الديباجة:
عرف الإنتاج الفقهي المالكي ثراء وتنوعا استوعب أضربا من التصنيف عنيت بالاستدلال لأقوال المذهب، وجمع مسائله، إضافة إلى إيلاء عناية خاصة بالفقه العملي الذي أبرزه فقهاء المالكية في كتب النوازل، والفتاوى، والوثائق، وأقضية الحكام.
وقد ازدهر التأليف في الفقه العملي بالأندلس ابتداء من القرن الرابع الهجري، وغلب على مدارس المالكية الذين سلكوا فيه مسلك أهل الأندلس والمغرب.
ويتلخص هذا المسلك في أن عمل القضاة والمفتين السابقين يصير مرجعا للقضاء والإفتاء في النوازل. فما جرى به العمل عندهم نوعان: الأول ـ وهو الأصل ـ هو عمل المفتين والقضاة السابقين، وكان هؤلاء يعتمدون على القول المشهور في المذهب. والنوع الثاني: مسلك مغربي محض، التجأ إليه القضاة والمفتون في العصور المتأخرة، خاصة بعد القرن العاشر. ومعناه: العمل بقول ضعيف أو شاذ لأجل عرف مؤثر، أو ضرورة ملجئة، أو عموم بلوى، أو مصلحة معتبرة.. وهذا النوع أصبح من ثوابت المذهب المالكي، وحَُّلت به مشاكل كثيرة، كمسألة عدالة الشهود: فلما قل الشهود العدول التجأ القضاء إلى شهادة اللفيف: اثني عشر شاهدا، الأمثل منهم فالأمثل. فالأوضاع في العصور المتأخرة تغيرت، وانعدم الورع أو كاد، وضعف وازع الدين، فاضطر العلماء إلى أن يستوعبوا الوضع بحلول يبقى بها المجتمع تحت سلطة الشريعة.
وينبني على دراسة فقه النوازل فوائد منهجية وعلمية واجتماعية، حيث يمكن من خلالها معرفة أحوال المجتمعات من الناحية الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والتعرف على مناهج فقهاء المالكية في القضاء والتقاضي في النوازل، والوقوف على القواعد التي اعتمدوها في حل المشكل من المسائل ومدى مناسبتها للتطبيق في العصر الحاضر.
أهداف الندوة:
تتوخى الندوة تحقيق المطالب الآتية:
ــ إبراز جهود فقهاء المالكية في دراسة النوازل الفقهية ومدى مناسبة توظيف تلك الجهود في الدرس الفقهي المعاصر.
ــ الوقوف على التطور التاريخي للفقه النوازلي عند المالكية.
ــ الوقوف على طريقة فقهاء المالكية في التوصل للحكم الشرعي الملائم للنازلة.
ــ بيان سبل الإفادة مما في الفقه المالكي من قواعد منهجية لمعالجة المستجدات.
نقترح لتحقيق هذه المطالب محورين للدرس والبحث:
المحور الأول: محور تأصيلي نظري، يدور على القضايا الآتية:
ــ
أسباب
عناية المالكية بفقه النوازل.
ــ
خصائص
ومميزات فقه النوازل في المذهب المالكي (استئناف النظر الاجتهادي في النازلة/ ظاهرة تعدد
الفتاوى في
النازلة
الواحدة/ طرائق الاستدلال في تقرير الحكم على النازلة/ أثر الخلاف المذهبي في أجوبة الفقهاء
النوازليين/
العلاقة بين أحكام القضاة وفتاوى الفقهاء في النازلة).
ــ
الفوائد التاريخية والحضارية لفقه النوازل.
ــ القواعد المنهجية لفقه النوازل.
ــ كيف نجعل من فقه النوازل رافدا منهجيا للاجتهاد الفقهي في نوازل العصر؟
المحور الثاني: محور تطبيقي، يعنى بدراسة نازلة فقهية ذات شأن وأهمية في عصرها، ويمكن الإفادة منها في الاجتهاد المعاصر، على أن تأخذ الدراسة بعين الاعتبار العناصر الآتية:
للتطبيق في العصر الحاضر. تتوخى الندوة تحقيق المطالب الآتية:
ــ أهمية النازلة (موضوعها، المفتي فيها، تداعياتها…).
ــ الصناعة الفقهية المستعملة في تحرير النازلة.
