الرئيسية / جديد دعاة تجديد أصول الفقه في ميزان المنهج الأصولي الدكتور حسن الترابي نموذجا(∗) ذ. عبد الحليم أيت أمجوض.

عدد المشاهدات 13

عدد التحميلات 1

عنوان المقال : جديد دعاة تجديد أصول الفقه في ميزان المنهج الأصولي الدكتور حسن الترابي نموذجا(∗) ذ. عبد الحليم أيت أمجوض.

الكاتب(ة) : د . عبد الهادي بوطالـــــب

جديد دعاة تجديد أصول الفقه في ميزان المنهج الأصولي
الدكتور حسن الترابي نموذجا(∗)
ذ. عبد الحليم أيت أمجوض
……………………………

لما كان التجدد قاعدة مطردة في جل الكائنات الحية، وعدد من الموجودات الطبيعية، التي ما فتئت تتحول وتتغير مذ خلقها الله، صار التجديد مناط الابتلاء في الحياة يدور معها وجودا وعدما. ولقد أحدث هذا الأصل في الحياة البشرية في القرن الأخير تغيرات عميقة جذرية ومتسارعة في شتى الحقول والمجالات، بفعل ظهور اتجاهات عديدة تسعى إلى التجديد والتطوير؛ نشأت في ظلالها دعوة مخصوصة متنامية لتجديد الفكر الإسلامي لا يزال يتسع نطاقها منذ عقود إلى أن أصبحت ظاهرة لها منظروها ودعاتها وموضوعاتها وقضاياها ومؤسساتها وأهدافها، كمــــــا تعددت مستوياتها وأشـــــــكالها، فكثــــرت بتطورها اللقاءات والمؤتمرات والمحاضرات والكتابات ومختلف الأنشطة الداعمة…  
وقد حظي علم أصول الفقه بالحظ الوافر من تلك الجهود الطيبة المبذولة لتحقيق قصد التجديد النبيل، نظرا لمحورية المنهج الأصولي في حياة الأمة الإسلامية، باعتباره آلة تأطير أفعال أفرادها وجماعاتها بمقتضيات الوحي، ولأن نهضة منشودة تروم تخليص العقلية المسلمة من الجمود لا يمكن أن تقوم على غير منهج أو بانفعال عام بالإسلام أو باشتغال بالجزئيات دون النظر إلى مقاصد الدين الكلية، لذلك لابد من منهج أصولي مقدر، علما بأن منهج الأصول الموروث، بطبيعة نشأته في دائرة الحياة الخاصة بعيدا عن مجال الحياة العامة، وبحكم تأثره بالمنطق الصوري وبالنزعة المحافظة، أصبح لا يستوعب جزءا كبيرا من حركة الحياة المعاصرة الواسعة().
ولما كان لدعوات التجديد المنهجي في علم أصول الفقه مقاصد وجيهة لازالت عزيزة بالرغم من مرور أزيد من قرن من الزمن على نشأتها()، وجبت مناولة مقرراتها بالدراسة والتمحيص والتقييم بقصد تثمين إيجابياتها والبناء عليها، ورصد مكامن الخلل ومعالجتها.
لهذا آثرت أن أسهم من خلال مباحث هذه المقالة بخطوة في هذا السياق؛ تجعل نظرية المنهجية التوحيدية للدكتور الترابي نموذجا للتشريح باعتماد أقطاب المنهج الأصولي إطارا مرجعيا في الرصد والتحليل، وذلك بعد التعريج على مفهوم التجديد ومشروعيته وعلاقته بمنهج الأصول ومسيرته عبر تاريخ الدرس الأصولي.
وأود بداية إبداء ملاحظات بشأن دواعي تحديد مجال الدراسة:
    •  إن حصر الدراسة في نموذج معين لا يعني إقصاء غيره، ففي معاهد العلم والبحث اجتهادات قيمة، وفي حصيلة من سبق بعلم ثروة.
    •  إن حصر الدراسة يساعد على تعميق البحث ودقة الوصف…
    •  إن المجال المخصص لهذه الدراسة محدود لا يكفي لمناولة كل النماذج بشكل دقيق ومثمر…
    •  إن للرجل مشاركة ملحوظة في مجال تجديد الفكر الإسلامي من خلال عدد من الكتابات والأنشطة()، وله كتاب مستقل في السياسة الشرعية والتنظيم الاجتماعي؛ وهي الثمرة المرجوة والمقصودة بالدرجة الأولى من الدعوة إلى التجديد المنهجي في علم أصول الفقه لإعادة التحام الفقه بسلطة التقرير وواقع المسلمين.
    •  لم تخل كتاباته من فكرة سديدة أو على الأقل وجهة نظر جديدة تخص الأقطاب الأربعة لأصول الفقه المبينة لاحقا()، والتي تشكل أركان المنهج وأسس الفكر الفقهي المطلوب تجديده()، بل له تصور خاص للمنهج الأصولي اتخذه سندا مرجعيا لتقويم الآراء واتجاهات الاجتهاد السائدة، واقتراح الجديد شكلا ومضمونا، بالاعتماد على منهجية قوامها الشمول والاعتدال؛ جعلها معيارا للتقويم ومرجعا في إعادة البناء…
مفهوم التجديد وعلاقته بالمنهج الأصولي وتاريخِه.

المطلب الأول: مفهوم التجديد وعلاقته بالمنهج الأصولي.
الفرع الأول: مفهوم التجديد ومشروعيته.
أولا: المعنى اللغوي.
التجديد لغة تفعيل من الجدة، وهي نقيض البلى والخلق، وأجده وجدده واستجده، إذا صيره جديدا()، فتجدد، والجديدان والأجدان: الليل والنهار()، وذلك لأنهما لا يبليان أبدا()، وتجديد الشيء أيضا: إرجاعه والعودة به إلى جدته الأولى بإحياء ما اندرس منه().
ثانيا: المفهوم الاصطلاحي ومشروعيته.
إذا كان التجديد في سائر مطالب الحياة فلسفة تطورية لا بد منها لضمان بقاء الحضارة الإنسانية وازدهارها، فإنه في الدين من تعاليم الإسلام التي جاء بها رسوله  ()، روى أبو داود والحاكم وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعا: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها”().
ولقد أفـاض العلماء فــي الشرح والتعلـــيق على الحديث حتى ذكروا مجددي القرون السابقة بتفصيل على اختلاف فيما بينهم()، إلا أن أنفع ما ذكروه لسياق البحث حديثهم عن المراد بالتجديد بتحديد نطاقه والمؤهل له، وقد اختلفوا بداية في دلالة “من” الواردة في الحديث، أهي للمفرد أم للجماعة، على فريقين، فرجح الذهبي وابن الأثير دلالتها عليهما معا()، ثم بينوا أن التجديد يشمل العلم والعمل، قال المناوي: “يجدد ما اندرس من أحكام الشريعة وما ذهب من معالم السنن، وما خفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة”()، فيحيي ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما().
المراد إذن بالتجديد في الفكر الإسلامي بناء على الحديث إحياء العلم الديني ظاهرا وباطنا، وتكييف الواقع العملي بمقتضى ذلك المعلوم من الدين، من قبل مجددين أفرادا كانوا أو جماعات أو هما معا، فقد يكون المجدد فردا يهيئه الله للقيام بمهمة الإحياء والتجديد، وقد يقوم بهذه المهمة أفراد أو مجموعات متناثرة، كل في موقعه ومجال تخصصه، في العلم والفكر والسلوك والتربية والحكم والسياسة والاقتصاد وخدمة المجتمع، يعملون من أجل هدف واحد، ويكون بينهم تكامل وتناسق بين أنواع العمل المختلفة بحيث يكمل بعضها بعضا، وإن اختلفت اختصاصاتهم ومواقعهم وطرائقهم().
الفرع الثاني: علاقة مفهوم التجديد بالمنهج الأصولي.
أولا: الإحياء والتطوير وفقها النص والتنزيل.
يقسم عدد من المعاصرين المنهج الأصولي إلى فقه نص موضوعه قواعد الاستنباط، وفقه تنزيل موضوعه قواعد تحقيق المناط، وسندهم في ذلك مقولة الإمام الشاطبي في تقسيم الاجتهاد إلى ضربين().
