تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأثره في تقليل الاختلاف ـ ندوة دولية ـ
ورقة تقديميـــــة:
إن مما تتوق إليه همم علماء الشريعة والباحثين في تراث علومها تمييز الأحوال التي تكون باعثا على الأقوال والأفعال التي تصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ذلك أنّما يصدر
عنه صلى الله عليه وسلم ليس كله من قبيل التشريع العام للأمة، بل فيه ما هوصادر عنه بمقتضى العادة
والجبلة
والخبرة في الحياة. ومنه ما صدر عنه باعتباره إماما للمسلمين، أو قائدا حربيا لهم، أو قاضيا يفصل في
نزاعات
خاصة ببعضهم، لها حيثياتهاوأسبابها وظروفها، ووفق حجج المتخاصمين ودعاواهم، وقد يخصص أشخاصا معينين
بأحكام
خاصة لا تتعدى إلى غيرهم. ثم إن الأقوال والأفعال المنقولة عنه صلى الله عليه وسلم والتي سبيلها
التشريع
العام ليست على مقام واحد. فمنها ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه العزم والعموم – وهو الغالب
-،
ومنها ما صدر على وجه الهدي والإرشاد،أو الإشارة على المستشير، أو النصيحة لطالبها، ومنها ما سبيله
طلب حمل
النفوس على الأكمل من الأحوال. ومنها ما طريقه تعليم الحقائق العالية لنخبة خاصة من المكلفين،في
مقدمتهم
كبار أصحابه صلى الله عليه وسلم، ومنها ما طريقه التأديب لِصنفٍ خاصٍ من الناس. ولقد تعرض الأصوليون
لهذا
الموضوع الخطير، واجتهدوا في بيانه والتأصيل له،كالقرافي في كتابه “الفروق”، وكتابه “الإحكام في
تمييز
الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام”، وولي الله الدهلوي في كتابه “حجة الله البالغة”..
وتعرض له
جماعة من العلماء المعاصرين، منهم الطاهر بن عاشور في كتابه “مقاصد الشريعة الإسلامية”،وفصَّل فيه
بعض
التفصيل.. وإن دار الحديث الحسنية لتتشوف، بالأبحاث التي تقدم إلى هذه الندوة، إلى تعميق البحث في
هذا
الموضوع، بالتأصيل له، وحصر أحاديث الأحكام المحمولة على هذه الأوجه التي ذكرناها، ثم بيان أثر هذا
الحصر في
توضيح المشكل من الأحاديث التي أحدثت اختلافاً بين الفقهاء.. وذلك من خلال المحاور
التالية:
1- التأصيل
الشرعي لتمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وجهود العلماء السابقين في ذلك.
2- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه الإمامة والقيادة في
الحرب
والسلم، والاجتهاد في حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في
تقليل
الخلاف.
3- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم
على وجه القضاء أوالإصلاح بين الناس،
والاجتهاد في حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه،وبيان أثر هذا الحصر في تقليل
الخلاف.
4- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم
وسبيله التشريع العام، لكنه خرَج على
غير سبيل العزم والعموم، والاجتهاد في حصرأحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر
هذا الحصر
في تقليل الخلاف.
5- وضع الضوابط
الحاكمة للتمييز بين ما هو من قبيل التشريع العام وما هو ليس كذلك
محاور ندوة: ”
تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأثره في تقليل الاختلاف “
1-
التأصيل الشرعي لتمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وجهود العلماء السابقين في
ذلك
2- تمييز
ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الإمامة والقيادة في الحرب والسلم، والاجتهاد في حصر
أحاديث
الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف.
3- تمييز
ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه القضاء أو الإصلاح بين الناس، والاجتهاد في حصر أحاديث
الأحكام التي
خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف.
4- تمييز
ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم وسبيله التشريع العام، لكنه خرج على غير سبيل العزم والعموم،
والاجتهاد في
حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف.
5- وضع
الضوابط الحاكمة للتمييز بين ما هو من قبيل التشريع العام وما هو ليس كذلك
البرنامج الزمني لندوة: “تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأثره في تقليل الاختلاف”
اليوم الاول:
الإثنين 16 نونبر 2009
الفترة الصباحية :
30:08 د
:استقبال المشاركين.