ــ أوجه الإفادة منها في معالجة نظائرها من المستجدات.
اليوم الأول 1 مارس 2017 – الجلسة الافتتاحية.
8:30 استقبال المشاركين.
09:00 – 09:07 تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم. القارئ: أحمد الخالدي.
09:08 – 09:15 كلمة السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
09:16 – 09:23 كلمة السيد رئيس جامعة القرويين.
09:24 – 09:31 كلمة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى.
09:32 – 09:39 كلمة السيد مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية.
09:40 – 09:45 كلمة اللجنة المنظمة.
09:45 – 10:00 استراحة.
المحور الأول: تأصيل فقه النوازل عند المالكية.
– الجلسة الأولى برئاسة: د. محمد يسف.
– المقرر: د.احمد
العمراني.
10:00 –
10:20 العرض 1: منهج فقهاء المالكية
في التعامل مع النوازل الفقهية. د. محمد الروكي
(المغرب).
10:22 – 10:42 العرض 2: فقه النوازل ومواكبة الحياة الاجتماعية. د. مصطفى بن حمزة (المغرب).
10:44 – 11:04 العرض 3: فقه النوازل رافد منهجي للاجتهاد الفقهي المعاصر. د. بدر حسن القاسمي (الكويت).
11:06 – 11:36 مناقشة.
– الجلسة الثانية برئاسة: د. مصطفى بن حمزة.
– المقرر: د.
محمد
ناصيري.
11:40 – 12:00 العرض 1: منهج النوازليين المغاربة في تحقيق مناط الفتوى حالا ومآلا. د. محمد المصلح (المغرب).
12:02 – 12:22 العرض 2: تغير الفتوى في النازلة الواحدة عند المالكية: أسبابه وآثاره. د. عبد الكريم بناني (المغرب).
12:24 – 12:44 العرض 3: الاجتهاد التنزيلي وتطبيقاته في ما جرى به العمل عند المغاربة. د. عبد الحليم أيت أمجوض (المغرب).
12:46 – 13:30 مناقشة.
13:30 – اختتام الجلسة.
اليوم الثاني 2 مارس 2017
المحور الثاني: تطبيق فقه النوازل عند المالكية.
– الجلسة الأولى برئاسة: د. جميل مبارك.
– المقرر: د. عبد المجيد محيب.
08:30 – 08:50 العرض 1: فتوى أبي العباس الونشريسي: “أسنى المتاجر في بيان حكم من غلب على وطنه ولم يهاجر”. دراسة في السياق والتأثيرات والآفاق. د. عبد السلام بلاجي (المغرب).
08:52 – 09:12 العرض 2: فقه النوازل عند الإمام الشاطبي- الأسس والضوابط والخصائص. د. عبد القادر طاهري.(المغرب).
09:14 – 09:34 العرض 3: الصناعة الفقهية في فتوى الشاطبي في جواز الاشتراك في الألبان وخلطها لاستخراج زبدها وسبل الاستفادة منها في القضايا المعاصرة. د. ماهر حسين حصوة.(عمان).
09:36 – 09:56 العرض 4: دراسة نازلة في حكم أموال الظلمة ومستغرقي الذمة بالحرام عند المالكية. د. أحمد عزيوي (المغرب).
09:58 – 10:30 مناقشة.
10:30 – 10:45 استراحة.
– الجلسة الثانية برئاسة: د. ادريس الفاسي الفهري.
– المقرر: د. عبد الهادي الخمليشي.
10:45 – 11:05 العرض 1: المنظور الحضاري في النوازل الفقهية بالغرب الإسلامي. د. أحمد الخاطب (المغرب).
11:07 – 11:27 العرض 2: حقوق المرأة العاملة عند النوازليين المغاربة:” حق الكد والسعاية نموذجا”. د. كمال بلحركة (المغرب).
11:29 – 11:49 العرض 3: فتوى الشيخ محمد قريو المصراتي الليبي : أضواء على جواز بيع الحيوان حيا بالوزن. د. علي عمران الكميتي أبو شعالة (ليبي مقيم في المغرب).
11:51 – 12:11 العرض 4: ظاهرة تعدد الفتاوى في النازلة الواحدة من خلال النوازل الفقهية السوسية. د. محمد بوت (المغرب).
12:13 – 12:45 مناقشة.