ويقسم آخرون التجديد بحسب وظيفتي الإحياء والتكييف إلى نوعين، ومن هؤلاء الدكتور الترابي الذي ميز بين نحوين من تجديد الدين، اصطلح على الأول بالإحياء، فيما اصطلح على الثاني بالتطوير، واعتبر الأول درجة أدنى من التجديد بينما الثاني يمثل درجة قصوى().
ذلك لأن الإحياء يهدف إلى بعث شعاب الإيمان الميت في النفوس بتطاول الآماد وقسوة القلوب من خلال التذكير بأصول الدين والموعظة بوازعه ودافعه()، بينما يهدف التطوير إلى ما هو أعظم من مجرد الإحياء بالبعث والإيقاظ والإثارة، لأنه يكيف أحوال التدين التاريخية لطور جديــــد في ظــروف الحيــاة، وينـهـض بالدين نحو كـــسب يثــري معانيه ويـــؤكد وقــعه بوجـــه
جديد().
ولئن عرف الدكتور الترابي باصطلاحاته المختارة التي يوظفها أحيانا توظيفا خاصا يختلف أحيانا عما يراد منها في التمثل المشترك()، فإنه لا يعني بالتطوير شيئا آخر غير تكييف أطوار الحياة بإلزامات الوحي الثابت، وهو مآل الاجتهاد التنزيلي().
وإذا كان الأمر كذلك فإن فقه التنزيل يصبح سببا غير مباشر للتجديد بمعنى التطوير، فيما يحقق فقه النص سببية الاجتهاد الإحيائي بتبين المراد الإلهي من النص الديني وما يؤول إليه.
لذلك استدرك حتى لا يفهم من كلامه غير مراده، فأردف باعتبار التطوير نمطا من التجديد لا يعني بحال الخروج عن أطر الدين الحق، بل يعني تصريف المعاني والأحكام والنظم المركبة في سياق نصوص الشريعة ذاتها بتنزيل مجملاتها وحمل توجيهاتها على الواقع المعين().
وليس هذا منحى الترابي فحسب، بل هو إجماع شبه تام() من الباحثين اليوم على أن التجديد لا يعني فيما يعنيه الإحياء بالمعنى الضيق للمصطلح من الرجوع إلى الماضي والجمود عليه جمودا لا يقيم اعتبارا لتغيرات الزمان، ذلك لأن الدعوة إلى الكتاب والسنة الصحيحة تتنافى وهذا الفهم لما يفضي إليه من إلجاء الشريعة إلى زوايا النسيان، بل ويتنافى وفهوم السلف وسيرتهم، إذ لم يعيقوا حركتنا العقلية الحاضرة ولم يحولوا بيننا وبين الإرادة والتحرك باتجاه تأصيل حياتنا الفكرية والتشريعية في ضوء التغيرات التي تحدث في عالمنا المعاصر، وذلك حينما قرروا أن اجتهاداتهم في التطبيق لا تعدو أن تكون جهودا بشرية لفهم فتاوى المتقدمين والـمتأخرين بأنه اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبــــــرهان، أو يقولون هو
الدليل في التنزيل على محله، وليست دليلا مستقلا بحد ذاتها، وكانوا يصفون الاختلاف بين اختلاف في حال لا اختلاف في مقال().
بل من شدة الارتباط بين التجديد والاجتهاد استنباطا وتنزيلا قسم عدد من الباحثين() الاجتهاد المعاصر إلى نوعين: اجتهاد انتقائي ترجيحي واجتهاد تجديدي إنشائي().
وحتى لا يكون الأمر أشبه بالرجم بالمصطلحات من غير بيان للعلائق بدقة، أخلص إلى سلسلة التلازمات التي تربط الفقه بنوعيه نصا وتنزيلا بالاجتهاد بنوعيه استنباطا وتنزيلا ثم بالتجديد بنوعيه إحياء وتطويرا، فأقول:
إن فقه النص بوصفه منهجا يعتبر نسقا فكريا مكونا من قواعد تضبط عملية الاجتهاد الاستنباطي الذي يقود إلى التجديد الإحيائي، بينما فقه التنزيل هو منهج يضبط عملية الاجتهاد التنزيلي بقصد تجديد التطوير.
ثانيا : ضرورة التجديد من ضرورة الاجتهاد.
لـعل فيـما أورده العـلماء والباحـثـون بـشأن البــواعث الشــرعية() والـمنطقية() عـلى الاجتهاد
كفاية في الدلالة على فرضية التجديد للتلازم الحاصل بين المفهومين، ولعل ذلك ما حدا بأحد الباحثين إلى اعتبار حديث التجديد يفيد أول ما يفيده التكليف الشرعي بالاجتهاد والتجديد، بالإضافة إلى أنه يعتبر في ذاته حافزا ومحرضا حضاريا للإقلاع من حالة العطالة والركود والانسحاب وانطفاء الفاعلية إلى حالة التألق والعطاء والفاعلية. إنه دعوة إلى مغالبة قدر بقدر آخر أحب إلى الله وأرضى له، ودعوة إلى الارتقاء بالواقع إلى أفق الشرع، والعودة به إلى ينابيعه الصافية السليمة.()
وقد أشار غير واحد من الباحثين إلى أن حياة التشريع رهينة بسلامة الاجتهاد والتجديد()، وإن سلامتهما تتوقف على ملاءمتهما لروح العصر وتقدير ظروف البيئة والأعراف السائدة عملا بقاعدة تغير الأحكام بتغير الأزمان()، فضلا عن قواعد العمل بمقتضيات الضرورات والحاجات المتجددة().
لأن الشرائع تبدلت بتبدل العصور وتوالي الأمم إلى أن جاءت أمة سيدنا محمد ، فجعلها الله تعالى خاتمة الأمم، وجعل الإسلام صالحا بين يدي الساعة، فكان التجدد الذاتي من صفاته الجوهرية وكان التجديد والاجتهاد من لوازم خاتمية النبوة، فهما النبع الفياض والرافد الغزير الذي يمد الدين وأحكامه بالحياة والاستمرارية في البقاء، فلا حياة ولا بقاء لشرع لا يمكنه تلبية حاجات معتنقيه بما يتماشى مع تجدد العصور وتجدد الواقع والحوادث الناتج عن سرعة التحرك والنمو في مجالات الحياة المختلفة والمتعددة، وفي كافة جوانبها الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والغذائية والدوائية وما إليها، وسرعة التطور التكنولوجي بظهور الآلات الميكانيكية والإلكترونية().
فضلا عن تعقد جوانب كثيرة من حياة الفرد والأسرة والمجتمع مع ما صاحب ذلك من إشكالات ترتبط بالمعاملات المالية وصور الشركات المستحدثة ومعاملات البنوك والتأمين والبورصات والمستجدات الطبية المرتبطة بالهندسة الوراثية والتلاعب بالجينات وتقنيات النقل الجراحي ونقل الأعضاء والغرس والحمل بطرق مختلفة، وأنواع الأدوية والأغذية الكيماوية المشبوهة، بالإضافة إلى قضايا حقوق الإنسان المختلفة وصور المشاركة في تسيير الشأن العام والتداول على السلطة، والقائمة لا تنتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلزم أن يبقى باب الاجتهاد والتجديد مفتوحا إلى أن ينقطع أصل التكليف وذلك عند قيام الساعة().
ولما كان للتجديد معنى مخصوص هو غير ما يريده المعطلة بدعواه تجديدا مرسلا عن القيود الشرعية إقصاء لمعنى الإحياء الضروري للتطوير، صار لزاما أن يكون هذا التجديد على منهج رباني أصيل شمولي متكامل متناسق مقاصدي أخلاقي واقعي اجتماعي متدرج مرن وسطي ومتوازن، وليس هذا المنهج سوى أصول الفقه.
المطلب الثاني: مسيرة التجديد عبر تاريخ الدرس الأصولي.
