عليه: « الحديث الغريب».

  وهذا اصطلاح شائع عند المحدثين، وقد يعبرون عنه بصيغ أخرى كقولهم: «هذا الحديث من أفراد فلان»، و«تفرد به فلان»، و«هذا حديث غريب»، و«لا نعرفه إلا من هذا الوجه»، و«ليس يرويه أحد إلا فلان»، و«لم يروه عن فلان إلا فلان»، و«لم يقع إلا من رواية فلان»، و«تفرد به فلان عن فلان، لا أعلم حدث به غيره»، و«تفرد به فلان من أصحاب فلان ولم يشاركه فيه غيره«، و»هذا الحديث من غرائب فلان» الخ..

  ومثل هذه العبارات تزخر بها كتب الحديث؛ لا سيما «جامع الإمام الترمذي»، و«معاجم الإمام الطبراني»، و«مسند البزار»، بل إنَّ علماءَ الحديث أفردوا لهذا النوع كتبا مستقلة ككتاب: «غرائب مالك » للدارقطني، و«غرائب مالك »لأبي المظفر البزار، و«الغرائب والأفراد» للدارقطني، و«غرائب شعبة» لابن مندة، وغيرها..

  ثانيا – أنواع التفرد:

  لا يَصْدُق إطلاق المحدثين للتفرد أو الغرابة على نوع واحد فحسب، بل إن ذلك يختلف من حديث لآخر، مما يجعل كثيرا من المبتدئين يقعون في أخطاء فاحشة متعلقة بهذا المعنى.
والتَّفَرُّدُ نوعان: « مطلق» و«نسبي»، ومع أن الفرد والغريب مترادفان لغة واصطلاحا، إلا أن العلماء غايروا بينهما من جهة الاستعمال، فيكثر إطلاقهم الفرد على المطلق، والغريب على النسبي. هذا من حيث الاسم أما الفعل المشتق فلا يفرقون بينهما.

1 – الفرد أو (الغريب المطلق):

  هو الذي يقع التفرد فيه في أصل السند. ومرادهم بأصل السند أمران:

  أ- مَخْرَجُ الحديث: ونعني به الصحابي الذي روى الحديث وتفرد به، وما أكثر الأحاديث التي تفرد بها الصحابة، وتفردهم مقبول عند أهل العلم بالحديث، فإنه يوجد عند بعضهم ما ليس عند الآخر، وأشهر مثال على ذلك حديث: “إنما الأعمال بالنيات..”، فقد تفرد به عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، ولم تصح رواية غيره.

  ب- مَدَارُ الحديث: ونعني به الراوي الذي يُروى الحديث من طريقه، فتنتهي عنده طُرُقُ الحديث عند جميع من خَرَّجَهُ، ويكون دون الصحابي، مثل حديث: “نهى رسول الله عن بيع الولاء وهبته”، فمداره على عبد الله بن دينار. كما سنفصل بحول الله.

  هذا الغالب في استعمالهم لهذين المصطلحين، وقد يرادف بعضهم بينهما. وقد غاير الحافظ بينهما كما في ترجمة أم سعد بنت عمرو الجمحية حيث قال: “ولولا اتحاد المخرج وأن مدار الحديث على صفوان بن سليم لجوَّزت أن تكون أم سعيد بنت مرة أم سعيد بنت عمرو أو عمير الجمحية”.

2- الغريب أو (الفرد النسبي):

  وهو الذي يحصل التفرد فيه بالنسبة إلى راو أو بلد، وإن كان الحديث في نفسه مشهورا، وقد قسمه الحافظ في النكت: إلى أربعة أقسام: وسأمثل لكل قسم منها:

أحدها – تفرد شخص عن شخص: مثاله: حديث:”ما كان ضحك رسول الله إلا تبسما”.

  قال الترمذي: “هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه من حديث ليث بن سعد إلا من هذا الوجه”.

  وكذلك ما رواه أبو عبد الغني الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم عرفة غفر الله للحاج الخالص، وإذا كان ليلة المزدلفة غفر الله للتجار، وإذا كان يوم منى غفر الله للجمالين، وإذا كان يوم جمرة العقبة غفر الله للسوَّال، ولا يشهد ذلك الموقف خلق ممن قال لا إله إلا الله إلا غفر له”.

  قال أبو عمر ابن عبد البر: “هذا حديث غريب من حديث مالك، وليس محفوظا عنه إلا من هذا الوجه، وأبو عبد الغني لا أعرفه”.

  ثانيها – تفرد أهل بلد عن شخص: مثاله: حديث: “تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعته ستين عاما فأمطرت الأرض فاخضرت..”, قال أبو حاتم ابن حبان: “سمع هذا الخبر غالب بن وزير عن وكيع ببيت المقدس ولم يحدث به بالعراق، وهذا مما تفرد به أهل فلسطين عن وكيع”.

  ثالثها – تفرد شخص عن أهل بلد: ومثاله: ما أخرجه أيضا أبو داود في السنن قال: من حديث عائشة قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم َيسْتَنُّ وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر فأوحي إليه في فضل السواك (أن كبر) أعط السواك أكبرهما”. قال أحمد -هو ابن حزم -: قال لنا أبو سعيد -هو ابن الأعرابي-: “هذا مما تفرد به أهل المدينة”.

  رابعها – تفرد أهل بلد عن أهل بلد أخرى: ومثاله:ما ذكره الدارقطني في السنن: عن أبي داود أنه قال: “هذه سنة تفرد بها أهل مكة، وحملها عنهم أهل الجزيرة”.

3 – غرابة السياق:

  قد يكون الحديث مشهورا لكن يتفرد أحد رواته بسياق معين، قيعقب عليه الحفاظ بأنه غريب، فيظن من لا تمرس له بعلم الحديث أنها دعوى متعقبه لشهرة الحديث، وإنما يقصد بذلك غرابة السياق، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وقد يطلقون تفرد الشخص بالحديث ومرادهم بذلك تفرده بالسياق لا بأصل الحديث، وفي مسند البزار من ذلك جملة نبه عليها”.