– الجلسة الختامية:
12:47 – 13:07 قراءات شعرية: د. عبد الهادي حميتو/ إبراهيم مازوز.
13:10 – 13:20 قراءة البيان الختامي والتوصيات.
13:20 – اختتام أشغال الندوة.
البيان الختامي لندوة
“النوازل الفقهية عند المالكية تأصيلا وتطبيقا”
المنعقدة بمؤسسة دار الحديث الحسنية
يومي 2و3 جمادى الثانية سنة 1438
الموافق 1و2 مارس 2017
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد،
فقد احتضنت رحاب مؤسسة دار الحديث الحسنية ندوة دولية في موضوع “النوازل الفقهية عند المالكية تأصيلا وتطبيقا”، أطرها ثلة من العلماء والباحثين، من داخل الوطن وخارجه، أعدوا بحوثا قيمة ناقشوا فيها وعلى مدى يومين (فاتح وثاني مارس من سنة 2017)، أصول النوازل الفقهية عند المالكية وخصائصها المميزة، وشروطها، وضوابطها، ودرسوا عددا من النوازل التي عالجت قضايا مختلفة، أجابت عن مشكلات سياسية، وأوضاع اجتماعية، وأمور في العبادات، ورصدوا الثراء الذي تميزت به هذه النوازل، والقدرة على استيعاب مختلف ظروف العصر، وأحوال شرائح المجتمع؛
وقد خلصت الندوة المباركة، إلى نتائج واقترحت توصيات
أولا: النتائج:
ومن النتائج التي خلصت إليها الندوة
1) لابد من التمييز بين الفتوى الشرعية،
والتوجيه
والإرشاد، وفتاوى الأفراد التي لا تخرج عن كونها توجيها، فالأولى تعنى بالقضايا التي تهم
الدولة، والشأن
العام، وتختص بها مؤسسة تحت رعاية ولي الأمر، والثانية تتعلق بحياة الناس اليومية كأفراد.
2) أحاط العلماء مؤسسة الإفتاء بطائفة من
القواعد
والضوابط والشروط تحصينا للفتوى الشرعية من التسيب والفوضى، كاشتراط استيعاب الفقيه
النوازلي
لواقعه، ومشاكل الحياة فيه، وانخراطه في شؤونه اليومية، مع إتقانه للمذهب أصولا وفروعا ونظائر
وفروقا،…ويعتبر تغير فتواهم في النازلة الواحدة من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان دليلا على
ذلك.
3) لابد من التمييز بين فقه التأصيل الذي يهتم
بالأحكام
مجردة
عن الزمان والمكان والإنسان، وفقه النوازل الذي يهتم بتنزيل الأحكام على محالها، مما يبقي
المجتمع
الإسلامي
تحت سلطان الشريعة، فيعالج الحالة العادية بما يحسنها، وحالة الضرورة بما يناسبها.
4) إن فقه النوازل يدل دلالة قطعية على أن الاجتهاد لم ينقطع في يوم من الأيام، وأن القرار بِسَدِّ بابه إنما هو قرار أصولي، القصدُ منه تحصين مبدإ الاجتهاد.
5) كتب النوازل تعكس قيمة المنجز الحضاري في الفقه المالكي من خلال ترسيخ قيم التعايش، والاندماج بين أهل الديانات المختلفة تحت سلطة واحدة.
6) المذهب المالكي -شأنُه شأنُ باقي المذاهب الأخرى- مستغنٍ بقواعده الفقهية والأصولية، متميزٌ بمنهجه في التعامل مع أدلة الشرع الإجمالية.
7) المذهب المالكي من أكثر المذاهب الفقهية ثراء في مجال النوازل والفتاوى، وفقهاؤه -لا سيما المغاربة منهم- من أكثر الفقهاء اشتغالا بالفتوى وسبب ذلك تميزه بكثرة أصوله، النقلية والعقلية، مما يعين الفقيه النوازلي على الاستجابة لحاجات العصر، وما يعرض للناس من نوازل.
8) لقد سعى فقه النوازل في المذهب المالكي إلى عدم الإبطال الإجمالي للأوضاع، فالفقهاء المالكية كانوا يتعاملون مع أفعال المكلفين تعاملا إيجابيا في كل الظروف؛ فلا يَنْزَوُون في الظروف الصعبة ويتركون المجتمع وشأنَه، ولا يَجْمُدون على أحكام لا تُحَقِّق العدل، أو يتعذر تطبيقُها، أو يختل بفرضها النظام العام للمجتمع.