لقد عمد السلف إلى النظر في الأدلة منذ الصدر الأول للإسلام، فبعد انقطاع الوحي أصبح الباب مفتوحا للاجتهاد في إعمال الأدلة التي نزلت زمن الوحي في الوقائع المستجدة، وفي هذا الصدد نشأ الاختلاف بين مجتهدي الأمة فانقسموا إلى فريقين عظيمين؛ أحدهما: أهل الخبر والأثر المتمسكون بالنصوص ما استطاعوا، والثاني: أهل الرأي والنظر الموسعون في طرائق القياس والمعاني حين تعوزهم الآثار أو لا ترقى عندهم إلى درجة الاعتبار، فاتسعت شقة الخلاف بينهما إلى أن ظهر الشافعي صاحب البيان، فأسس علم ضبط الاستنباط، وجمع بين اعتبار الألفاظ وتتبع المعاني وحاول إغلاق الباب على المتطرفين من الفريقين.
وتابع الشافعي جمهورُ علماء الأمة مفرِّعين مقعدين. ولكن النزاع التقليدي لم يحسم في محال كثيرة من الأصول، لأنها، وكأي كسب بشري عصارة فكر ونتاج جهود علماء الأمة الذين هم، من قبل ومن بعد، بشر يخطئون ويصيبون، لذلك تعسر حسم الاختلاف حول أبوابه وقواعده وحتى حول أكثر أدلته. يقول الإمام الغزالي: “وأما علم الأصول فمنشأ الوفاق فيه يضاهي منشأ الوفاق في الكلام. ويتبع الخلاف فيه أمران, أحدهما تعارض الأدلة والشبهات والثاني امتزاج القطع فيها بالظنيات. وأما الفقه فموضع الإجماع فيه ما يستند إلى كتاب الله أو حديث متواتر أو إجماع واجب الاتباع. وما عداهما فهو مظان الظنون وعند الارتياب يختلف المجتهدون وتضطرب آراؤهم فيتحزبون.”().
وقد كان الاختلاف في الأصول() سبب ما حصل في فروع الفقه من تعدد في المذاهب()، نتيجة التباين في كيفية إعمال الأدلة حال تنزيل الأحكام، بين من تمسك بالنصوص وقطعها عن رحمها المقاصدي، ومن تحلل وتفلت من قيودها، فالظاهرية في طرف والطوفية في طرف آخر.
لذلك انبرى عدد من العلماء والمفكرين إلى إعادة النظر في الدرس الأصولي شكلا ومضمونا منذ زمن، وبخاصة أهل المقاصد الذين حاولوا التوفيق بين الفريقين ملتزمين التوسط والجمع بين النصوص والمقاصد، وبين الكليات والجزئيات… بقصد تقويض غلو الفريقين وإقامة الحجة عليهم وتمهيد الطريق لتطبيق الأحكام على الطريق الوسط والأعدل().
جملة القول إذن؛ إن العمل على تجديد علم الأصول وتطويره ليس وليد هذا العصر، وإن كانت الدعوة إليه اليوم أكثر إلحاحا. لقد سبق لعلم أصول الفقه أن عرف محاولات تجديدية رائدة تخللت عصور الركود خاصة مع الإمام الشاطبي من خلال الموافقات(). لكن مسلسل الانحطاط كان غالبا، فلم يكتب لدعوته صدى إلا بحلول زمن الشيخ الطاهر بن عاشور الذي حمل لواء تجديد العلوم الشرعية؛ فعدد علل الدرس الأصولي في كتابه المفرد لإصلاح التعليم العربي الإسلامي()؛
قال الشاطبي : “نشأت في هذا العلم أسباب توجب اختلالا في تعاطيه، وهي [خمسة]:
الأول: توسيع العلم بإدخال ما لا يحتاج إليه فيه، حيث قصدوا منه أن يكون علم آلات الاجتهاد، فأرادوا أن يضمنوه كل ما يحتاج إليه المجتهد؛ فاختلط بالمنطق واللغة والنحو والكلام [.. فـ]ذكروا معاني الحروف والاشتقاق والوضع والترادف والدلالة والمنطق وغيرها،[..]، وهو عمل غير محمود في الصناعة().
الثاني: إن قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه فوجدوا بين قواعده وبين فروع الفقه تعارضا، فلذا تخالفت الأصول وفروعها في كثير من المسائل على اختلاف المذاهب…
الثالث: تضمن العلم مسائل لا طائل تحتها، مثل مسألة: هل كان النبي  متعبدا بشرع قبل نبوءته، ومسألة أقل الجمع. ومسألة التكليف بالمحال وغيرها. وهي المسائل التي جعل أبوإسحاق الشاطبي الخوض فيها من العبث().
الرابع: الغفلة عن مقاصد الشريعة؛ فلم يدونوها في الأصول، إنما أثبتوا شيئا قليلا في مسالك العلة، مثل: مبحث المناسبة والإخالة والمصلحة المرسلة، وكان الأولى أن تكون الأصل الأول للأصول، لأن بها يرتفع خلاف كبير، وقد وفق الله إليها أبا إسحاق الشاطبي، فخصها بقسم من كتابه الموافقات().
الخامس: إن غلق باب الاجتهاد وتحجير النظر حط من قيمة علم الأصول عند طالبيه، فأودع في زوايا الإهمال، وأصبح كلمات تقال، وبذلك قل تدريسه…().
لقد كانت كلماته المعدودة هذه تنم عن خبرة حملت بلسما لمن جاء بعده، وشكلت منارا كاشفا لمداخل إصلاح الأصول وسبله، فدشنت مرحلتين من التجديد اختصت كل منهما بجانب من جوانبه المذكورة؛ بدءا من الشكل وانتهاء بالمضمون، وصار لكل منهما رواد ومنظرون.
كان الفضل في التجديد الشكلي لشيوخ علم الأصول المحدثين الذين التفتوا إلى الخطوات الضرورية الأولى في هذا الدرب، والتي من دونها لم يكن من الهين التفكير في تجديد المضمون. وكان القصد في هذه المرحلة هو تخليص هذا العلم من الأساليب المعقدة التي ألف الأصوليون من السلف أن يكتبوا بها، ونخل المباحث والقضايا التي كانوا يبحثونها، وطرح ما لا صلة له بالأصول، وما لا جدوى منه فيما وضع له هذا العلم. وإعادة ترتيب أبوابه على نحو يسهل تعلمه واستيعابه وتوظيف قواعده.
وقد تمخضت هذه المرحلة عن كتب أصولية في صيغ ميسرة لكل من: الشيخ محمد الخضري بك()، والشيخ عبد الوهاب خلاف()، والشيخ علي حسب الله()، والشيخ محمد أبو زهرة()، والشيخ أحمد إبراهيم()، والشيخ محمد أبو النور زهير وغيرهم كثير…().
ورغم ما شاب كتبهم من عيوب التقليد والإيجاز المخل أحيانا، فقد حققوا أقدارا كبرى من مقاصد المرحلة، وسمحت جهودهم لمن جاء بعدهم بالاتجاه إلى معالجة الخلل الجوهري في الأصول، من خلال إعادة النظر في المواطن الأخرى التي تلح فيها الحاجة إلى التغيير والتجديد مما هو من لب العلم، فتوالت الدعوات إلى اعتبار مقاصد الشريعة ومراعاتها عند الاجتهاد.
وكان من نتيجة ذلك مناولة الباحثين لجوانبها المختلفة بالدراسة والتمحيص، فحققوا مسائلها وزادوها جلاء ووضوحا، فتحصل اليقين بأنها النظرية الأصولية الأجدر بأن تحل إشكالات المنهج الأصولي.
جديد نظرية الترابي في تجديد المنهج الأصولي.
إذا كان علم أصول الفقه، كما عرفه الإمام الرازي، هو: “مجموع طرق الفقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وكيفية حال المستدل بها”()، فإنه يشكل بحق منهجا للبحث()؛ لأن كل منهج يقوم على ثلاثة أركان ضرورية لتصوره، وهي: مصادر البحث، وطرقه، وشروط الباحث.
وقد زاد الإمام الغزالي ركنا رابعا ليجعل الأقطاب التي يدور عليها علم أصول الفقه أربعة، سماها: مستثمرا؛ وهو المجتهد، ومثمرا؛ وهو الأدلة، وطرقا للاستثمار؛ وهي وجوه دلالة الأدلة، وثمرة؛ وهي الأحكام… (). وبين بعد ذلك كيفية اندراج الشعب الكثيرة من أصول الفقه، أي مختلف مباحثه، تحت هذه الأقطاب الأربعة().