00:09 د – 05:09
د: تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم
05:09 د -15:09
د: كلمة السيد مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية.
15:09 د/20:09
د: كلمة منسق الندوة
20:09 د/ 25:09
د: كلمة اللجنة المنظمة
25:09 د / 40:09
د: استراحة شاي.
رئيس الجلسة
الأولى : الأستاذ الدكتور محمد يسف
مقرر
الجلسة :
الأستاذ الدكتور أحمد بن الأمين العمراني
40:09 د- 00:10
د : – «ضوابط التمييز بين التشريعي والجبلي في أفعال النبي (ص)»:الأستاذ الدكتور محمد
الروكي.
00:10 د – 20:10
د : – « تمييز أحوال النبي (ص) : الإمامة نموذجا »، الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو
سليمان.
20:10 د – 40:10
د : – « تمييز أحوال النبي (ص) وجهود العلماء السابقين في ذلك »، الشيخ محمد عوامة.
40:10 د – 00:11
د : – « التأصيل الشرعي لتمييز أحوال النبي (ص) »، الأستاذ الدكتور الحسين أيت
سعيد.
0:11 د- 30:12 د
: – مناقشة.
30:12 د :
استراحة وغداء.
الفترة
المسائية :
رئيس الجلسة
الثانية : الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان
مقرر الجلسة :
الدكتور عبد المجيد محيب
30:15 د – 50:15
د : « ضابط ما يختص بولاة الأمر »: الأستاذ الدكتور سعيد بيهي.
50:15 د – 10:16
د : – « تصرفات الرسول (ص) بالإمامة من حيث المفهوم والأنـواع والتمييــز والآثار
»،
الأستاذ الدكتور
خليفة بابكر.
10:16 د – 30:16
د : « الفروق بين أنواع التصرفات النبوية التشريعية وأثرها في توجيه الاجتهاد التنزيلي »: الأستاذ
الدكتور
عبد الرزاق أورقية.
30:16 د – 00:18
د : – مناقشة.
اليوم الثاني :
الثلاثاء 17 نونبر 2009
الفترة
الصباحية :
رئيس الجلسة
الثالثة : الأستاذ الدكتور أحمد عبادي
مقرر الجلسة :
الدكتور محمد ناصيري
00:09 د -20:09
د: « مراتب التشريع في السنة النبوية » الأستاذ الدكتور عبد السلام بلاجي
20:09 د – 40:09
د: « السنة التشريعية وغير التشريعية » ، الأستاذ الدكتور محمد كمال إمام
40:09 د -00:10
د: « ضوابط تمييز أحوال النبي (ص) » الأستاذ الدكتور الناجي لمين
00:10 د – 30:10
د: استراحة شاي.
رئيس الجلسة
الرابعة : الأستاذ الدكتور محمد كمال إمام
مقرر الجلسة :
الدكتور عبد الهادي الخمليشي
30:10 د –
50:10
د: « مراعاة الواقع في أحوال النبي (ص) » الأستاذ الدكتور محمد جميل مبارك
50:10 د – 10:11
د: « فيما صدر عنه (ص) على وجه الإمامة والقيادة في الحرب والسلم » ، الشيخ محمد
مكي.
10:11 د – 30:11
د: «إسهام المالكية في تمييز أحوال النبي (ص) وضبطها » الأستاذ الدكتور مولاي الحسين
ألحيان.
30:11 د – 00:13
د : – مناقشة
00:13 د -25:13
د : قراءة التوصيات
00:13 د : تلاوة
آيات بينات من الذكر الحكيم.