9) فقهاء منطقة سوس وفاس أكثر العلماء اجتهادا في النوازل.
10) الفتوى من حيث الاستدلال عليها أو عدمه مرتبط بمن توجه له، هل هو من عامة الناس، أو من العلماء.
11) إن الاعتراض والتعقيب في فقه النوازل، من أهم صور الرقابة العلمية على مجال الفتوى الشرعية.
12) تعد كتب النوازل مصدرا للباحثين في مختلف التخصصات، لما تزخر به من مادة علمية تفيد في معرفةُ أحوال المجتمعات التي حدثت فيها هذه النوازل، كما أنها تفيد في إغناء أحكام القضاء، والفتوى.
13) لقد تبين من خلال دراسة عدد من النوازل، أن بعضها تميز بالشذوذ والخروج عن الإجماع، وبعضها خرج مخرج الاستثناء والضرورة، وعليه فلا تكون مستندا عاما في الإفتاء المعاصر.
ثانيا: التوصيات:
ومن توصيات الندوة المقترحة
1) فقه النوازل طبق فيه مبدأ المصلحة والمآل واعتبار الذرائع، وغير ذلك من الأصول العامة والقواعد المقاصدية، لذا وجب اعتماده في التدريس، وإخراج ما بقي مخطوطا منه، ودراسته.
2) إحداث موسوعة لفقه النوازل مصنفة تصنيفا موضوعيا أو أبجديا، مع فرز القواعد والأصول التي يكثر التجاء النوازليين إليها قصد استثمار كل ذلك للإسهام في حل القضايا المستجدة في عصرنا.
3) الاهتمام بمصطلحات الفقه المعبرة عن الحقوق والمكتسبات،
4) إعداد بحوث جامعية لتحقيق التوصيات الثلاثة المذكورة.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان الكبير لمدير هذه الدار العامرة، فضيلة الأستاذ الدكتور سيدي أحمد الخمليشي، الذي دأب على تشجيع البحث العلمي وترشيده، وبعث روح الإبداع فيه، ونشكر الشكر الجزيل وزارة الأوقاف التي حرصت على إنجاح هذا العمل ويسرت له ما يحقق ذلك، وكذلك نشكر السيد رئيس جامعة القرويين الأستاذ الدكتور أمال جلال، الذي يشجع على البحث العلمي وساعد في إنجاح هذه الندوة وكذا الأطر العاملة بالرئاسة. كما لا يفوتنا أن نتقدم بشكر خاص للسيد الكاتب العام الدكتور محمد اليعلاوي الذي سعى دائما ويسعى لتذليل كل الصعوبات في سبيل إنجاح الأنشطة العلمية، التي تقام بهذه المؤسسة، فله منا كل التقدير، ونتقدم بالشكر الخالص والامتنان الكبير للمشاركين ببحوثهم السادة العلماء والباحثين الذين جادوا بأبكار أفكارهم، وأفادوا بسديد خبرتهم، وتجشموا مشقة السفر فنسأل الله تعالى أن يجعل علمهم وعملهم صدقة جارية. ونخص بالذكر في هذا المقام أيضا مع كامل الاحترام والتقدير فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الحميد عشاق المدير المكلف بالبحث العلمي، الذي يعود له فضل كبير في نجاح هذه الندوة، فقد تتبعها منذ كانت فكرة، إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة، وأتبع الليل بالنهار لكي ترقى إلى المستوى الذي يليق بالدار، ولا ننسى الدكتورة نادية حليم المكلفة بمهمة المدير المساعد التي لم تتوان في تقديم كل أنواع العون والمساعدة، فلها كل الشكر والتقدير، ولكل أفراد اللجنة العلمية المشرفة على الندوة كل التقدير والشكر على صبرهم وتفانيهم وتكاملهم بنكران للذات، ولرؤساء المصالح والموظفين العاملين بهذه المؤسسة أثر بارز في إنجاح هذا المحفل البهيج، فلهم الشكر الخاص ونخص بالذكر الأستاذة حنان بنشقرون والأستاذة بشرى فؤاد.
وحرر بالرباط، مؤسسة دار الحديث الحسنية بتاريخ:
3 جمادى الثانية سنة 1438
الموافق 2 مارس 2017