لذلك فإن الدعوة إلى تجديد أصول الفقه تبقى غير ذات جدوى، إن لم يتناول التجديد هذه الأقطاب الأربعة لعلم أصول الفقه أو بعضها على الأقل…
وبما أن هذه الأقطاب تشكل أركان المنهج، حسبما سلف، فإن أي تجديد في أصول الفقه لا يمكن أن يكون إلا تجديدا منهجيا بطبيعته.
وبالتالي فإن الدراسة العلمية لنظرية الدكتور الترابي في تجديد علم أصول الفقه تقتضي رصد الملاحظات والجديد على مستوى أركان هذا المنهج كما يأتي؛
أولا : القضايا التجديدية المتعلقة بالمجتهد: أي المستثمر، أو الباحث.
ثانيا : القضايا التجديدية المتعلقة بالأدلة : أي المثمر، أو مصادر البحث.
ثالثا : القضايا التجديدية المتعلقة بمسالك الاستدلال: أي طرق الاستثمار أو البحث.
رابعا : القضايا التجديدية المتعلقة بالأحكام: أي الثمرة، أو نتائج البحث.
وقبل ذلك لابد من مقاربة النظرية بتحديد التصور المعتمد من قبل الدكتور الترابي لتقويم الدرس الأصولي، فتصير الدراسة في هذا المبحث موزعة على خمسة مطالب؛ أولها في المنهجية التوحيدية؛ السند المرجعي لتقويم الترابي للدرس الأصولي، والثاني في القضايا التجديدية المتعلقة بالمجتهد، والثالث في القضايا التجديدية المتعلقة بالأدلة، والرابع في القضايا التجديدية المتعلقة بمسالك الاستدلال، والخامس في القضايا التجديدية المتعلقة بالأحكام.
المطلب الأول: المنهجية التوحيدية؛ السند المرجعي لتقويم الدرس الأصولي.
انطلق الترابي نحو أطروحة “المنهجية التوحيدية ” من ضرورة تستوجبها قناعتان: الأولى تتمثل في الشرط الموضوعي؛ وهو الحاجة الملحة لتجديد المنهج، والثانية تتمثل في الشرط الذاتي؛ وهو ضرورة ترشيد كثافة المبادرات الاجتهادية للخروج من الفوضى المنهجية، ومن ثم يتحدث عن ضرورة التواضع على قضية المدخل والمنهج.
الفرع الأول: ضرورة التواضع على قضية المدخل والمنهج.
أولا: المدخل؛ الحاجة الملحة لتجديد المنهج.
في هذا المدخل الذي يعتبر شرطا موضوعيا لأطروحته في التجديد، تناول الترابي الدرس الأصولي القديم بالنقد، وانطلق في ذلك من حاجة واقع المسلمين إلى نهضة شاملة في كل المجالات تثور على الأوضاع التقليدية وتخلص العقلية الإسلامية من الجمود، ولا يمكن أن تقوم هذه النهضة في نظره، على غير منهج أو بانفعال عام بالإسلام أو باشتغال بالجزئيات دون النظر إلى مقاصد الدين الكلية، بل لابد أن تقوم على منهج أصولي مقدر().
وفي هذا إشارة ضمنية إلى ضرورة تطوير المنهج الأصولي()، لأن التمسك بأصول الفقه الموروث بطبيعة نشأته بعيدا عن واقع الحياة العامة، وبتأثره بالمنطق الصوري، وبالنزعة الميالة نحو الضبط والتي جعلته ضيقا()؛ هو تمسك بالحال الذي نحن فيه…هذا فضلا عن كونه، أي أصول الفقه، كسبا بشريا يطرأ عليه احتمال الخطأ، ويقع فيه الاختلاف، وتجري عليه سنة الله في كل كسب بشري من دورات التقادم والبلى، ثم التجدد والنهضة().
في هذا السياق يدعو الترابي إلى إحداث ما يسميه “ثورة الاجتهاد”()، وينعى على القوى المحافظة مقولة سد باب الاجتهاد، بل وحتى الدعوة لما هو الأسلم والأحوط في مثل واقعنا؛ ذلك لأن الخطاب الموافق لمجتمع نائم خامد قرونا طويلة؛ هو أن نبادره بالمنبهات ودواعي الحركة الحرة، وأن نصيح له بأن يتيقظ ويجاهد ويجتهد، حتى إذا جاد بالحركة، وتباركت نهضته لدرجة نخشى عليه فيها الجنـــوح والفوضى، عندئذ، يجوز أن ندعوه لما هو الأسلم والأحوط().
ثانيا: الفوضى المنهجية وضرورة التوحيد.
في سياق “ثورة الاجتهاد” قد يستبشر المرء بكثافة المبادرات الاجتهادية، لكن الذي يدعو لبعض القلق، في نظر الترابي، هو أن هذا الدخول الحي في ساحة الاجتهاد قد حجب ضرورة التواضع على قضية المنهج، مما أحدث “فوضى منهجية”()، أي تعددا في المناهج.
هنا يغتنم الترابي الفرصة لانتقاد أصناف من أهل المناهج والاتجاهات المتطرفة من قبيل()؛ المعطلة الجدد، والتراثيين، والتلفيقيين، والانتقائيين، واللادينيين، ويخلص في الأخير إلى ضرورة تواضع العلماء والمفكرين على معالم منهج مختار يعتصمون به لضبط مخرج الرأي ولجمع شتاته، ويحتكمون إليه لضم الخلاف وتمحيص الزيف وعزل خواطر الهوى المعربد والشهوة المطلقة().
وهو، في هذا كله، إنما يمهد لأطروحته في تجديد المنهج الأصولي والتي سماها “منهجية توحيدية اشتمالا واعتدالا”، فما المقصود بها إذن؟
الفرع الثاني: المنهجية التوحيدية؛ أساس تقويم تاريخ الدرس الأصولي.
تتشكل بنية هذه الفرع من عنصرين: أولهما يلقي الضوء على مفهوم المنهجية التوحيدية ومقوماتها، والثاني يعالج معياريتها؛ أي موجب اعتبارها أساسا للتقويم.
أولا: المفهوم.
المنهجية التوحيدية، في نظر الترابي، منهجية تشريعية إسلامية قوامها؛ الشمول، ثم الاعتدال. فما المقصود بكل منهما؟
1. الشمول؛ ويظهر على مستويين: أولهما الإحاطة بأبعاد الوجود الكوني وبالبشر أجمعين وبالأمة قاطبة. وثانيهما الإحاطة بشتى جوانب الحياة ووجوهها؛ أولها وآخرها، وظاهرها وباطنها، ما اتصل منها بشأن السلطة والجماعة أو ما لم يعن إلا خويصة النفس…
2. الاعتدال؛ والمراد به القصد والتوازن بلا إفراط أو غلو أو شطط في الاستقطاب بين الفرد والمجتمع، أو المجتمع والسلطان، وبين الإجمال والتفصيل، أو التنظير والتطبيق، أو الثابت والمتغير، وبين الظاهر والباطن، أو الغيب والشهادة، أو الوحي والعقل، وبين الطلاقة والنظام، أو الشكل والجوهر، ونحو ذلك مما يبدو متباينا في نظر الإنسان، ومما يهدد بأن يفرق حياته ويشققها.
ثانيا: المعيارية.
إن مطلبي الاعتدال والشمول في أطروحة الترابي؛ مفهومان اكتنزا كل أبعاد التوحيد المطلوبة، وبالمقابل شكلا معيارا للتقويم وأساسا لنقد كل أشكال الاختلال والجنوح والشطط المحتملة في الاستقطاب. وبالضمن أمكن أن نقول: إن الترابي ينتقد كل منهج اختل فيه أحد عنصري الاعتدال والشمول أو كلاهما:
فباختلال الشمول تتناقض منهجية الترابي مع كل منهج يروم بعدا واحدا من أبعاد الوجود الكوني أو جماعة من البشر دون غيرها، كما تتعارض وكل منهج يعتني بجانب واحد من جوانب الحياة دون غيره، أو بوجه دون وجه، بأول دون آخر، أو بالعكس، أو بظاهر دون باطن، أو بالعكس، أو بشأن سلطان دون جماعة، أو بالعكس… وهكذا.
