اليوم الدراسي في موضوع:
الفقه العملي بالمغرب، خصائصه ومجالاته:
الفتوى، التشريع، القضاء
بتاريخ الخميس15 ماي 2025.
الديباجة:
يعد الفقه العملي المالكي مقوما من مقومات التشريع المغربي في مجال الأسرة والميراث والمعاملات والوقف؛ فضلا عن كونه سندا للفتوى ومرجعا للقضاء وموضوعا للدرس الفقهي الأكاديمي ومادة للبحث العلمي الجامعي. ويدخل في الفقه العملي كل الأحكام الفقهية التي نالت حظها من التطبيق الواقعي والممارسة الفعلية منذ زمن استنباطها ومازالت تطبق عمليا إلى الآن؛ سواء تلك المتعلقة بالعبادات والمعاملات وكانت موضوعا للفتوى ومازالت، أو تلك التي تولتها أيدي الصياغة القانونية وكانت موضوعا للتشريع سابقا وحاليا، أو تلك التي أعملها القضاة وجعلوها أحكاما للنوازل القضائية قديما وحديثا، ويدخل تحتها أيضا جميع الأحكام الفقهية القابلة للتقنين حاضرا أو مستقبلا. وفي جميع الأحوال لا تندرج ضمن الفقه العملي الأحكام المتجاوزة التي لم يعد العمل بها قائما في وقتنا الحاضر؛ مثل أحكام العبيد والإماء والقسامة وغيرها، و كل الأحكام الاجتهادية التي وُضعت لزمانها ولا تصلح لزماننا هذا؛ مثل حق الماكلة (حق الولي في بعض الصداق)، والحق في شهادة الاستحفاظ أو الاستغفال… وأمام ما تزخر به المكتبة المغربية عموما، وخزانة مؤسسة دار الحديث الحسنية خصوصا، من إنتاجات علماء المغرب في هذا المجال قديما وحديثا؛ فإن الحاجة قد اشتدت اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى النهوض بهذا الفن الفقهي المتميز؛ من أجل إبراز خصائصه واكتشاف درره، والكشف عن عبقرية الفقيه المغربي، واستمداد قواعد منهج الاجتهاد والنظر من التراث الفقهي العملي المغربي الخالص المخطوط منه والمطبوع، لا من المؤلفات والكتب فحسب، وإنما أيضا من العقود والسجلات والحوالات الحبسية والنصوص القانونية والمنشورات والمذكرات الوزارية والأحكام والقرارات القضائية واللائحة طويلة… وقد كان لمؤسسة دار الحديث الحسنية وما زال دور ريادي في خدمة هذا النمط من الفقه خدمة أكاديمية متميزة، يشهد لها بذلك طبيعة الدرس الفقهي الذي يتلقاه طلبتها، وقيمة الأطاريح الفقهية المنجزة بها ونوعية الدراسات والكتب التي تنشرها.
الأهـــــداف:
يهدف هذا اللقاء العلمي إلى بلورة رؤية أكاديمية جديدة إزاء الفقه العملي المغربي الذي يمثل خصوصية فريدة في المدرسة المغربية المالكية، هذه الخصوصية التي لا يكفي الإشادة والتنويه بها إعلاميا وثقافيا، وإنما يجب أن تشغل بال الباحثين الأكاديميين؛ لأنها تشكل جزءا من النواة الصلبة للنظام العام المغربي على مستوى ضبط التشريع والفتوى، وتسديد النظر الفقهي والتوجيه الديني، وما يترتب عن ذلك من ترسيخ قيم الأمن التعاقدي والقضائي واستقرار المعاملات في المجتمع المغربي المعاصر. ومن أجل تحقيق الهدف المنشود، يروم هذا اللقاء تقديم أجوبة ناجعة عن أسئلة قاصدة تحددها هذه الورقة فيما يلي:
- أولا: أين تتجلى خصائص المدرسة الفقهية المغربية في مجال الفتوى والقضاء والتشريع؟
- ثانيا: إلى أي حد استطاع فقهاء المغرب استثمار الاجتهاد المصلحي في إيجاد أحكام فقهية لمسائل غير منصوصة؟
- ثالثا: كيف يمكن الموازنة بين الأحكام الفقهية الأصلية المستنبطة من نصوص الشريعة، والأحكام الفقهية التي استنبطها فقهاءالمغرب من العرف الاجتماعي السائد باعتباره مصدرا تشريعيا؟
- رابعا: كيف وظف فقهاء المغرب عنصر تحقيق المناط في تعاملهم مع الأحكام المرتبطة بالمصلحة المرسلة؟
- خامسا: ماهي الخطوات المنهجية التي يمكن أن يسلكها الباحث في مؤسسة دار الحديث الحسنية من أجل الإفادة من إنتاج فقهاء المغرب في مجال الفقه العملي؛ على مستوى التعامل مع المؤلفات والأحكام القضائية والعقود المعاملاتية والأسرية والحوالات الحبسية والنصوص التشريعية وغيرها من الوثائق ذات الصلة بهذا الموضوع؟
المحــــــاور:
من أجل توحيد الأفكار وتوجيه النقاش في هذا الموضوع العلمي الدقيق والمتميز، ارتأت اللجنة العلمية لهذا اليوم الدراسي أن تحدد في هذه الورقة الموطئة محاور استئناسية، من خلالها يمكن للسادة الأساتذة المتدخلين مدارسة الأسئلة المطروحة؛ قصد تقديم ما تجود به قرائحهم من أفكار نيرة واقتراحات سديدة؛ من شأنها أن تخدم الدرس الفقهي الجامعي الأكاديمي، الذي يعد رافعة أساسية لأي مشروع قانون يهدف إلى تقنين جديد أو تعديل قانون سابق أو تحيين أحكام إجرائية أو موضوعية حالت دون تطبيقها السليم إكراهات واقعية أو صعوبات عملية. وعليه فإن الجوانب العلمية المرجو مدارستها في هذا اللقاء، كلما كانت منصبة على خصائص المدرسة المغربية في مجال الفقه العملي؛ سواء على مستوى المناهج أو الإنتاج أو الأعلام أو على مستوى القضايا والقواعد، كانت أفيد للطالب وأقرب إلى تحقيق الهدف. وتفاديا للتكرار وحرصا على أن تكون المداخلات متكاملة، ارتأت اللجنة العلمية تحديد المحاور الآتية:
- المحور الأول: الفتوى المغربية في مجال الفقه العملي تحديدا (الأسرة، الميراث والوصايا والتنزيل، عقود المعاوضة والتبرع،الوقف…)
- المحور الثاني: التشريع المغربي المستمد من الفقه المالكي (مدونة الأسرة، مدونة الحقوق العينية، مدونة الأوقاف، الماليةالتشاركية…)
- المحور الثالث: الاجتهاد القضائي في مجال الفقه العملي (الأسرة، الحقوق العينية، الميراث والوصايا والتنزيل، الوقف).