تقرير عن ندوة : “تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأثره في
تقليل
الاختلاف”
في إطار مشروع البحث العلمي لمؤسسة دار الحديث الحسنية، نظمت المؤسسة ندوة علمية دولية في موضوع :
“تمييز
أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأثره في تقليل الاختلاف” وقد دعي للمشاركة في هذه الندوة ثلة من
العلماء
والأساتذة والباحثين المتخصصين من داخل المغرب وخارجه. وقد سعت الندوة من خلال جلساتها ومناقشاتها
إلى
التعريف بجهود العلماء لتمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وما صدر منه على وجه التشريع أو
الإمامة أو
الجبلة البشرية، مع التأصيل الشرعي ووضع القواعد الضابطة لذلك، كما أكدت الندوة على أهمية تمييز هذه
الأحوال
في تقليل الاختلاف في فهم السنة وتنزيل أحكامها. وقد انتظمت الندوة في أربع جلسات، نعرض لما دار
فيها على
وجه الإجمال:
1) المداخلة
الاولى: ضوابط التمييز بين التشريعي والجبلي: د.محمد الروكي
أوضح الأستاذ أن هذا الموضوع شعبة من الموضوع العام للندوة، وأن أهميته تأتي من أن بعض الناس يخلطون
بين ما
هو تشريعي وما هو جبلي، ولذلك يتسرعون في تبديع غيرهم. ثم بين أن العلماء قسموا الأحوال النبوية إلى
أقوال
وأفعال وتقارير، وأن من أفعاله ما هو تشريعي، وما هو جبلي. فالأول يجب اتباع النبي فيه، أما الأول
فمن اتبعه
فيها فهو مأجور. وقسم العرض إلى مبحثين، الأول عن ضوابط وعلامات الفعل التشريعي والفعل الجبلي
بالنسبة للأول
له عشر علامات :
1 ـ ما فعله
وأمر بفعله.
2 ـ ما فعله
وقصد به القربة.
3 ـ ما فعله ونص
على حكمه.
4 ـ إذا نقل
الصحابة عنه أن ذلك الفعل تشريعي.
5 ـ ما
فعله
وسوى بينه وبين فعل آخر تشريعي
6 ـ إذا
بين لنا
مجمل القرآن.
7 ـ ما فعله
امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى.
8 ـ ما
فعله وهو
ينتظر الوحي للتفصيل.
9 ـ ما فعله
تعاقدا مع غيره.
10ـ ما فعله
عقوبة للغير.
ثم أورد علامات
الفعل الجِبلِّي، ما فعله بصفته إنسانا:
1 ـ ما فعله قبل
البعثة.
2 ـ ما تعلق
بمحض الأفعال البدنية.
3 ـ ما صرح فيه
أنه دنيوي.
4 ـ ما كان أقرب
إلى الجِبلة.
5 ـ ما كان
اضطرارا.
6 ـ ما فعله
بدافع الغريزة.
7 ـ ما فعله
حالة الإغماء.
8 ـ ما فعله
حالة النوم.
9- ما فعله حالة
السحر.
10 ـ ما كان من
حركات النفس والفعل البشري.
لكن، هناك أفعال تسمى بالمتردد، وهو ما اختلفت فيه الأنظار بين التشريعي وبين الجبلي، وهنالك أفعال
لا تحتمل
الجبلي ولا التشريعي ذكر العلماء أن الأحوط أن تحمل على التشريعي.
2) المداخلة الثانية تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم:
الإمامة
نموذجا: د.عبد الوهاب أبو سليمان
بدأ المحاضر
عرضه ببيان معنى الإمامة في الاصطلاح، فذكر أنها ريادة عامة وزعامة تامة. وذكر جملة من مظاهر إمامة
النبي
صلى الله عليه وسلم، (كتجهيز الجنود، أخذ الفيء والصدقات، النظر في الإقطاع، توظيف الأمناء، وتقليد
النصحاء،
سد حاجة الفقراء، وسائر المستحقين، وإعطاء كل كفايته من بيت المال الذي هو في يده أمانة، صيانة
أموال
المسلمين والمحافظة عليها في بيت المال، وصرفها في المصارف التي قدرها الشارع، حيث جعل لكل مال
أقواماً،
وقدراً، إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك، وتُحفظ حقوق عباده من إتلاف، واستهلاك،
مباشرة
الأمور، وتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة، وحراسة الملة، وغير ذلك من متطلبات الحياة المدنية،
والدولة
الناشئة). وهذا من شأنه أن يعطي مرونة وصلاحيات واسعة للأئمة في وضع الأحكام للمستجدات، وهو المسمى
بالسياسة
الشرعية. وقد خلص المحاضر في عرضه إلى جملة من النتائج يمكن إجمالها في:
– 1) الإمامة
رياسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا، مهمتها حفظ الحوزة، ورعاية
الرعية،
وإقامة الدعوة بالحجة والسيف، وكف الحيف، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق من
الممتنعين،
وإيفاؤها على المستحقين”.