وباختلال الاعتدال تتناقض مع كل منهج يجنح نحو الفرد دون المجتمع، وبالعكس، أو نحو المجتمع دون السلطان، أو بالعكس، كما تتعارض مع كل المناهج الصرفة؛ الإجمالية، أو التفصيلية، أو التنظـيرية، أو التطبيقية، أو الظاهرية، أو الباطنية، أو العقلية، أو النقلية…، بشرط الجنوح نحو صنف من هذه الأصناف، أو غيرها، دون الاعتدال.
إن منهجية التوحيد، وهي تشتغل من خلال آليتي الشمول والاعتدال تشكل بحق معيارا لتقويم تاريخ الدرس الأصولي، بما حواه من مناهج واتجاهات وتصورات ومواقف وآراء، وفي هذا السياق عد عللا ثلاثا وسمت الفكر الإسلامي، ككل، بما فيه من أصول الفقه..
    •  العلة الأولى؛ الانقطاع عن الأصل().
    •  العلة الثانية؛ الفروعية().
    •  العلة الثالثة: الإغراق في التجريد().

وتجدر الإشارة في ختام هذه الفقرة، وفي سياق الحديث عن التجديد، إلى أن الناظر في استعراض الترابي لهذه العلل لا ينبغي أن يغيب عن ناظره مقترحه المنهجي التوحيدي للخروج من آفات هذه العلل. لذلك، والتزاما بضوابط المنهج الذي تقيدت به هذه الدراسة، وحتى تكون المناولة أكثر وضوحا، يجمل بالباحث عرض مجمل الملاحظات ومناحي التجديد منوطة بأقطاب المنهج الأصولي من خلال المطالب الأربعة الآتية.
المطلب الثاني: المجتهد.
لما كان المجتهد() محور العملية الاجتهادية وقطب الرحى فيها نال الحظ الأوفر من البحث الأصولي المعاصر()، نقدا وتجديدا، في شتى الجوانب المتصلة به، ولذلك لم يكن الترابي بدعا من الباحثين حين أبدى رأيه بوضوح فيما يتعلق بهذا القطب مما يأتي تاليا في فرعين؛ أولهما في الشروط والتأهيل، وثانيهما في مؤسسة الاجتهاد وما يتعلق بها.
الفرع الأول: المجتهد؛ الشروط والتأهيل.
أولا: الشروط().
المجتهد الأوثق، في نظر الترابي، هو الأتم من غيره إحاطة بعلوم الشريعة واللغة والتراث، وإحاطة كذلك بعلوم الواقع الاجتماعي والطبيعي().
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المنهجية التوحيدية تفرض الشمول والاعتدال بين ثلاثة أنواع من الأصول()، وهي:
أولا: أصول بيان تشمل مناهج النقل؛ كعلم الرواية وعلم اللغة…
ثانيا: أصول تكليف تتنزل بها الأحكام في صور ملزمة ذات حجة عملية…
ثالثا: أصول مادية هي علوم لغة ونفس ومجتمع وطبيعة متصلة بالسلوك الذي تنظمه الأحكام، وهذه تشمل ماجد من علوم في ضبط التاريخ، وفي أبعاد اللغة التعبيرية والنفسية والاجتماعية، وفي أحوال النفس البشرية وسنن المجتمعات في معاملاتها وسياستها…
غير أن هذا لا يعني أن الترابي يجعل من شروط المجتهد حدودا شكلية منضبطة يظل المتعلم مقلدا حتى يبلغ حرفها، بل على العكس من ذلك، يرى أن آفة الدرس الأصولي القديم هي الشروط المغلظة التي اشترطها الأصوليون للتصدي للاجتهاد، والتي ميزت في المجتمع بين عامة معزولة عن تكليف التفكر في الدين، وشذاذ يحتكرون أسراره()، بينما الشأن في العلم والاجتهاد أن يكون حركة مجتمع مهما برزت أعلام يؤهلهم كسبهم لقيادة التفكير أو التعبير عن الكسب العام… ()، ولذلك يرى الترابي أن النظام الأمثل اليوم هو أن ترد إلى المصطلحات الإسلامية: “العلم” و”الفقه” و”الاجتهاد” و”الشورى” و”الإجماع” شعبيتها().
ثانيا: التأهيل والتكوين.
يتفق الترابي مع عدد من الباحثين على عدم كفاية المجهودات الفردية، بل وحتى الجماعية في ظل غياب سياسة واضحة تنتهجها الدولة لتكوين وتأهيل المجتهدين، فلا بد للسلطة العامة في المجتمع أن تقنن نهضة العلم والفكر بتنظيم وتيسير التأهيل والاجتهاد، وتأسيس معاهد للبحث بدلا من أن يترك كل متعلم يحاول التحصيل، ويطمع في الإحاطة بكل علوم الشريعة واللغة والعلوم الحديثة، لا سيما أن مدى ما ينبغي الإحاطة به من علوم التراث والعصر معجز للفذ من العلماء، فلابد للدولة من الجامعات لتؤهل المتعلمين، وترتب الشهادات بما يمكن الناس من تمييز أهل الفقه ودرجاتهم().
لذلك نجد الترابي، وهو يتحدث عن سلطان الإمارة وشعابها التنظيمية، يجعل إنشاء مرافق العلم وتنظيمها وتطويرها وتعميمها من بين مهام الدولة الحديثة ومسؤولياتها الكبرى إلى جانب الأمن والعدل والصحة وغيره().
الفرع الثاني: مؤسسة الاجتهاد.
أولا: عناصر المؤسسة وصيغتها.
قسم الترابي الاجتهاد الجماعي في سياق منهجية الشمول والاعتدال بين الصفوية والشعبية إلى نوعيـن: اجتـهـاد الأنظومة النيابية، واجتــهاد الشعب أو الأمــة فما مـقصوده مــن كــل نوع منهما؟
1. اجتهاد الأنظومة النيابية:
أنظومة التشاور في نظر الترابي قد تتخذ صورة غير بينة العد، لكنها تقتصر على طائفة هم أهل الحل لمعضلات المسائل والعقد لأطراف الخلاف فيها إجماعا، لأنهم ثقات بين الناس عموما، يفوضون إليهم الرأي الذي يرضونه؛ وفاقهم حجة حكم مقبولة من كل الأمة، وإن لم يصدر منها مباشرة، وقد تكون الأنظومة، في نظره، أبين ترتيبا إذا تطور في المجتمع تأليف الذين يلون الاجتهاد للحل والعقد نظمة معلومة الحد معينة الأعضاء تسمى مجلسا للشورى أو دارا لتكالم [البرلمان] بالشورى().
2. اجتهاد الأمة:
يرى الترابي أن العلم والاجتهاد ينبغي أن يكون حركة مجتمع مهما برزت أعلام يؤهلهم كسبهم لقيادة التفكير أو التعبير عن الكسب العام، فكل مسلم ملزم بأن يجتهد اجتهاده وأن يتفاعل مع إخوانه().
فالإجماع الأحكم نظاما في نظره هو الذي تطرح فيه المسألة على جمهور الناس، وتدار بينهم الشورى وينعقد الإجماع فيها على الحكم اللازم، وقد يسمى ذلك “إجماعا” أو “سبيل المؤمنين”، وهو ما يطلق عليه في الفكر القانوني الحديث؛ “الاستفتاء العام”()..
ثانيا: طرق اختيار عناصر مؤسسة الاجتهاد وحدود علاقتها بالسلط الأخرى.
1. طرق الاختيار:
يقتصر الترابي على مسلك الانتخاب الشعبي الحر، وإن كان يفضل أن يكون الاختيار على أساس المؤهلات التي يمتلكها المنتخبون، وفي هذا الإطار قد ينظم المجتمع ضوابط شكلية مثل الشهادات، ليكون حمل الشهادة الجامعية، مثلا، أمارة لأهلية الاجتهاد بدرجة معينة، وحمل الشهادة الأعلى إيذانا باستحقاق ثقة أعلى، وهكذا… وربما يترك الأمر أمانة للمسلمين يتخذون بأعرافهم مقاييس تقويم المفكرين، ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم، وهم أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم().