قال أبو عبد الله الحاكم: “ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل فقلنا الحديث شاذ”.

4- غرابة التركيب:

قد يحكم بعض الحفاظ على حديث بأنه غريب، ويقصدون غرابة تركيبه إذ لم يعهدوا مثل ذلك السند، ومثاله ما ذكره البخاري في حديث »كفارة المجلس« الذي رواه موسى ابن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، حيث قال: “لا أعلم في الدنيا بهذا الإسناد غير هذا الحديث”.

5- الغريب عند الترمذي:

للترمذي اصطلاحُه الخاص في كتابه، وقد كان اصطلاحه هذا مثار جدل كبير بين أهل الحديث، والذي يهمنا هو قوله: “حديث حسن غريب”، وقوله: “حديث غريب”، ومحل الإشكال في هذين المصطلحين هو أن الترمذي عرف الحسن بقوله: “كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن”.

فإذا كان شرط الحسن عند الترمذي أن يروى من غير وجه فإن شرط الغريب أن لا يروى إلا من وجه واحد، فالجمع بين المصطلحين تناقض؛ إلا أن يكون للترمذي اصطلاحُه الخاص، والمسألة لا تخلو من أحد توجيهين:

إما أن الترمذي له استعمالان للحسن، فهو إن ذكره مجردا قصد تعريفه السابق، وإذا ذكره مقرونا بالغريب أراد به الحسن في الاصطلاح العام.

وإما أن الترمذي لا يقصد الغريب بمعناه الاصطلاحي الذي قدمناه، وإنما له فيه اصطلاح خاص.

ولنترك التخمين جانبا، وننظر في كتاب الترمذي نفسه، قال رحمه الله في كتاب العلل:”وما ذكرنا في هذا الكتاب »حديث غريب«؛ فإن أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان:

    رب حديث يكون غريبا لا يروى إلا من وجه واحد.
     ورب رجل من الأئمة يحدث بالحديث لا يعرف إلا من حديثه.
     ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث؛ وإنما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه.
     ورب حديث يروى من أوجه كثيرة، وإنما يستغرب لحال الإسناد”.اهـ.

فيظهر أن استعمال الترمذي للغريب يكون في كل هذه الأوجه، وعليه فلا يستغرب الجمع بين الغريب والحسن، لأن بعض هذه الأوجه يجتمع مع الوصف بالحسن في اصطلاح الترمذي؛ ولو أن علماءنا رحمهم الله رجعوا إلى كلام الرجل، لما تكلفوا تلك التوجيهات والاعتذارات التي تزخر بها كتب المصطلح.

ثالثا – حكم تفرد الراوي بالحديث:

1- كراهية المتقدمين لرواية الغريب:
  كان المتقدمون من علماء الحديث يكرهون رواية الغرائب وما تفرد به الرواة، ويعدونه من شَرِّ الحديث، كما قال الإمام مالك رحمه الله: “شَرُّ العلم الغريبُ، وخيرُ العلم الظاهرُ الذي قد رواه الناس”، وقال سليمان الأعمش: »كانوا يكرهون غريبَ الحديث«، بل إن الإمام أحمد بن حنبل جعل مصطلح الغريب دليلا على الوهم، فقد نقل عنه محمد بن سهل بن عسكر أنه قال: « إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: «هذا الحديث غريب» أو« فائدة» فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو ليس له إسناد، وإن كان قد رواه شعبة وسفيان».

وقد دفع هذا التصور المتقدمين رضوان الله عنهم إلى تتبع طرق الحديث، والاستكثار منها؛ لأن الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطأه، ومما يفيد ذلك ما ذكره الشمس الذهبي عن عبد الله بن جعفر بن خاقان أنه قال: “سألت إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حديث لأبي بكر الصديق فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر، فقلت له: أبو بكر لا يصح له خمسون حديثا من أين ثلاثة وعشرون جزءا، فقال: كل حديث لا يكون عندي من مئة وجه فأنا فيه يتيم”.

  ولذلك اعتبر الخطيب البغدادي رحمه الله اشتغال محدثي زمانه بجمع غريب الحديث انحرافا عن منهج المحدثين، فقال: “وأكثرُ طالبي الحديثِ في هذا الزَّمانِ يغلبُ على إرادتهم كَتْبُ الغريبِ دون المشهورِ، وسماعُ المنكرِ دون المعروفِ، والاشتغالُ بما وقع فيه السَّهوُ والخطأُ من رواياتِ المجروحينَ والضعفاءِ، حتَّى لقد صار الصحيحُ عند أكثرهم مجتنباً، والثابتُ مَصْدوفاً عنه مطَّرحاً، وذلك كلُّه لعدم معرفتِهم بأحوالِ الرُّواة ومحلِّهم، ونقصانِ علمهم بالتمييز، وزُهدِهِم في تعلُّمه، وهذا خلافُ ما كان عليه الأئمةُ من المحدثين، والأعلامُ من أسلافنا الماضين”.

  إن هذه النصوص وغيرها كثير جدا، تدل دلالة صريحة على كراهية السلف لغريب الحديث، وما تفرد به الرواة، فهل يفهم من ذلك أنهم يضعفونها؟ إن مثل هذا الاستنتاج له ما يؤيده من حيث النقل، فهذا الإمام أبو داود السجستاني يصرح بذلك في رسالته إلى أهل مكة، بل ويجعل مجرد الاحتجاج به موجبا للطعن في المحتج، فيقول: “فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك، ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي احتج به إذا كان غريبا شاذا”.

  لكن؛ يعكر عليه كلام شيخه الإمام أحمد بن حنبل حين قبل تفرد الإمام مالك، وقال: “ومالك إذا انفرد بحديث فهو ثقة”.