– 2) إمامة
الرسول صلى الله عليه وسلم إمامة متميزة سلماً وحرباً، أرسى بها صلى الله عليه وسلم قواعد المجتمع
المدني،
ووسائل تقدمه بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى بحيث يواكب كل إمام في كل عصر تقدم أهل كل عصر واتخاذ
كل ما
يضمن لأمته العزة، و الأمن، والسلامة.
– 3) إحياء هذا
الموضوع بحثاً في الذاكرة الفقهية تذكير للجميع بأصول هي منطلق النهضة الإسلامية قديماً، وهي كفيلة
بانطلاقهم لمواكبة الركب الحضاري في عصرهم.الحاضر.
– 4) من الخطأ
التسرع في الحكم بالقول بعدم مشروعية الوقائع المتجددة لمجرد عدم ورود نص بحكمها، بل.الواجب الذي
يقتضيه
البحث العلمي في الوقائع التي لم يرد أصل شرعي بحكمها أن تعرض على عمومات النصوص من الكتاب والسنة،
فإن
اندرجت تحت أحد هذه العمومات أعطي لها حكم هذا العام، وإن لم تندرج كان سبيل الوصول إلى الحكم فيها
هو
الاجتهاد.
– 5) عرض
الوقائع المتجددة على النحو المذكور آنفاً للوصول إلى حكمها هو العمل بالسياسة الشرعية…، وهو الذي
يثري
الشريعة الإسلامية بالاستجابة إلى تحقيق حاجاتها المتجددة ما دامت بعيدة عن مخالفة النصوص، والقواعد
العامة
في الشريعة”.
3) المداخلة الثالثة تمييز أحوال
النبي صلى الله عليه وسلم وجهود العلماء
السابقين في ذلك: الشيخ محمد عوامة
استهل الأستاذ عرضه بذكر الأحوال التي صدرت بها أقواله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر أن العلماء
يقدمون لهذا
الموضوع بأربع مقدمات:
1 ـ شرع ما
قبلنا.
2 ـ أقسام السنة
عند العلماء، وهي الفعلية والقولية والتقريرية.
3 ـ حجية أفعال
النبي صلى الله عليه وسلم.
4 ـ عصمة
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وذكر أنه سيكتفي بالكلام عن المقدمتين الأخيرتين. وهكذا تساءل الأستاذ فيما يخص حجية أفعاله صلى
الله عليه
وسلم، هل كلها حجة أم بعضها فقط؟ وأجاب بأن مناهج العلماء في هذا الموضوع تختلف، فهناك منهج
المحدثين ومنهج
الفقهاء ومنهج الأصوليين، وأن منهج المحدثين هو الذي يتفق مع منهج الصحابة رضوان الله عليهم، ويقرب
منه منهج
الفقهاء، ويأتي بعده منهج الأصوليين. فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بشرا فهو ليس ككل
البشر، فهو
نبي يوحى إليه، وهكذا كان الصحابة ينظرون إليه، ومواقفهم تترجم هذا، ويظهر ذلك في اتباعهم له
وطاعتهم
وتمسكهم بسنته. ثم أورد الأستاذ الباحث ثلاثة وقائع تدل على اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الأمور
الدنيوية،
وخطأه فيها. وختم الأستاذ عرضه ببيان أنه صلى الله عليه وسلم مبرأ من الخطإ فيما يتعلق
بالتشريع.
4) المداخلة الرابعة التأصيل
الشرعي لتمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم
د. الحسين آيت سعيد
ذكر الأستاذ في
مستهل عرضه أنه سيتكلم عن الموضوع في أربعة مطالب:
المطلب الأول:
جهود الأصوليين في هذا الموضوع.
المطلب
الثاني:
فائدة التفريق بين مراتب تصرفاته صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثالث:
تفريق الصحابة بين مراتب تصرفاته صلى الله عليه وسلم.
المطلب الرابع:
تطبيقات كبار الفقهاء جارية على ما جرى عليه الصحابة رضوان الله عليهم.