2. حدود علاقة مؤسسة الاجتهاد بالسلط الأخرى:
اعتمد الترابي بالكلية مبدأ الفصل بين السلط كأساس لتحديد العلاقة بين السلطات، فعقد فصلا كاملا من كتابه:” السياسة والحكم”؛ للحديث عن تفاصل السلطات وتكاملها وتضابطها().
المطلب الثالث: الأدلة().
يمكن رصد جديد الترابي على مستوى هذا القطب من خلال قضيتين؛
    •  الأولى تتعلق بإشكالية الأصالة والعالمية في المصادر الوضعية؛ وفيها حديث عن الاستصحاب الواسع كمصدر من المصادر الوضعية.
    •  والثانية: ترتبط بالإجماع واحتكار الأهلية فيه.
الفرع الأول: الأصالة والعالمية منهجان للتعامل مع المصادر الوضعية.
في سياق منهجية التوحيد التي قوامها الشمول والاعتدال، ينتقد الترابي الجنوح نحو الأصالة أو نحو العالمية في التعامل مع المصادر الوضعية والعمل بها، فما المقصود بالمصادر الوضعية؟ وما المراد بالأصالة وبالعالمية؟
أولا: المصادر الوضعية.
إذا كانت الشريعة، كتابا وسنة، هي الأصل الأول وأصل الأصول للأحكام، لا يوازيها مصدر آخر بحكم عقيدة التوحيد، فإنها الأم التي تترتب عنها أصول أخرى يسميها الترابي أصولا وضعية.
1.أصول: لأنها كليات تصدر عنها الأحكام، وإن كانت فروعا بالنسبة للكتاب والسنة؛ الأصليين الأولين.
2.وضعية: لأنها مما تواضع عليه الناس مهتدين بالشريعة، دون خلط مع مصطلح الوضعية الذي يطلق على ما يقتصر على وضع البشر().
ثانيا: الأصالة.
ينتقد الترابي الأصالة بالمفهوم الجانح نحو الانغلاق على الذات والتاريخ الخاص…، ويشيد في المقابل بالمعنى الذي تقتضيه آلية الاعتدال من منهجية التوحيد، وهو أن نمتحن الوارد علينا من خارج الملة، وأن نؤسس بفطرتنا المهدية ما نخاطب به العالم على صعيد مشترك من الإنسانية()..
ثالثا: العالمية؛ الاستصحاب الواسع.
يعتبر الترابي أصل الاستصحاب الواسع دعامة أساسية لإعمال مبدإ العالمية في التعامل مع الكسب البشري()، لأن الدين لم ينزل بتأسيس حياة كلها جديد، وإلغاء الحياة القائمة قبل الدين بأسرها، فما كان رسول الله  يعتبر أن كل الذي كان ساريا من القيم من قبله لغو باطل ينبغي هدمه، لتأسيس الدين على قاعدة جديدة مطلقا، بل كان المبدأ المعتمد أن ما تعارف عليه الناس مقبول، وإنما ينزل الشرع ويتدخل ليصلح ما اعوج من أمرهم.
فالأصل في الأشياء الحل، وفي الأفعال الإباحة، وفي الذمم البراءة من التكليف، وكل ما تطوقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة، وكل ما أخذ لمتاع الحياة الدنيا عفو متروك لا له ولا عليه، إلا أن يرد النص فينفي صفة العفاء والإباحة عن فعل معين()..
وكما انفتح المسلمون على الثقافة العالمية بمنهج للمعرفة شامل، فسخروا علم اليونان في شرح أحكام العقيدة “الكلام” وأحكام العمل “الفقه” يمكن، في نظر الترابي، أن ننفتح واثقين من أن الخير الذي نصيبه هو من فطرة الله، مطمئنين إلى أن الشر الذي نجده يمكن عزله بمعايير الأصالة الشرعية().
الفرع الثاني: الإجماع() بين الصفوية والشعبية.
لما اقتصرت الشورى المقررة بالآيات على حوار محصور بين العلماء، اقتصر الإجماع الذي نسبته الأحاديث إلى الأمة على إجماع للعلماء، بل للمجتهدين فقط()، ولا مكان، في نظر الترابي، بين المسلمين لطبقة مغلقة بنظام رسمي أو واقعي تحتكر أهلية الإجماع()، لذلك يرى أن النظام الأمثل اليوم، في نظره، هو أن نرد للإجماع شعبيته().
إلا أن الترابي لا يحصر الإجماع في هذه الصورة فقط، أي في إجماع الشعب أو الأمة الذي استلهم إجراءاته من مفهوم الاستفتاء الشعبي في الفكر القانوني الحديث، وإنما يرى ضرورة وجود إجماع الصفوة أيضا، وإن كان لا يقصد به إجماع خصوص المجتهدين، بل إجماع الأنظومة النيابية التي تجمع بين المختصين في العلوم الشرعية وغيرهم، شريطة اعتبار هذا النوع الأخير فرعا ينسخه عند الاختلاف حكم إجماع الأمة الأصل().
المطلب الرابع: مسالك الاستدلال.
تروم أطروحة الترابي لتجديد المنهج الأصولي محاولة التوحيد الدائم بين المثال أو الحق المطلق الثابت من جانب، والواقع أو الظرف النسبي المتحول من جانب آخر، وذلك يقتضي الموازنة بين النظر المتجرد والتجربة، وبين الأشكال والمقاصد الجوهرية، وبين الإجمالية والفروعية، وبين الثابت والمتغير.
الفرع الأول: التوحيد بين النظر المتجرد والتجربة().
لا بد، في نظر الترابي، من توازن في منهج فهم الفقيه للنصوص، يردها إلى واقعها عهد التنزيل، ولا يلتمس معناها في المدلول اللغوي والسياق اللغوي وحده، بل في السياق الظرفي والنفسي أو في سبب النزول المعين، بل في أحوال الواقع بأسره… ثم يحاول اعتبارا وقياسا أن ينزلها على الواقع الحديث ليحكم فيها بما يحقق عين المغزى الأول للأحكام في النفوس والمجتمع والكون.
وفي هذا الإطار يقترح حسبما تقدم أن نميز في منهج الأحكام بين: أصول بيان وأصول تكليف وأصول مادية.
أولا: أصول البيان: تتجلى بها الأحكام تفسيرا واستنباطا منها بوجه بعيد أو قريب، وإجمالي أو تفصيلي، ويطلق عليها “علم الشرع المنقول”().
ثانيا: أصول التكليف: تتنزل بها الأحكام في صور ملزمة ذات حجة عملية، وهو يقصد مسالك التشريع الأساسية؛ كشورى الجمهور وإجماعه، وشورى الأنظومة النيابية وإجماعها().
ثالثا: الأصول المادية: هي علوم نفس ومجتمع وطبيعة متصلة بالسلوك الذي تنظمه الأحكام، ويطلق عليها “علم الطبع المعقول”().
وخلاصة القول؛ دعوة إلى الجمع بين مسالك الاستنباط ومسالك التنزيل.
الفرع الثاني: التوحيد بين الظاهر والباطن.
حكى الترابي كيف ابتعد فقه الأعمال عن العقيدة، فاحتكر الأول كلمة “فقه” وأوغل في الشكلية واللفظية، وكيف انفصل عن قيم الأخلاق، لاسيما عن التصوف الذي صوب همه إلى أحوال الباطن، حتى غلا أحيانا بعض الفقهاء بظاهرهم، وغلا بعض المتصوفة بباطنهم إلى قريب من التناقض. والمنهج القويم، في نظره، هو التوحيد بين الظاهر والباطن، بين حرف النص وروحه().
وجملة القول؛ دعوة إلى تحكيم المنهج المقاصدي الوسط.
الفرع الثالث: التوحيد بين الإجمال والتفريع.
يؤكد الترابي على ضرورة التكامل بين النظر الإجمالي الذي يلحظ المقاصد العامة ويخط المبادئ ويرسم القبلة، والنظر الفروعي الذي يبين المعالم ويضبط التفاصيل…
ويقصد بذلك ضرورة التكامل بين المنهج الكلي والمنهج الجزئي، والمرجع في ذلك إنما هو الإمام الشاطبي الذي دعا إلى لزوم الجمع بين الجزئيات والكليات.