في حين نجده متحرجا متوقفا من حديث تفرد به مالك، هل يضعفه وهو الإمام الحافظ الثبت الثقة، أم يقبله وهو غريب، ونستشعر حيرته هذه في قوله: “كنت أتهيب حديث مالك “من المسلمين”، حتى وجدته من حديث العمريين” قيل له: “فمحفوظ هو عندك؟” قال: “نعم”.

  فإنه ما سكنت نفسه إلى أنه محفوظ حتى توبع عليه الإمام مالك رحمهم الله أجمعين.

  فهل للمسألة ضابط كلي يعول عليه، ويحتكم عند الاختلاف إليه؟

  يجيب الحافظ ابن رجب رحمه الله قائلا: “وليس عندهم في ذلك ضابط يضبطه”.

  ويظهر لي أن الاختلاف عند التحقيق اصطلاحي، فقد يطلق أحد الأئمة التفرد ويقصد به المنكر، أو الشاذ، أو الفرد المطلق، أو الغريب النسبي، أوالعكس، فلو قسمنا التفرد قسمة عقلية لسهل علينا وقتئذ تنزيل كل قول منزلته، ولاستقام لنا فهم صنيع المحدثين.

2 – أقسام التفرد:

  لا يخلو التفرد إما أن يكون من ثقة أو ضعيف، ولا يخلو أحدهما من أن يكون له مخالف، أو لا، وعليه، فهو أنواع أربعة:

    تفرد الثقة دون مخالفة.
     تفرد الثقة مع المخالفة.
     تفرد الضعيف دون مخالفة.
     تفرد الضعيف مع المخالفة.

  وإذا كان النوعان الأخيران لا اختلاف بين أهل العلم في ردهما والحكم بنكارتهما، فإن النوعين الأولين فيهما من ذلك ما يدعونا إلى إخضاعهما للدرس.

أ – حكم تفرد الثقة الذي لم يخالف فيما تفرد به.

ذهب الخليلي إلى أن الحديث الذي تفرد به الثقة: “يتوقف فيه، ولا يحتج به”.

واعتبر أبو عبد الله الحاكم ما تفرد به الثقة من قبيل الشاذ، فقال: “فأما الشاذ فإنه الحديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة”.

ومقتضى هذين النصين يشعر برد تفرد الثقة بالحديث، ولو لم يخالف، والواقع غير ذلك، ولبيانه نقول:
   يحكم بعدالة الراوي وثقته وضبطه بحسب الصفات التي تتوافر فيه، وهو حكم ناتج عن تتبع لأحاديث الراوي كلها، ومعارضتها بأحاديث الثقات، وملاحظة نسبة الموافقة والمخالفة فيها، ثم تعميم الحكم على سائر حديثه، واستثناء ما أخطأ فيه، وهي عملية أتقنها جهابذة الأمة وحفاظ الملة، كالإمام مالك، ويحيى بن سعيد، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين، أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين، وأبي عبد الله البخاري، والإمام مسلم، والترمذي، والَّنسائي، وهلم جرا..

   ولم يَسْلَم أحد من الخطأ، حتى قال يحيى ابن معين: “من لم يخطئ فهو كذاب”، وقال أبو عيسى الترمذي: “وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع، مع انه لم يسلم من الغلط والخطأ كثيرا أحد من الأئمة مع حفظهم”.

   ولذلك كانوا يعدون الأحاديث التي يخطئ فيها الثقة، ولا شك أنها قليلة بالنسبة إلى عدد ما روى من الأحاديث، فهذا الإمام مالك، يقول فيه أبو حاتم الرازي: “إمام أهل الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهري، وإذا خالفوا مالكا من أهل الحجاز، حكم لمالك، ومالك نقي الرجال، نقي الحديث، وهو أتقن حديثا من الثوري والأوزاعي، وأقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأ منه، وأقوى من معمر وابن أبي ذئب”.

إذن فالثقات مراتب متفاوتة، بعضهم أوثق من بعض، وعلى مثل هذه المقدمة يُخَرَّج النّصان السَّابقان، فالخليلي والحاكم لم يذكرا تفرد الحافظ البالغ في الثقة والضبط الغاية، وإنما ذكرا تفرد الثقة فقط، وبينهما فُرقَانٌ؛ لأن لفظ الثقة أعم.
فإن قال قائل: لم تفعل شيئا، فتفرد الثقة الذي لم يبلغ الغاية في الحفظ والإتقان شاذ على مذهبهما!!.

   قلت: لا يضره ذلك؛ لأن الشاذ عند الخليلي نوعان: شاذ صحيح، وهو ما تفرد به الثقة الذي لم يبلغ الغاية في الحفظ والإتقان. وشاذ غير صحيح، وهو ما تفرد به غير الثقة.

   والشاذ عند الحاكم: “غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راوٍ، أو أرسله واحد فوصله واهم”.

   وقد ارتضى هذا المخرج ابن الصلاح، فقال: “ينظر في هذا الراوي المتفرد: فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قُبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه” إلى أن قال: “ثم هو دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدا عن ذلك رددنا ما انفرد به، وكان من قبيل الشاذ المنكر…”.

   وفي كلام الحافظ في «النُزهَة» ما يفيد قبول هذا التوجيه، قال رحمه الله: “فإن الجميع يشملهم اسم العدالة والضبط؛ إلا أن للمرتبة الأولى من الصفات المرجحة ما يقتضي تقديم روايتهم على التي تليها، وفي التي تليها من قوة الضبط ما يقتضي تقديمها على الثالثة، وهي مقدمة على من يعدُّ ما ينفرد به حسنا، كمحمد ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده”.
تطبيقات على مجموعة من الأحاديث التي تفرد بها الثقات ولم يخاَلفوا فيها:
– الطبقة الأولى: حديث: “نهى رسول الله عن بيع الولاء وهبته”.
تفرد بهذا الحديث الإمام المحدث الحجة، أبو عبد الرحمن عبد الله بن دينار القرشي العدوي المدني، مولى عبيد الله بن عمر بن الخطاب.
أجمع أهل العلم على أنه ثقة، صرح بذلك يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن سعد والنسائي، وشذ العقيلي فاورده في الضعفاء، وعيب عليه ذلك.
تخريج الحديث:
أخرجه مالك في الموطأ:2/782/1480، والطيالسي في المسند ص: 256ح1885، والشافعي في المسند ص:204،221،338، وعبد الرزاق في المصنف: 9/3/16138، والحميدي في المسند: 2/285، سعيد بن منصور في السنن ص:116ح267، ابن أبي شبيبة في الصنف: 4/208/20464، وأحمد في المسند:2/9/4560، 2/79/5496، 2/107/5850، والدارمي في السنن: 2/333/2572، 2/490/3156-3157، والبخاري في الصحيح: 2/896/2398، 6/2482/6375، ومسلم:2/1145/1506، وأبو داود:3/127/2919، والترمذي: 3/537/1236،4/437/2126، والنسائي في الكبرى:4/51/6253، المجتبى له: 7/306/4657، وابن ماجه:2/918/2747، وابن الجارود في المنتقى ص: 245ح978، أبو عوانة في المستخرج: 3/237/4799-4800-4801-4802-4803-4804-4085، 3/238/ 4806-4807-4088.  وابن حبان في الصحيح: 11/323/4948، 11/325/4949، والطبراني في الأوسط: 2/144/1519، والحاكم في المستدرك: 2/233/2851، والبيهقي في السنن الكبرى: 10/292/21219.
   كلهم من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
  وقد صرح أهل العلم بتفرد عبد الله بن دينار به، قال الإمام مسلم: “الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث”، وقال الترمذي: “هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار، وقد رواه شعبة، وابن عيينة، ومالك بن أنس عن عبد الله بن دينار”.
  وقد كان في نفس شعبة شيء من تفرد عبد الله بن دينار بهذا الحديث عن ابن عمر دون سائر أصحابه، مما استدعاه إلى استحلافه، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: “سمعت أبي وذكر حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر: “أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته”، قال شعبة استحلفت عبد الله بن دينار: “هل سمعتها كذا من ابن عمر؟ فحلف لي”، قال أبي: كان شعبة بصيرا بالحديث جدا، فَهِما فيه، كان إنما حلفه لأنه كان ينكر هذا الحديث، حكم من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه أحد، لم يرو عن ابن عمر أحد سواه” ولذلك كان شعبة يعد هذا الحديث مع ثلاثة أخر رأس ماله، وكان يقول: “لوددت أن عبد الله بن دينار حين حدث بهذا الحديث أذن لي حتى كنت أقوم إليه فأقبل رأسه”.
  وذكر الحميدي: “قيل لسفيان ابن عيينة: إن شعبة استحلف عبد الله عليه، قال: ولكنا لم نستحلفه، سمعناه منه مرارا، ثم ضحك سفيان”.
   فهذا حديث تفرد به هذا الإمام الحافظ الثبت الحجة، ولم يشاركه فيه غيره، وروايات غيره عن ابن عمر معلولة متروكة، وقد تلقى الأئمة الحديث بالقبول، ورواه الجهابذة الحفاظ، “وقد اعتنى أبو نعيم الأصبهاني بجمع طرقه عن عبد الله بن دينار فأورده عن خمسة وثلاثين نفسا ممن حدث به عن عبد الله بن دينار منهم من الأكابر: يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، ويزيد بن الهاد، وعبيد الله العمري، وهؤلاء من صغار التابعين وممن دونهم: مِسعر، والحسن بن صالح بن حي، وورقاء، وأيوب بن موسى، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وعبد العزيز بن مسلم، وأبو أويس، وممن لم يقع له ابن جريج وهو عند أبي عوانة، وسليمان بن بلال وهو عند مسلم، وأحمد بن حازم المغافري في جزء الهروي من طريق الطبراني”، وممن رواه عنه مالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وسفيان بن سعيد الثوري، وإسماعيل بن جعفر، وعبيد الله بن عمر، والضحاك بن عثمان وغيرهم. وقد أخرجه مالك والبخاري ومسلم في كتبهم، وحسبك بهم. فلم يضر الحديث عند الأئمة تفرد عبد الله بن دينار به.
– الطبقة الثانية: حديث: “نعم الإدام الخل”.
   ورد هذا الحديث عن جمع من الصحابة: منهم السيدة عائشة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وأم سعد، وأم هانئ.
   لكن تفرد به من حديث السيدة عائشة؛ أبو محمد سليمان بن بلال القرشي التميمي مولاهم المدني.
   وثقه ابن معين والنسائي، وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به ثقة. وقال أبو حاتم: متقارب.
تخريج الحديث:

  أخرجه ابن وهب في الجامع 2/669/580 والدارمي 2/87/2049 ومسلم 3/1621/2051 والترمذي 5/572/1902 وفي الشمائل ح152 وابن ماجه 4/33/3316 وأبو عوانة 5/194/8361 وأبو نعيم في الحلية 10/30 والخطيب في التاريخ 10/30/5148 و10/371-372، والذهبي في السير 10/130-12/229-230.

  وقد رواه عن سليمان بن بلال كل من يحيى بن حسان والوحاضي ومروان بن محمد.

  وقال الترمذي: “هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه لا يعرف من حديث هشام بن عروة إلا من حديث سليمان بن بلال”.

  قال ابن بطة: “ليس يعرف هذا الحديث من حديث عائشة إلا من هذا الطريق، ولا رواه عن هشام بن عروة إلا سليمان بن بلال. وهو حديث صحيح طريقه مستقيم؛ ولكن الحديث المشهور حديث جابر”.

  قال الذهبي بعد أن ساقه: “هذا حديث صحيح غريب فرد على شرط الشيخين وانفرد به مسلم، ورواه أبو عيسى في جامعه كلاهما عن أبي محمد الدارمي فوقع موافقته بعلو، وقد كان الدارمي يُقصد في روايتة هذا الحديث لتفرده به. قال: “فكان يُدق علي الباب وأنا ببغداد فأقول: “من ذا؟” فيقال: “يحيى بن حسان: نعم الإدام الخل””.

   وقد سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: “هذا حديث منكر بهذا الإسناد”.
   وقال ابن رجب: “ذكرنا أن كثيرا من الحفاظ استنكروه -يعني: نعم الإدام الخل- على سليمان بن بلال، منهم أحمد وأبو حاتم وأحمد بن صالح وغيرهم”، ثم قال: “ولكن هذا من نوع الغريب المذكور قبل هذا؛ فإنه غريب من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، على انه قد روي من وجه آخر عنها وهو ضعيف، والحديث معروف من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم”.
   فهذا الحديث مع استنكار مجموعة من أهل العلم له، إلا أنهم لم ينـزلوه إلى درجة الضعيف، فقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وحسَّنه الترمذي، وصححه ابن بطة والذهبي وغيرهما، ويوجَّه استنكارهم إلى أنهم قصدوا به التفرد.
   وقد صرح بذلك الحافظ ابن حجر في النكت: “وكلامهم يقتضي أنه -أي: المنكر- الحديث الذي انفرد به الراوي مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ والإتقان، أو انفرد به من غير مخالفة لما رواه أحد لكن هذا التفرد نازل عن درجة الحافظ الضابط”.
   وخلاصة القول: أن تعامل الأئمة مع تفرد الثقة الذي لم يخالف على مستويين، فيختلف نظرهم باختلاف مرتبة الراوي في الحفظ والضبط والإتقان، ولا ينزل حديثه عن درجة الحسن.

ب – تفرد الثقة مع وجود المخالف:

إن مجرد التفرد يقدح في نفس الناقد سؤالا عن مدى ضبط الراوي الثقة للحديث؛ إلا أن هذا التساؤل يزداد قوة عندما يُخَالَف هذا المتفرد في روايته ممن هو أوثق منه، أو يخالفه أكثر من واحد، فيقوى الظن عندئذ في وهم الراوي وخطئه، مما حذا بجمهور المحدثين إلى رد هذه الرواية من الناحية الاصطلاحية، ولكن اختلف نظرهم عند التطبيق.

أولا – موقف العلماء من مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه:

   حكى الخليلي وغيره عن الحجازيين من المحدثين أنهم يسمون هذا النوع بالشاذ، وعليه أغلب المتأخرين وأحسنُ من عبَّر عنه الإمام الشافعي رحمه الله حين قال:”ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم يروه غيره؛ إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثا فيشذ عنهم واحد فيخالفهم”. وقد اعتبر الحافظ ابن حجر هذا التعريف فقال: “هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح”.

   وقال النووي في شرح المهذب أن: “أكثر المحدثين على أن الشاذ أن يروي –الثقة- ما لا يرويه سائر الثقات سواء خالفهم أم لا”، فاعتبر الشافعي المخالفة لما لها من الأثر في صحة الحديث، فمناط الحكم في الشاذ عنده هو المخالفة. بينما وصف الشذوذ عند غيره متردد بين القبول والرد.

ثانيا – أثر المخالفة في تعليل الحديث:
   للحكم بشذوذ الحديث لا بد من تحقق المخالفة.
المخالفة هي: “التغاير المؤثر الحاصل في السند أو المتن مع اتحاد المخرج”.
   2- شروط المخالفة المعتبرة:
فليس كل تغاير في سند أو متن بين راويين متحدي الشيخ معتبر، بل لا بد من تحقق شرطين آخرين:

الأول: أن تكون المخالفة مؤثرة: لأن صور الاختلاف بين الرواة كثيرة، منها ما هو مؤثر ومنها ما هو غير مؤثر، فلو حصل الاختلاف مثلا في تقديم بعض الألفاظ وتأخير أخرى، أو الرواية بالمرادف، أو المغايرة بين صيغ الأداء المتحدة المعنى، أو المغايرة في أسماء الرواة مع اتحاد المسمى، الخ… فإن مثل هذا الاختلاف غير مؤثر في قبول الحديث ورده، بخلاف ما إذا كان الاختلاف في الوصل والانقطاع والإرسال، والرفع والوقف، والمزيد في متصل الأسانيد، أو يكون الاختلاف في المتن، كتعارض الإطلاق والتقييد، والعموم والخصوص…
والشرط الثاني: أن يتحد المخرج: بأن يكون شيخ الرواة المختلفين واحدا.
   3 – حكم المخالفة:

   اختلف نظر المحدثين في مناط الحكم عند وقوع الاختلاف بين الرواة، هل يكون ذلك بالنظر إلى تفاوت الرواة من حيث الحفظ والضبط، فيقدم حديث الأضبط على غيره، ويكون محفوظا، أو تقديم حديث الأكثر عددا، أو تقديم الزيادة مطلقا، أو اعتبار النقص مطلقا.

   والذي يتمخض من كلام النقاد أنه لا يوجد ضابط كلي، ويختلف الحكم بحسب نوع المخالفة، والأصل ترجيح حديث الأضبط على الضابط، والعدد الكثير على الواحد، وهو مقتضى كلام الحافظ في النخبة، قال رحمه الله: “فإن خولف _ أي: الراوي_ بأرجح منه لمزيد ضبط، أو كثرة عدد، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله، وهو المرجوح يقال له الشاذ”، ولكن قد يحتف هذا الحديث ببعض القرائن فيكون الحكم بخلاف الأصل.

  ومن الأمثلة على ذلك، تعارض الاتصال والإرسال، والوقف والرفع، قال ابن دقيق العيد رحمه الله: “من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنه إذا تعارضت رواية مسند ومرسل، أو رافع وواقف، أو ناقص وزائد، أن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق، فإن ذلك ليس قانونا مطردا، وبمراجعة لأحكامهم الجزئية يعرف صواب ما نقول”.

   وللبخاري مسلك في ذلك استفاده الحافظ ابن حجر، قال رحمه الله: “ويستفاد من صنيع البخاري أن الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله حكم للواصل بشرطين: أحدهما أن يزيد عدد من وصله على من أرسله، والآخر أن يحتف بقرينة تقويه”.

4 – التطبيقات:

   وسأورد بعض الصور المتعلقة بتفرد الراوي الثقة مع مخالفة الثقات له، مع اختلاف عمل المحدثين من صورة إلى أخرى، لنعلم أن حكمهم لا ينضبط لقاعدة معينة بل يختلف بحسب القرائن المحتفة.

* – الصورة الأولى، في تفرد الثقة برفع حديث وقفه جمع من الثقات، وحكم العلماء على رواية الثقة بالشذوذ:
   قال الخطيب: أخبرنا علي بن محمد بن الحسن المالكي أخبرنا محمد بن المظفر حدثنا احمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا شجاع بن مخلد الفلاس في تفسيره حدثنا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: »وسع كرسيه السماوات والأرض«، قال: “كرسيه موضع قدمه والعرش لا يقدر قدره”.
   قال الخطيب: ابن المظفر قال لنا أبو عبد الله شيخنا: “هكذا قال لنا شجاع:”سئل النبي صلى الله عليه وسلم”!!.
   وقد تفرد أبو الفضل شجاع بن مخلد الفلاس في رفع هذا الحديث، وهو من شيوخ مسلم، وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل.
   وقد خالفه في رفعه هذا الحديث جماعة فرووه موقوفا على ابن عبّاس، منهم:
   أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي عن أبي عاصم به أخرجها الهروي، والخطيب.
   أحمد بن منصور بن سيّار الرمادي عن أبي عاصم به، أخرجه الخطيب.
   محمد بن معاذ عن أبي عاصم به، أخرجه الحاكم.
وقد توبع أبو عاصم النبيل في وقف الحديث، تابعه كل من:
   وكيع بن الجراح، عن سفيان به: أخرجها عبد الله بن أحمد، والهروي،والخطيب.
   وابن مهدي عن سفيان به: أخرجها عبد الله بن أحمد، والخطيب.
  وقو توبع سفيان في وقف الحديث، تابعه: قيس بن الربيع أخرجها: أبو الشيخ.
  فشجاع بن مخلد مع أنه أحد الثقات إلا أنه بتفرده ومخالفته لكل هؤلاء الثقات رُدَّ حديثه واعتبر شاذا، بل إن العقيلي ضعفه لأجل هذا الخطأ.
  قال الحافظ: “صدوق وهم في حديث واحد رفعه وهو موقوف فذكره بسببه العقيلي”.
* – الصورة الثانية، تفرد الثقة برفع حديث وقفه غيره من الثقات، مع عدم حكم العلماء بشذوذه:
  أخرج الإمام الترمذي، والبيهقي، كلاهما من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنا شعبة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي  قال: “يجيئ القرآن يوم القيامة فيقول: “يا رب حله” فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: “يا رب زده”، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: “يا رب ارض عنه”، فيرضى عنه، فيقال له: “اقرأ وارق، وتزاد بكل آية حسنة””.
  قال أبو عيسى الترمذي: “هذا حديث حسن صحيح”.
  وقد تفرد عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة في رفعه، وخالفه جماعة:
  منهم محمد بن بشار، حدثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة به. ولم يرفعه:
  أخرجه الترمذي، و قال عقبه: “وهذا أصح من حديث عبد الصمد عن شعبة”.
  وتابع محمد بن بشار متابعة قاصرة عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عاصم به، أخرجها الدارمي، وحسين بن علي عن زائدة به، أخرجها ابن أبي شيبة.
  لكن مع التفرد والمخالفة لم يحكم العلماء بشذوذ حديث عبد الصمد بن عبد الوارث، وقد صححه الترمذي كما سبق، وإنما اعتبر رواية الوقف أصح، وذلك لمجموعة من القرائن منها:
  أن مضمون الحديث مما لا يقال من قبل الرأي، وليس أبو هريرة ممن يحدث بالإسرائيليات فالحديث وإن وقف عليه فله حكم الرفع، فرفعه حقيقة علة غير قادحة.
  * – الصورة الثالثة، تفرد الثقة بمتن حديث خالفه فيه غيره من الثقات، واختلاف حكم العلماء فيه:
أخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، كلهم من حديث ابن عبّاس: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تزوج ميمونة وهو محرم”.
حديث ابن عباس هذا صحيح، اتفق عليه الشيخان، وقال أبو عيسى الترمذي: “حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وأهل الكوفة.
لكن تعارضه أحاديث أخر فيها أن رسول الله تزوج ميمونة، وهو حلال.
منها: حديث أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال”.
أخرجه مسلم في صحيحه: 2/1032ح1411، وأبو داود:2/169ح1843، وابن ماجه:1/632 ح1964، وابن الجارود في المنتقى: ص117 ح445، وابن حبان: 9/442/4134. وغيرهم.
منها: حديث أبي رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال، وكنت الرسول بينهما.
أخرجه الترمذي: 3/200ح841، وأحمد: 6/392، والدارمي:ح1832، وابن حبان في الصحيح: 9/442/4135. وقال الترمذي: “هذا حديث حسن”.
فهذان خبران صحيحان متعارضان، ولو كان التعارض بين أمر ونهي، أو قول وفعل، لهان الأمر حينئذ، ولكن إذا تعارض خبران من كل وجه عن حادثة واحدة، فلا سبيل إلى الجمع بينها إلا بالحكم بكذب أحد الخبرين وصدق الآخر. وعليه فلا بد من ترجيح أحدهما على الآخر، فذهب أغلب العلماء إلى الحكم بوهم ابن عبَّاس، وترجيح الروايات الأخرى لأسباب عدة ذكرها ابن حزم في قوله: “خبر يزيد عن ميمونة هو الحق، وقول ابن عباس وهم منه بلا شك لوجوه بينة:
أولها – أنها رضي الله عنها أعلم بنفسها من ابن عباس لاختصاصها بتلك القصة دونه، هذا ما لا يشك فيه أحد.
وثانيها – أنها رضي الله عنها كانت حينئذ امرأة كاملة، وكان ابن عباس رضي الله عنه يومئذ ابن عشرة أعوام وأشهر، فبين الضبطين فرق لا يخفى.
والثالث – أنه عليه السلام إنما تزوجها في عمرة القضاء، هذا ما لا يختلف فيه اثنان، ومكة يومئذ دار حرب، وإنما هادنهم عليه السلام على أن يدخلها معتمرا، ويبقى بها ثلاثة أيام فقط، ثم يخرج، فأتى من المدينة محرما بعمرة ولم يقدم شيئا إذ دخل على الطواف والسعي وتم إحرامه في الوقت، ولم يختلف أحد في أنه إنما تزوجها بمكة حاضرا بها لا بالمدينة.
فصح أنه بلا شك إنما تزوجها بعد تمام إحرامه لا في حال طوافه وسعيه، فارتفع الإشكال جملة، وبقي خبر ميمونة وخبر عثمان لا معارض لهما والحمد لله رب العالمين”.
وترجيح ابن حزم لا غبار عليه، إذ القاعدة في كل خبرين متعارضين يكون راوي أحد الخبرين مباشرا لما رواه، والآخر غير مباشر، فرواية المباشر تكون أولى لكونه أعرف بما روى.
وبعـــــــد؛ فيتبين لنا أن ما تقرر في كتب المصطلح من قبول تفرد الثقة مطلقا، وأن مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه توجب شذوذ الحديث ورده ليست على إطلاقها، بل يرجع ذلك إلى القرائن المحتفة بكل خبر، ونظرا للغفلة عن هذا المعنى، فقد كانت للمسألة آثار على المستوى الفقهي، وما أكثر الأحاديث التي أعلها الفقهاء بمجرد التفرد، أو المخالفة، غير آبهين للمسالك التي سلكها المتقدمون في ذلك، ولعله تكون لنا عودة إلى الموضوع لدراسته من الجانب الفقهي.
ولعل فيما أوردته مقنع لمن ألقى السمع وهو شهيد.
والحمد لله أوَّلا وآخرا ظاهرا وباطنا.
المصادر والمراجع

  ابن أبي حاتم؛ الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي، بيروت ط:1، 1952م.
  ابن أبي حاتم؛ علل الحديث، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة – بيروت، 1405هـ.
  ابن أبي شيبة؛ الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد – الرياض،ط:1، 1409هـ.
  ابن الجارود؛ المنتقى، = غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود، تأليف: أبو إسحاق الحويني،ط:1، 1408هـ – 1988م دار الكتاب العربي، بيروت.
  ابن الجوزي؛ التحقيق في أحاديث الخلاف: تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، ط: 1، 1415هـ، دار الكتب العلمية – بيروت.
  ابن الصلاح؛ مقدمة في علوم الحديث، ومعه: محاسن الاصطلاح للبلقيني؛ تحقيق: د. عائشة (بنت الشاطئ) دار المعارف.
  ابن بلبان؛ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان؛ تحقيق: شيعب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط: 2، 1414هـ – 1993م.
  ابن جماعة؛ المنهل الروي، تحقيق: د. محيي الدين عبد الرحمن رمضان، ط:2، 1406هـ، دار الفكر – دمشق.
  ابن حبان؛ مشاهير علماء الأمصار، دار الكتب العلمية – بيروت، 1959م،
  ابن حجر؛ الإصابة في تمييز الصحابة تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت،ط: 1، 1992م.
  ابن حجر؛ النكت على كتاب ابن الصلاح؛ تحقيق د. ربيع بنهادي عمير، دار الراية، ط:2، 1988م.
  ابن حجر؛ تقريب التهذيب: محمد عوامة 1406هـ – 1986م دار الرشيد – سوريا.
  ابن حجر؛ تهذيب التهذيب، دار الفكر – بيروت، ط:1، 1404هـ – 1984م.
  ابن حجر؛ فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي , محب الدين الخطيب 1379هـ. دار المعرفة – بيروت.
  ابن حجر؛ لسان الميزان، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، دائرة المعرف النظامية – الهند: ط3: 1406 – 1986
  ابن حجر؛ نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر؛ تحقيق علي حسن عبد الحميد، دار ابن الجوزي؛ ط: 4، 1998م.
  ابن حزم؛ المحلى: تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة – بيروت.
  ابن خياط؛ الطبقات، تحقيق د. أكرم ضياء العمري، دار طيبة – الرياض، ط: 2،1402هـ – 1982م.
  ابن رجب الحنبلي؛ شرح علل الترمذي، تحقيق صبحي السامرائي، عالم الكتب، بيروت، ط: 2، 1985م.
  ابن سعد؛ الطبقات الكبرى، دار صادر – بيروت.
  ابن عدي؛ الكامل في ضعفاء الرجال تحقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر – بيروت، ط:3، 1409 – 1988م.
  ابن ماجه؛ السنن: تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، ط:2، 1404هـ -1984م، شركة الطباعة العربية، الرياض.
  ابن منظور؛ لسان العرب المحيط، المصطلحات العلمية والفنية. قدّم له العلامة الشيخ عبد الله العلايلي. دار لسان العرب.
  ابن وهب؛ الجامع في الحديث؛ تحقيق: مصطفى حسن حسين، ط:1، 1416هـ-1996م، دار ابن الجوزي، الرياض.
  أبو الشيخ؛ العظمة تحقيق: رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري، ط:1، 1408هـ، دار العاصمة – الرياض.
  أبو داود السجستاني؛ السنن، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
  أبو داود السجستاني؛ رسالة إلى أهل مكة في وصف سننه؛ اعتنى أبو غدَّة، دار البشائر الإسلامية، ط:1، 1997م.
  أبو عبد الله الحاكم؛ معرفة علوم الحديث صححه وعلق عليه: د. السيد معظم، ام -أي -دي – فل (أكسن)، المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر بيروت، ط:2، 1977.
  أبو عمر ابن عبد البر؛ التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد؛ تحقيق جمع من العلماء، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الرباط.
  أبو عوانة؛ المستخرج، تحقيق أيمن بن عارف الدمشقي، دار المعرفة بيروت، ط:1 1998م.
  أبو نعيم؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط:4، 1405هـ، دار الكتاب العربي، بيروت.
  أحمد بن حنبل؛ المسند، طبعة مؤسسة قرطبة، مصر، والمصورة عن الطبعة اليمنية.
  الأبشيهي؛ المستطرف في كل فن مستظرف، 1304هـ القاهرة.
  الآمدي؛ الإحكام في أصول الأحكام، كتب هوامشه: الششيخ إبراهيم العجوز، ط:1، 1405هـ – 1985م، دار الكتب العلمية، بيروت.
  البخاري: التاريخ الصغير ؛ تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي , مكتبة دار التراث – حلب , القاهرة ط: 1، 1977م.
  البخاري؛ التاريخ الكبير، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر – بيروت.
  البيهقي؛ السنن الكبرى: تحقيق محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة. 1414هـ 1994م.
  البيهقي؛ شعب الإيمان، تحقيق: بسيوني زغلول، ط:1، 1410هـ 1990م. دار الكتب العلمية – بيروت.
  الترمذي ؛ الجامع الصحيح، أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  الترمذي؛ العلل؛ تحقيق بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، ط:2، 1998م.
  الجارودي؛ علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج، تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الحلبي الأثري، دار الهجرة – الرياض ط:1، 1991م
  الحاكم؛ المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا. ط:1، 1411هـ 19990م، دار الكتب العلمية – بيروت.
  الحميدي؛ المسند، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية – بيروت.
  الخطيب؛ الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع. تحقيق: د. محمود الطحان، مكتبة المعارف -الرياض، 1403هـ.
  الخطيب؛ الكفاية في أصول الرواية تحقيق: أبو عبدالله السورقي , إبراهيم حمدي المدني، المكتبة العلمية – المدينة المنورة.
  الخطيب؛ شرف أصحاب الحديث، تحقيق: محمد سعيد خطيب أوغلي، دار إحياء السنة النبوية.
  الخليل؛ كتاب العين، تحقيق: د.مهدي المخزومي ود.إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال.
  الخليلي ؛ الإرشاد في معرفة علماء الحديث؛ تحقيق: د. محمد سعيد عمر إدريس، مكتبة الرشد – الرياض، ط:1، 1409هـ.
  الدارقطني ؛ السنن، دار المحاسن للطباعة، القاهرة، 1386هـ.
  الدارمي؛ السنن، تخريج: الشيخ محمد عبد العزيز الخالدي، ط:1، 1417هـ -1996م. دار الكتب العلمية بيروت.
  الذهبي؛ تذكرة الحفاظ، دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت.
  الذهبي؛ زغل العلم، ط:1، 1419هـ – 1998م، دار الحرمين للطباعة.
  الذهبي؛ سير أعلام النبلاء اسم الكتاب تحقيق: شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة – بيروت، ط:9، 1413هـ.
  الذهبي؛ ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود، دار الكتب العلمية – بيروت ط:1، 1995م.
  الرامهرمزي؛ المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، تحقيق د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1404 هـ.
  السخاوي؛ التوضيح الأبهر لتذكرة ابن الملقن في علم الأثر؛ تحقيق: عبد الله البخاري، أضواء السلف، الرياض 1418- 1998م.
  سعيد بن منصور؛ السنن، تحقيق د. سعيد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد، ط: 1، 1414هـ، دار العصيمي – الرياض.
  السمعاني؛ أدب الإملاء والاستملاء: دار الكتب العلمية بيروت، ط1، 1401هـ 1981م.
  السيوطي؛ تدريب الراوي: تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. الرياض.
  السيوطي؛ طبقات الحفاظ: دار الكتب العلمية بيروت، ط1، 1403هـ.
  الشافعي؛ المسند؛ قدم له محمد زاهد الكوثري، ط 1: 1417هـ 1997م، دار الفكر، بيروت.
  الصنعاني؛ توضيح الأفكار، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط:1، 1336هـ، دار السعادة –القاهرة.
  الطبراني؛ المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، 1415هـ دار الحرمين، القاهرة.
  الطيالسي؛ المسند، دار المعرفة – بيروت.
  عبد الله بن أحمد؛ السنة: د. محمد سعيد سالم القحطاني، ط:2، 1406هـ، دار ابن القيم – الدمام.
  العراقي؛ التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح؛ حققه عبد الرحمن بن محمد عثمان؛ دار االفكر بيروت، 1401هـ -1981م.
  العقيلي ؛ الضعفاء الكبير، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، دار المكتبة العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1404هـ – 1984م.
  الفيرزوآبادي؛ القاموس المحيط: تحقيق مكتب تحقيق التراث بالرسالة، مؤسسة الرسالة– بيروت، ط2: 1407هـ.
  مالك بن أنس؛ الموطأ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، مصر.
  المزي؛ تهذيب الكمال، تحقيق د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1400 هـ – 1980 م.
  مسلم؛ الجامع الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  النسائي؛ السنن الصغرى: تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، ط:2، 1406هـ 1986م، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب.
  النسائي؛ السنن الكبرى: تحقيق د.عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن، ط:1، 1411هـ- 19991م، دار الكتب العلمية بيروت.
  النووي؛ المجموع شرح المهذَّب، دار الفكر، بيروت.
  الهروي؛ الأربعين في دلائل التوحيد تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي ط:1، 1404هـ، المدينة المنورة.