فبالنسبة للموضوع الأول انتقد من يذهب من الباحثين المعاصرين إلى أن العلماء القدماء لم يتكلموا عن
أفعاله
الجبلية، وذكر أن أول من تعرض له هو القاضي عياض في الشفا.
وبالنسبة للموضوع الثاني قال إن من لا يحسن ذلك التفريق يقع في الخلط بين ما هو للتشريع وما هو لغير
التشريع. وبين في المطلب الثالث أن الصحابة كانوا أعرف الناس بأحوال النبي وما يتعلق منها بالتشريع
وما لا
يتعلق به، فيجب الرجوع إليهم في هذا. وفي المطلب الرابع وضح أن الفقهاء الكبار كانوا على نهج
الصحابة في
التفريق بين أفعال الرسول بين ما هو تشريعي وما هو غير تشريعي، مثل الإمام مالك والقاضي عبد الوهاب
وغيرهما.
الجلسة
الثالثة
المداخلة الأولى: مراتب وأنواع التشريع في السنة النبوية، د عبد
السلام
بلاجي
عرض الدكتور بلاجي موضوعه في بيان مراتب التشريع في السنة النبوية بمقارنة بين القاعدة القانونية
والنص
النبوي، معتبرا أن كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو إقرار أو عزم هو على
سبيل
التشريع إذا صح. وإذا كانت القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية ومجردة وعامة وملزمة، فالحديث تعتريه
الأحكام
الخمسة الواجب والمحرم والمباح والمكروه. وإذا كانت القاعدة قد تعم وتخص فردا واحدا كانتخاب رئيس
الدولة فإن
الحديث أيضا يأتي خاصا برئيس الدولة ومن يقوم مقامه، وميز بين الصفة التي يصدر بها الحكم وعين الحكم
حيث
أوجب على الأمير أن يحفز الجند وإن لم يكن التحفيز خاصا بالسلب الذي ورد به الحكم. ورأى أن الاجتهاد
الذي
قام به النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو اجتهاد تطبيقي وهي تشريعات مرتبطة بالواقع. – ضرورة تصنيف
السنة
النبوية يراعي مراتب وأقسام التشريع ثن نشرها في مدونات.
– ضرورة إدخال
هذه التقسيمات في الدراسات الأصولية.
–
ضرورة
الإفادة من مناهج التقنين بما يفيد التشريع
المداخلة الثانية: ضوابط تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، د
الناجي
لمين
أكد الدكتور الناجي لمين أهمية اعتبار أن الأصل فيما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم هو على سبيل
التشريع
إلا ما دعى الدليل إلى إخراجه عن هذا الأصل. وعلى أهمية اعتبار نظر علماء القرن الأول والثاني إلى
هذه
الأحاديث وأن الأصل هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم. وأن التمييز لا يوهن من قيمة السنة بين
التشريعي
العام والخاص. ثم عرض لضوابط السنة التي يقصد بها التشريع العام وحصرها في خمسة ضوابط. وكذا الضوابط
التي
تميز ما صدر على سبيل التشريع الخاص وحصرها في ستة ضوابط. وقد عرف مقصوده بالتشريع العام بكونه يعم
كل
المكلفين ولو اختلفت مرتبته من الإيجاب والندب. وعرف مقصوده بالتشريع الخاص ما صدر عنه لسبب أو بحكم
جبلته
المداخلة الثالثة: السنة التشريعية
وغير التشريعية: د. كمال
إمام
عرض الدكتور
للجدل الدائر حول السنة التشريعية وغير التشريعية، وقدم بمقدمتين الأولى بيان صفتي النبي صلى الله
عليه
وسلم: التشريعية والرسالية. والمقدمة الثانية: كون الصحابة لم يكونوا يميزون بين هذين الأمرين من
جهة
الاقتداء لكنهم يميزون بين الاقتداء به محبة له، وما يصدر عنه كوحي وبين أن الموضوع قديم من حيث
البحث وعرض
للتمييز بين اجتهاده واجتهاد غيره وأن اجتهاده من قبيل الوحي، وأنه يجتهد في الدين والدنيا وأن
عصمته تتعلق
بالحكم لا بالاستنباط ثم عرض لدواعي التقسيم وأنه أمران: التماس معرفة الثابت والمتغير. ومعرفة ما
هو من
الدين وما هو من أمر الدنيا لارتباطه بالمصلحة، وذكر اتجاهي النظر إلى السنة: فهناك فريق ينظر إلى
أن السنة
كلها تشريع عام. وفريق ينظر إلى التقسيم وقال إن اتساع دائرة التشريعي لا يقلل من
مساحته.