الفرع الرابع: التوحيد بين القطعيات المحكمة والظنيات المرنة.
يجزم الترابي بأن الأثر الأخطر لظاهرة الجنوح نحو الضبط في الفقه الإسلامي هو إصابتها منهج الأصول قبل إصابة الفروع، فالأصل لا يلد مناه إلا إذا كان ينطوي على خصوبة وسعة. هكذا نجد، في نظره، تطور منهج القياس من سعة إلى تعريفات ضيقة تلد جدلا كثيفا ولا تلد فقها، ونجد الحملة على الاستحسان وعلى المصلحة التي كتفت عليها شرائط القطعية والعموم حتى تعطل استعمالها. والتوازن بين الإحكام والقطع بغير تنطع، والمرونة والسعة بغير استبهام أو تسيب، هو المنهج الأوفق().  
هكذا، إذن، يدعو إلى إعادة الاعتبار إلى القياس الواسع والاستحسان والمصلحة.
أولا – القياس الواسع() : هــو أن تعـتبـر الطـائفـة من النـصوص وتـــستنـبـط مــن جــملتها مـقصدا
معينا من مقاصد الدين أو مصلحة معينة من مصالحه، ثم تتوخى ذلك المقصد حيثما كان في الظروف والحادثات الجديدة().
وهذا النوع من القياس هو الذي يصلح للمجالات الواسعة من الدين التي لا يكاد يجدي فيها القياس الجزئي المحدود()، وهو ليس شيئا جديدا تمام الجدة عند الترابي كما قد يتوهم البعض، وإنما هو تجديد بمعنى الإحياء لأصل عمري()؛ سماه ابن رشد قياسا مرسلا().
ثانيا – الاستحسان: من المعلوم أن المواقف اختلفت بشأن حجية الاستحسان وتعريفه، والترابي إذ يعتبره ضحية الجنوح نحو الضبط والقطعية يدعو ضمنيا إلى إعادة الاعتبار لهذا الأصل، كما حسم إشكالية التعريف، فاعتبر الاستحسان عبارة عن “نظر القاضي والفقيه في المسألة التطبيقية المحدودة ببصيرة يزكيها طول العهد بحكمة الشريعة ونظامها دون أن يكون منطق الاستنباط فيها ظاهرا وجهه والتعبير عنه().
إلا أن أكثر ما أثار الجدل حول حجية الاستحسان هو مقتضى العبارة الأخيرة من التعريف()، وهو ما يعني تحكيم الهوى عند منكري الاستحسان، وإن كان اشتراط طول العهد بحكمة الشريعة ونظامها ضابطا معتبرا عند أنصاره.
ثالثا – المصلحة(): أمــا المصـلحة، في نــظـره، فــقد كــثفـت عـلــيها شـــرائـط الـقـطـعيـة والــعمـوم حتى
تعطل استعمالها، مع كونها من أخطر أصول الفقه في الشؤون العامة، وكان يمكن لمفهومها أن يتطور كثيرا، لاسيما في مثل عهدنا الراهن؛ عهد اشتجار أسباب الحياة العامة ومصالحها الكلية، وعهد تطور مناهج علم الاجتماع الذي يحيط بوجوه المصلحة().
المطلب الخامس: الأحكام.
نعرض من خلال هذا المبحث لقضيتين كانتا مثارا لملاحظات الترابي:
    •    الأولى: تتعلق بتحقيق الشمول والاعتدال في الأحكام بين الفقه العام والفقه الخاص.
    •    والثانية: ترتبط بتحقيق الشمول والاعتدال في الأحكام بين العقيدة والأخلاق والقانون.
الفرع الأول: الشمول والاعتدال في الأحكام بين الفقه العام والفقه الخاص.
جنح فقه العمل نحو الحياة الفردية الخاصة، وخرج تنظيم الحياة العامة الجماعية عن دائرته، ويلزم، في نظر الترابي، للعودة إلى الأصل أن يضطلع السلطان بدوره في تقرير الأحكام وضعا، كما يضطلع الفقه والقضاء بدوره في تحريرها اجتهادا().
الفرع الثاني: الشمول والاعتدال في الأحكام بين العقيدة والأخلاق والقانون.
الجنوح الآخر في الفقه التقليدي المتأخر كان في اتجاه الاستقلال بفقه العمل عن عقائد الأمة وأخلاقها، والمنهج الأوفق أن تكون أحكام التكليف موحدة لا مفرقة.
والتوحيد الذي يدعو إليه الترابي هو حكم قيمي يقتضيه الدين نقضا للعلمانية، وهو أيضا منهج علمي يقتضيه نظام الدين نقضا للغلو التخصصي والمهني للقانون الوضعي الحديث().
مهد الترابي لأطروحته في التجديد بضرورة التجديد والتنهيج والتوحيد، ومن تم يتحدث عن منهجية توحيدية قوامها الشمول والاعتدال، جعلها سندا مرجعيا لتقويم الاتجاهات والمناهج الأصولية.
وبغض النظر عن حصيلة التقويم التي يشترك فيها مع غيره من الباحثين المعاصرين()، من مثل نقد الاتجاهات والمناهج المتطرفة، التي حادت عن ضابطي الشمول والاعتدال؛ كالمنهج الظاهري والتجريدي…
فإن الباحث، وهو يطالع النظرية، يصادف تجديدا ظاهرا، على الأقل، من حيث الشكل، يمكن رصده على مستويين:
الأول: صلابة المنطق الذي تشتغل من خلاله آليتي الشمول والاعتدال، والذي جعل من النظرية معيارا محكما للتصنيف والتقويم والنقد، تمكن بواسطته من استعراض المناهج المتطرفة من خلال ثنائيات متقابلة: كالإجمال والتفصيل، والتنظير والتطبيق، والقطعية والمرونة، والظاهرية والباطنية، والشكل والجوهر،….الخ.
الثاني: كثافة الاصطلاح والجدة في طريقة توظيفه سعيا إلى سعة الاكتناز ودقة الوصف، هكذا يتحدث مثلا؛ عن المنهجية التوحيدية، وعن أصول البيان، وأصول التكليف، والأصول المادية، كما يتحدث عن الصفوية والشعبية، وعن الأنظومة النيابية… وغيرها من الاصطلاحات.
ولئن كان الدكتور الترابي يشترك مع غيره في العديد من الرؤى والتصورات والانتقادات، فإن ما يميزه، فضلا عن استعمال مصطلحات موظفة بطريقة خاصة، هو إيجاده لمنهج عام يجمع متناقضات الدرس الأصولي القديم في إطار من الشمول والاعتدال، تجلى ذلك بوضوح من خلال أقطاب المنهج كما رأينا سلفا.
    •  فعلى مستوى القطب الأول: المجتهد؛ تحدث عن الاعتدال بين الصفوية والشعبية…
    •  وعلى مستوى القطب الثاني: الأدلة؛ تحدث عن الشمول في المصادر الوضعية وعن الاعتدال بين الأصالة والعالمية…
    •  وعلى مستوى القطب الثالث: مسالك الاستدلال؛ تحدث عن الشمول والاعتدال بين المسلك التجريدي والواقعي، وبين الظاهري والباطني، وبين الإجمالي والفروعي، وبين المرونة والقطعية.
    •  وعلى مستوى الأحكام؛ تحدث عن التوحيد بين العقيدة والأخلاق والقانون، وعن الشمول والاعتدال بين الفقه الخاص والعام.
    •    القرآن الكريم.
كتب الحديث النبوي الشريف وشروحه:
    •  جامع الأصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير مجد الدين أبو السعادات محمد الجزري، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الحلواني ومطبعة الملاح ومكتبة دار البيان، 1972م.
    •  السنن، أبو داود، دار الفكر، بيروت، ط:3، 1420هـ/1999م.
    •  الحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفي عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:1، 1411هـ/1990م.
    •  العزيزي علي بن أحمد، السراج المنير شرح الجامع الصغير، مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، د.ط، د.ت.
    •  العظيم آبادي شمس الدين، عون المعبود؛ شرح سنن أبي داود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:2، 1423هـ/2002م.