الجلسة
الرابعة
المداخلة
الأولى: مراعاة الواقع في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، د جميل
مبارك
تعرض الباحث إلى
ضرورة تسديد الاجتهاد، وما لتمييز أحوال النبي من أثر في تسديد نظر الفقيه وتوجيهه، إذ يضع كل حال
في موضعها
المناسب لها، ويستنبط منها الحكم الأقرب لواقعها. وأكد على مراعاة الواقع في أحوال النبي صلى الله
عليه وسلم
وأثره الواضح في توجيه الاجتهاد وتقليل الاختلاف، واستدل على ذلك بأن مراعاة الواقع يمثل أحد
العناصر
الثلاثة للاجتهاد، وبناء على ذلك حصر عرضه في أربعة مباحث:
– إثبات مراعاة
الواقع في أحوال النبي
– استمداد
الصحابة من هذه المراعاة في اجتهاداتهم
– استمداد
الأئمة من هذه المراعاة في مذاهبهم
–
محاذير تنشأ
عن الخلط بين عدم التمييز بين أحوال النبي وأخرى تنشأ عن التفريط في التعامل مع
الواقع.
وخلص إلى
التنبيه على مراعاة الواقع في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم عند استنباط الحكم
المداخلة الثانية: تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم علة وجه
الإمامة
والقيادة في الحرب والسلم. الشيخ مجد مكي
مهد الأستاذ للموضوع بلمحة عن أهمية تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، ومراعاة نوع التصرف
النبوي،
وأورد أحاديث صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه إماما أعظم في مواضيع مختلفة اعتبرها نماذج
وأمثلة في
تحرير الموضوع.
1-الشورى وبناء
السلطة والمشاورة في أدائها.
2- قلع
الشجر
وهدم الأبنية.
3-في قتال العدو
بكل ما يمكن من الأسلحة.
4-في المصالحة
والمهادنة قبل المعركة أوبعدها.
5-في
إعطاء
الأمان في الأفراد أو الدولة.
6-في شأن
الاتفاقيات الدولية في شأن الأسرى والموقف منها.
7-في غنائم
الحرب وأحكامها.
8-في إخراج
المشركين من الجزيرة العربية.
9-في بناء
الكنائس في ديار الإسلام.
10- في
إلغاء السلام على غير المسلمين.
المداخلة الثالثة: إسهام المالكية في تمييز أحوال النبي صلى الله
عليه
وسلم، د مولاي الحسين ألحيان
عرض الباحث إسهامات المالكية في تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وضبطها. ونبه إلى المنهج
المتبع
لاستقصاء تلك الإسهامات من خلال دراسة الصنعة الحديثية عند الإمام مالك في النصوص الحديثية
المعتبرة، وكذلك
جهود فقهاء المالكية المهتمين بالحديث والمعتنين به عند استنباط الحكم وإصداره. والذين أبرزوا
الموضوع في
مناسبات متعددة عند التكييف والتنزيل، ليخلص البحث إلى وضع الضوابط المساعدة على تقنين تلك
التصرفات. وخلص
الباحث إلى أن الإمام مالك قد امتلك رؤية واضحة المعالم مكنته من التعامل مع الأخبار النبوية
بمجموعة من
الموازين والمعايير، وذكر منهجه في ذلك المرتكز على:؟؟ واستحضار القواعد العامة، والأصول المقررة،
وكليات
القرآن الكريم، وعمل أهل المدينة، وأقوال الصحابة وفتاويهم… واعتبرها ضوابط لفهم تلك التصرفات
وملابساتها
ووضعها في سياقها، وتنزيلها على الواقع كلما توفرت الظروف والمناسبات لذلك. وجاء عرضه مرتكزا على
العناصر
الآتية:
1- تصرفات
الرسول صلى الله عليه وسلم بين الفقه والأصول.