    •  القاري علي بن سلطان، مرقاة المفاتيح؛ شرح مشكاة المصابيح، تحقيق محمد جميل العطار، د.ط.، 1992م.
    •  المناوي محمد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، دار المعرفة، بيروت، د.ط.، 1972م.
    •  الهيثمي نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الريان للتراث، القاهرة، دار الكتاب العربي، بيروت، د.ط.، 1407هـ.
المعاجم وكنب اللغة:
    •  ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط:1، 1374هـ/1955م.
    •  الرازي محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:1، 1410هـ/1990م.
    •  الفيروزآبادي مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:2، 1428هـ/2007م.
مكتوبات الدكتور حسن الترابي:
    •  تجديد أصول الفقه الاسلامي، دار الفكر، الخرطوم، ط:1، 1980م.
    •  تجديد الفكر الإسلامي، دار القرافي للنشر والتوزيع، المغرب، ط:1، 1993م.
    •  التفسير التوحيدي، دار الساقي، بيروت، ط:1، 2004م.
    •  السياسة والحكم؛ النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع، دار الساقي، بيروت، ط:2، 2004م.
    •  قضايا التجديد؛ نحو منهج أصولي، دار الهادي، بيروت، ط:1، 1421هـ/2000م.
كتب أصول الفقه والفكر الإسلامي:
    •  ابن رشد أبو الوليد محمد بن أحمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:2، 1420هـ/2000م.
    •  ابن عاشور الطاهر، أليس الصبح بقريب، دار السلام، القاهرة، دار سحنون، تونس، ط:2، 1428هـ/2007م.
    •  ابن عاشور الطاهر، مقاصد الشريعة الإسلامية، تحقيق محمد الطاهر الميساوي، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ط:2، 1421هـ/2001م.
    •  ابن قيم الجوزية، أعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الكتب العلمية، د.ط.، 1417هـ/1996م.
    •  أبو زهرة محمد، أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة، 1417هـ/ 1997م.
    •  الاجتهاد والتجديد في الفكر الاسلامي المعاصر، سلسلة الفكر الاسلامي المعاصر، عدد: 2، منشورات مركز دراسات العالم الاسلامي، ط: 1، 1991م.
    •  الاجتهاد والحياة، حوار على الورق، الغدير للطباعة والنشر والتوزيع , الطبعة الأولى، 1996م.
    •  أطبيب الحسين، الاجتهاد والتجديد كعنصري الفاعلية الحضارية في الإسلام، مقال بمجلة حوليات كلية اللغة العربية بمراكش، عدد:12، سنة:1998م، المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش.
    •  الآمدي علي بن محمد، الإحكام، تحقيق الدكتور سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط:1، 1404هـ.
    •  أيت أمجوض عبد الحليم، مناحي التجديد المنهجي في علم أصول الفقه عند المعاصرين؛ الترابي والدريني نموذجين، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة من دار الحديث الحسنية، الرباط، مناقشة في مارس 2006م.
    •  بك أحمد إبراهيم ، أصول الفقه، دار المعارف، مصر، ط:3 ، 1383هـ/1964م.
    •  البوطي محمد سعيد رمضان، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:6، 1422هـ/2001م.
    •  الجبوري عبد الله محمد، الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد، دار النفائس، الأردن، ط:1، 1425هـ/2005م.
    •  الجويني أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله، البرهان في أصول الفقه، تحقيق عبد العظيم محمود الديب، الوفاء، مصر، المنصورة، ط:4، 1418هـ.
    •  حسان حسين حامد، نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي، مكتبة المتنبي، القاهرة، د.ط.، 1981م.
      حسب الله علي، أصول التشريع الإسلامي، دار المعارف، مصر، ط:5، 1976م.
    •  الحفناوي محمد إبراهيم، نظرات في أصول الفقه، دار الحديث، مصر، د.ط، د.ت.
    •  الخضري محمد، أصول الفقه، دار الحديث، القاهرة، ط:1، 1422هـ/2001م.
    •  خلاف عبد الوهاب، علم أصول الفقه، دار القلم، الكويت، ط:10، 1392هـ/1972م.
    •  الخمليشي أحمد، وجهة نظر، مطبعة الأمنية، الرباط، طبعة أولى، 2002م.
    •  الدريني محمد فتحي، بحوث مقارنة في الفقه الاسلامي وأصوله، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:1، 1994م.
    •  الرازي فخر الدين محمد بن عمر، المحصول في علم الأصول، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط:1، 1400هـ.
    •  الريسوني أحمد، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، دار الأمان، الرباط، ط:2، 1424هـ/2003م.
    •  الزحيلي وهبة، الاجتهاد الفقهي الحديث؛ منطلقاته واتجاهاته، أعمال الندوة التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، تحت عنوان: “الاجتهاد الفقهي؛ أي دور وأي جديد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط:1، 1996م.
    •  الزحيلي وهبة، أصول الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق، إعادة الطبعة الثانية، 1424هـ/2004م.
    •  الزرقاء مصطفى أحمد، الاستصلاح والمصالح المرسلة في الشريعة الإسلامية، دار القلم، دمشق، ط:1، 1988م.
    •  الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر، البحر المحيط في أصول الفقه، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:1، 2000م.
    •  الزنجاني أبي المناقب محمود بن أحمد، تخريج الفروع على الأصول، تحقيق الدكتور محمد أديب صالح، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:2، 1398هـ.
    •  زيد مصطفي، المصلحة في التشريع الإسلامي، دار اليسر، مصر، ط:3، 1427هـ/2006م.
    •  الشاطبي أبو إسحاق، الموافقات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:1، 1422هـ/2001م.
    •  شبير عثمان، القواعد الكلية والضوابط الفقهية، دار الفرقان، عمان، الأردن، ط:1، 1420هـ/2000م.
    •  الشوكاني محمد بن علي، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، تحقيق محمد سعيد بدري، دار الفكر، بيروت، ط:1، 1412هـ/1992م.
    •  الشيرازي أبي إسحاق إبراهيم بن علي، اللمع في أصول الفقه، دار الكتب العلمية، بيروت، ط:1، 1405هـ/1985م.
    •  عباسي نور الدين، الاجتهاد الاستصلاحي؛ مفهومه، حجيته، مجاله، ضوابطه، دار ابن حزم، بيروت، ط:1،1428هـ/2007م.
    •  العز بن عبد السلام، القواعد الصغرى، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط:1، 1416هـ.
    •  العلواني طه جابر، أصول الفقه الإسلامي؛ منهج بحث ومعرفة، الدار العالمية للكتاب الإسلامي، الرياض، ط:2، 1995م.
    •  الغزالي أبو حامد، المستصفى في علم الأصول، دار الكتب العلمية، د.ط.،1420هـ/2000م، بيروت.
    •  الغزالي أبو حامد، المنخول من تعليقات الأصول، تحقيق د. محمد حسن هيتو، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط:3، 1419هـ/1998م.
    •  الفيروز أبادي إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، التبصرة، دار الفكر، دمشق، ط:1، 1403هـ.
    •  القرضاوي يوسف، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، دار القلم، الكويت، ط:3، 1420هـ/1999م.
    •  القرضاوي يوسف، الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1414هـ/1994م.
    •  القرضاوي يوسف، السياسة الشرعية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:1، 1422هـ/2001م.
    •  القرضاوي يوسف، من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا، دار الوفاء، المنصورة، 1415هـ/1995م.
    •  الكندي إبراهيم بن أحمد بن سليمان، الاجتهاد؛ حقيقته ومصادره، بحوث الندوة التي عقدت في مسقط عاصمة سلطنة عمان، سنة:1998م، بعنوان: “الاجتهاد في الإسلام”، نشر المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، مؤسسة آل البيت، 1999م.
    •  المجددي محمد عميم الإحسان البركتي، قواعد الفقه، دار الصدف، كراتشي، ط:1، 1986م.
    •  مكداش سها سليم، تغير الأحكام؛ دراسة تطبيقية لقاعدة: “لا ينكر الأحكام بتغير القرائن والأزمان” في الفقه الإسلامي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط:1، 1428هـ/2007م.