2- إسهام
المالكية في تمييز هذه التصرفات وضبطها.
وفصل هذا العنصر
إلى مباحث:
– امتلاك
مالك لرؤية نقدية فاحصة للأخبار.
– كون
جيل مالك
وشيوخه وأتباعه على منهجه في فهم تلك التصرفات.
– ضوابط لفهم
تلك التصرفات على وجوهها الشرعية الحقيقية ومثل لذلك لنماذج تطبيقية لذلك.
توصيات ندوة: ” تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم،
وأثره في
تقليل الاختلاف”
في إطار مشروع البحث العلمي لمؤسسة دار الحديث الحسنية، نظمت المؤسسة ندوة علمية دولية في موضوع: ”
“تمييز
أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ، وأثره في تقليل الاختلاف” وقد دعي للمشاركة في هذه الندوة ثلة من
العلماء
والأساتذة والباحثين المتخصصين من داخل المغرب وخارجه.
وقد سعت الندوة
من خلال جلساتها ومناقشاتها إلى التعريف بجهود العلماء في تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ،
وما صدر
عنه على وجه التشريع أو الإمامة أو الجبلة البشرية، مع التأصيل الشرعي ووضع القواعد الضابطة لذلك،
كما أكدت
الندوة ضمنيا على أهمية تمييز هذه الأحوال في تقليل الاختلاف في فهم السنة وتنزيل
أحكامها.
وقد انتظمت
الندوة في أربع جلسات، تخللتها مناقشات علمية خلص من خلالها المشاركون إلى نتائج مهمة بلوروا من
خلالها
مجموعة من التوصيات نجملها في ما يأتي:
على مستوى
البحث العلمي الأكاديمي :
– الارتقاء بهذا
الموضوع ليصبح مبحثا مستقلا من مباحث «السنة» في أصول الفقه له مقدماته وقواعده وضوابطه ودواعيه
وأسبابه.
– تكليف فرق بحث
بـ :
-1- إنجاز
موسوعة تجمع الضوابط المميزة لتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم ، من خلال كتب الأحكام وشروح الحديث،
على
أساس مراعاة ما هو عام في التشريع وما هو خاص، وعلى أساس دراسة قضايا الأعيان وتحرير الأقوال فيها
مع
الاستغناء عن الضعيف منها واعتماد القوي.
-2- إحصاء
مفردات الموضوع من كتب السنة النبوية والمصادر المعتمدة في الفقه الإسلامي من مختلف
المذاهب.
-3- إعادة
تصنيف كتب السنة النبوية تصنيفا منهجيا يراعي التصرفات والأحوال النبوية.
-4- مراجعة
كتب النوازل لاستخراج القواعد الفقهية التطبيقية المبنية على هذا التمييز.
على مستوى التدريس والتكوين :
– إدخال موضوع
تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم في مناهج أصول الفقه، والفقه لتعويد الطلبة على التعامل المنهجي مع
السنة
النبوية، ونشر هذا الوعي بأنواع التصرفات والأحوال، والإفادة منها في الدراسات الفقهية
.
– اعتماد وحدات
للدكتوراه في موضوع: « التصرفات النبوية التشريعية “الإمامة والقضاء والفتوى” ».
على الـمستوى العلمي الإشعاعي العام:
– إقامة ندوات
أخرى في الموضوع بعناصر ومحاور ذات صلة بامتداداته وتشعباته العلمية.
– تنظيم
ندوة في موضوع: “الاختلاف في الاستدلال بالسنة”.
– تأسيس مركز أو
معهد للدراسات والبحوث في السنة والتشريع.
– جمع الأبحاث
والكتب والأطروحات التي تناولت الموضوع قديما وحديثا لحصر الجهود السابقة في هذا الموضوع، وطبع ما
يصلح منها
للنشر.
– وضع ملخصات
مبسطة لأهم القضايا والنتائج المترتبة عن هذه الندوة وتوزيعها على أوسع نطاق متاح: جامعات- مؤسسات-
تشريعية
أو قضائية أو سياسية.
– طبع أعمال هذه
الندوة في كتاب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين